مُؤلمٌ جدًا رؤية أحد قياديي المجتمع العربي جالسًا في قفص الاتهام، والمؤلم أكثر رؤية ومشاهدة أسراب المغردين العرب الشامتين، والذين فاقت مواقفهم مواقف المتطرفين اليهود حيث ظهرت الشماتة الواضحة على وجوههم بالحالة التي وصل إليها عضو الكنيست، باسل غطاس، اذ سارع الكثيرين بإصدار الحكم عليه حتى قبل أن يخضع للتحقيق البوليسي.

حقيقة لا ينتطح فيها عنزان ان التصرف الذي قام به عضو الكنيست، باسل غطاس، هو تصرف غير مسؤول ولا يليق بقيادي بارز انتخبه الجمهور واوصله الى الكنيست لخدمة مصالحهم، وليس ليخاطر بمنصبه ومستقبله وحريته، وليستغل مركزه ليشغل دور "المُهرِب".

حقًا تألمت لمشاهدة باسل غطاس وحيدًا في قفص الاتهام في المحكمة صباح أمس في الوقت الذي فضل معظم شركائه في المشتركة التلحف في اسرتهم مستمتعين بالدفء بعيدًا عن برد كانون الثاني، ولكن قبل ان نعتب عليهم، علينا محاسبة غطاس أولًا لارتكابه عملًا جنائيًا مخالفًا للقانون ونتائجه مأساوية على الأسرى ثانيًا حيث لن يسمح بعد اليوم بتاتاً لأعضاء الكنيست زيارة السجناء الأمنيين، وكأنه لا يكفيهم التضييقات الحالية بخصوص الزيارات وخاصة تقييد المحامين اثناء الالتقاء بهم ومقابلتهم من وراء زجاج فقط، وذلك بعد ضبط عدد من المحامين الذين غلب عليهم الجشع لكسب المال، وهم يحاولون تمرير هواتف نقالة للأسرى.

اعتقال غطاس جاء نتيجة للتصرف الغير مسؤول، وكان عليه ان يعي نتائج هذا التصرف ويتركه لم يتقن القيام بذلك، وليس سرًا ان هناك طرقًا شتى لتهريب الأغراض المختلفة إلى داخل السجون ومقابل عشرات الآلاف من الشواقل.

ولا أؤيد الادعاء بأن الاعتقال هو نتيجة الملاحقة السياسية فهذا العمل فردي وقرار غطاس بهذا كان مستقلًا ولا علاقة للجمهور العربي به، ولا أود أن أخوض إلى دوافع القيام بهذا العمل اهو استجابة للواجب الإنساني والوطني، ام مقابل الاغراء المادي؟ واتمنى ان لا يكون لعنصر المال اي دور بهذه القضية.

والملفت للنظر أن ضبط عضو الكنيست غطاس متلبسًا جاء إثر معلومات استخباراتية وصلت أجهزة الأمن وجعلتها تستعد مسبقًا وتوثق ما حدث أيضًا. والسؤال كيف وصلت هذه المعلومات لأجهزة الأمن ومن الواشي الذي غدر بالسيد غطاس؟ هل هو أحد رفاق حزبه المقربين ام عنصرًا عميلًا من الجهة التي أوكلت مهمة تهريب الهواتف إلى الأسرى داخل السجن؟

لا شك أن الحالة التي وصل اليها حزب التحمع مؤلمة جدًا، ويظهر جليًا الفرق الشاسع ما بين تجمع د.عزمي بشارة وبين تجمع من خلفوه في القيادة، وليس سرًا ان اوراق هذا الحزب قد اختلطت وفقد الكثير من صبغته "البرتقالية" بعد ابتعاد د.بشارة عن القيادة، حيث، ومن أجل البقاء، وخوفًا من خطر الاندثار والتلاشي من المشهد السياسي المحلي، فتح الحزب أبوابه لدخول الكثير من القوى البشرية الواردة من مجمعات سياسية ومدنية شتى، وقد يكون بعضها مبرمجًا وموجهًا لخرق السفينة واغراق راكبيها. ولا ننسى اقتران اسم الحزب بالأموال القطرية الوافدة من الخارج، ولا يوجد ادنى شك، بان المال السياسي يفسد العمل والأداء الوطني، ويؤدي إلى إضعاف مركز وموقع الحزب وقيادته لدى الجمهور كما حدث مؤخرًا اثر قضية الاعتقالات التي عصفت بالحزب بتهمة تبيض الأموال الانتخابية كما ادعت أجهزة الأمن.

وعودة إلى السيد غطاس واتمنى ان يتمخض الجبل فارًا في قضيته، ولكن لا بد من الاعتراف بالحقيقة ان الضرر قد حصل، وليس بالضرر الضئيل وإنما ضررًا لا يمكن إصلاحه وخاصة بالنسبة للأسرى الذين ستحرمهم المؤسسة الإسرائيلية من أدنى الحقوق الديموقراطية ومنها امكانية زيارات أعضاء الكنيست العرب، وحتمًا سيتم التشديد ووضع الشروط التعجيزية على المحامين أثناء مقابلة هؤلاء الاسرى ايضًا.

وأخيرًا، كنت اتمنى على قيادة حزب التجمع بشكل خاص استخلاص العبر من هذه القضية، وكنت أتمنى من الإطار المسمى القائمة المشتركة الوقوف وقفة قيادة شجاعة واتخاذ قرار جماعي مسؤول بإدانة هذا التصرف أولًا وفي المقابل العمل بكل صدقٍ لدى نظرائهم من اليهود لإنهاء هذا الملف سريعًا وتحييد رفيقهم عضو الكنيست غطاس من الضرر الذي لا تحمد عواقبه..

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]