صادقت اللجنة الوزارية البرلمانية للتشريع، مساء الأحد المنصرم، على مشروع قانون "المؤذن".
انّ هذا القانون يمنع استعمال مكبّرات الصوت في المساجد.
مؤيدو هذا القانون يدّعون بأنّ هدف القانون هو منع الضجّة المنبعثة من استعمال مكبّرات الصوت خلال الاذان في المساجد وذلك لمنع ازعاج الناس الذين يقطنون قرب المساجد.
امّا المعارضون فانهم يأكدوا ان هذا القانون ما هو الا قانون سياسي وقومي وهدفه الوحيد طمس المعالم القومية العربية والدينية الاسلامية لهذه البلاد.
يتضّخ جلياً في وسائل الاعلام ان النقاش الدائر بين المعارضين والمؤيدين يتمحور حول الأبعاد السياسية والقومية لهذا القانون دون التطرّق الى فحواه مما يجعل النقاش نقاشا سطحياً.
في هذه المقالة القصيرة، فإنّني اتبّع منهجيّة اخرى وهي قراءة في فحوى القانون واستخلاص أهدافه الحقيقية من فحواه.
وعلى الفور، فإنّ نتيجة قراءتي لهذا القانون وتحليله، بان هذا القانون هو فعلاً قانون سياسي يميني وقومي يهودي وهدفه الوحيد هو طمس المعالم القومية والدينية الاسلامية في هذه البلاد.
انّ هدف القانون ليس منع الضجّة وإنما هدفه الحقيقي منع الاذان وإيصاله الى مسامع الناس.
وانا أيضا اتفّق مع هذا الرأي لأنّ هذا القانون قد سنّ من دوافع قومية سياسية وليس من باب الحفاظ على هدوء وسلامة المواطنين ، ولكنني أصل الى هذه النتيجة من زاوية قانونية بحتة، حيث انّ قراءة في فحوى القانون تؤدي الى نتيجة واحدة ووحيدة انّ أهداف هذا القانون هي أهداف قومية سياسية بعيدة كلّ البعد عن الأهداف المعلنة للقانون.
انّ مشروع القانون ما هو إِلَّا تعديل للبند رقم 2 من قانون منع الضجّة من سنة 1961 والذي يدعى قانون كينوفيتش ، ينص هذا القانون انه ممنوع إصدار ضجَّة قوية او غير معقولة من كل نوع كان والتي تزعج او ممكن ان تسبب إزعاجا او ضررا للأشخاص الموجودين بالقرب منها.
هذا القانون مكتوب بشكل عام لا يفصّل ما هي الضجّة المعقولة وكيفية قياسها.
في عام 1990، أضيفت تعليمات لهذا القانون عرّفت ما هي الضجّة الغير معقولة وكيف يمكن قياسها.
وقد ميّزت هذه التعليمات بين انواع مختلفة من البنايات وبين الضجّة في ساعات النهار وفِي ساعات الليل.
وقد نصّ القانون أيضا على انّ احداث ضجَّة غير معقولة فهو جريمة يعاقب عليها القانون والتي تصل عقوبتها الى حدّ السجن والغرامة المالية.
انّ مشروع القانون الجديد مؤلف من بند واحد وهو تعديل البند الثاني من القانون الأصلي والذي ينصّ على ان استعمال مكبّرات الصوت يحدث ضجة قويّة وغير معقولة وبناءا عليه، فانه يعتبر جريمة قانونية يعاقب عليها القانون.
على ضوء ذلك، يتجلّى ان مشروع هذا القانون يجرّم كل اذان يستعمل فيه مكبرّات الصوت حتّى لو كان هذا الاذان لا يحدث ضجَّة قويّة او غير معقولة.
ومن هنا فإنّ احداث ضجَّة قوية او غير معقولة من أيّ مصدر كان هو مسموح في القانون إِلَّا اذا كان مصدرها المساجد.
على سبيل المثال، اذا كان مصنع يعمل ليلا ويحدث ضجة وهي لا تعتبر ضجَّة قوية حسب المعايير الخاصة لقياس الضجّة، فإنّ هذا المصنع لا يجرّم اما اذا كان المسجد يصدر ضجَّة بنفس المقدر فإنّه يجرّم.
بشكل عملي، القانون يمنع إصدار أيّ ضجة من المساجد حتى لو كانت ضجَّة لا تسبّب إزعاجا للآخرين ومن هنا يتضّح ان سبب هذا القانون هو ليس منع الإزعاج للآخرين وإنما منع الاذان كما ذكرت آنفا.
من العجيب انّ النوّاب الذين اقترحوا هذا القانون يحدّدون بشكل صريح انّ استعمال المكبّرات في المساجد يحدث ضجَّة قويّة او غير معقولة وعليه فهي غير قانونية دون ان تخضع هذه الضجّة لأي قياس كان.
بالنسبة لهم، أيّ صوت ينبعث من المساجد يعتبر ضجَّة غير قانونية بينما أيّ ضجَّة من اَي مصدر اخر يجب ان تخضع للقياس حتّى يقرّر أنّها ضجَّة غير قانونية.
ونؤكد لو كان هدف هذا القانون هو منع ازعاج الآخرين عن طريق إصدار ضجَّة قوية او غير معقولة فإنّ القانون الأصلي والذي يمنع الضجّة يتكفّل بذلك ولا حاجة لقانون خاص يختصّ بالمساجد.
وعليه، فإنّ الهدف من وراء سنّ هذا القانون هو منع إصدار اَي صوت ينبعث من المساجد وليس منع الضجّة التي تزعج الآخرين.
[email protected]
أضف تعليق