"يعتبر مرض السكري من اكثر الامراض انتشارا في العالم، وتشير منظمة IDF الفدرالية العالمية للسكري ان عدد مرضى السكري حول العالم يقدر بنحو 405 مليون مصاب العام الماضي، ومن المتوقع ان يصل العدد الى 595 مليون مصاب عام 2035.
نسبة المصابين العرب حتى جيل 80 تصل الى 6.5%
وفي إسرائيل يوجد حوالي 580 الف مريض بالسكري وفق المعطيات الأخيرة، ونحو نصف مليون مريض مصنفين ضمن ما قبل السكري، ونسبة المصابين العرب من جيل 0-80 عاما هي نحو %6.5% ، والنسبة الإجمالية لدينا اقل من النسبة لدى المجتمع اليهودي (حيث تبلغ نحو %8) لان مجتمعنا شاب أكثر نسبيا، اما نسبة المصابين بالسكري في المجتمع العربي من جيل 45 عاما فما فوق فتصل الى نحو %12، وهذه نسبة عالية جدا". هذا ما قاله د. زهدي إغبارية، اختصاصي أمراض السكري والغدد الصماء واختصاصي امراض باطنية، في شهر التوعية حول مرض السكري.
د. زهدي اغبارية: تغيير نمط حياتنا العربي الى غربي يلعب دورا كبيرا بالاصابة بالسكري
وتابع د. زهدي اغبارية في حديثه عن اسباب زيادة انتشار مرض السكري في المجتمع العربي وقال: "هنالك عدة اسباب منها اختلاف نمط حياتنا، ومنها العامل الوراثي، حيث تلعب العوامل الوراثية دورا هاما وتزداد القابلية للإصابة بالسكري عندما يكون احد الوالدين او كلاهما يعانيان من السكري، لكن ايضا تغيير نمط حياتنا العربي الى غربي يلعب دورا كبيرا، ومنها العادات السيئة كتناول الوجبات السريعة على اختلاف انواعها، وتناولها أيضا في ساعات متأخرة من الليل، كذلك الامر الآخر هو نمط الحياة الخامل، في السابق اعتاد العاملون التوجه الى عملهم سيرا على الإقدام اما اليوم تقريبا لا يخرج العمال سيرا، ولا يتوجهون الى العمل اذا لم تتوفر سيارة لنقلهم، والنشاط الجسماني انخفض بشكل كبير، كذلك التدخين في الوسط العربي وعادات تدخين السجائر او الأراجيل، السمنة، في الوسط العربي يعاني الرجال والنساء من البدانة وزيادة الوزن.
تمضية الوقت امام شاشة الحاسوب والتلفاز وتأثيرها على الأطفال
في السابق كان الأولاد يلعبون في الأحياء، اما اليوم فالأولاد يجلسون في البيوت خلف شاشات الحواسيب والتلفزيونات ولا يمارسون نشاطا جسمانيا مما يزيد من البدانة، كذلك لا توجد لدينا توعية وزيادة للمعرفة والدراية حول مرض السكري، فكلما زاد الوعي حول المرض كلما زاد الوعي اكثر لاتباع نمط حياة صحي وسليم، ان كان من خلال تناول الأدوية، اتباع الحمية، ممارسة نشاط رياضي، وغيرها، فكلما قلت درجة الوعي تزداد نسبة الإصابة بالسكري، كذلك بالنسبة للطعام، فاليوم للأسف الشديد المطابخ لدينا تغيرت بشكل كبير، والأغذية التي نتناولها غنية بالدهون المشبعة والنشويات والكاربوهيدرات ، التي تزيد من كمية السعرات الحرارية التي ندخلها الى الجسم الأمر الذي يزيد من مخزون الدهنيات ويؤدي الى السمنة وقابلية الاصابة بالسكري، وقليل ما نشاهد الأغذية الغنية بالألياف المفيدة في علاج السكري ومنعه.
تطور السكري من نوع 2
البدانة هي عامل الخطر الرئيسي لتطور السكري من نوع 2، وذلك صحيح بالنسبة للجنسين ، تشير الاحصائيات الى ان 80% من مرضى السكري يعانون من الوزن الزائد، و 46 % من البدانة. للاسف فان انتشار السمنة لدى البالغين والمراهقين، والاطفال عند العرب هو من بين الاعلى على مستوى العالم حيث يصل الى 55% لدى النساء البالغات و 30% لدى الرجال البالغين في حين ان معدل انتشاره لدى المراهقين والاطفال يصل الى 14%.
ومضى د. زهدي إغبارية في حديثه: "يزيد ارتفاع مستوى التعليم من نسبة الوعي حول مخاطر وعوامل انتشار السكري من نوع 2، مضاعفاته وسبل اختيار انماط الحياة ومنع الاصابات والمضاعفات التي تحدث بسبب السكري، ومن بين هذه الإصابات اعتلال الشبكية، حيث يهدد ثلث الأشخاص الذين يعانون من السكري من النوع الثاني باعتلال الشبكية بعد نحو 10 اعوام من الاصابة بالسكري، وقسم كبير يصاب بالعمى، الامر الآخر اعتلال الكلى والإصابة بقصور في عمل الكلى، كذلك الاعتلال العصبي خصوصا بالأرجل مما يسبب اوجاع، وجروح في الأرجل وعلى المدى البعيد قد يؤدي الى بتر القدمين، اليوم أكثر سبب لبتر القدمين هو السكري بينما في السابق كان السبب الأول هي الحروب او حوادث الطرق، كذلك هنالك خطر الاصابة باعتلال الأوعية الدموية الكبيره والصغيره مما يسبب سكتات قلبية او جلطات بالدماغ ويسبب ايضا الضعف الجنسي للرجال والنساء، لذلك على كل انسان ان يحافظ على صحته وعدم اهمال المرض".
علاجات اليوم، تختلف عن السابق
اما عن علاج السكري، فقال د. زهدي اغبارية: "العلاجات اليوم تختلف عن العلاجات في السابق وهي متطورة أكثر، لكن العلاج يبدأ بتغيير نمط حياتنا وان نمارس الرياضة والنشاطات الجسمانية ونظام غذائنا مهم جدا ويجب تناول الأكل في البيت وتناول الغذاء العربي الصحيح الغني بالبقوليات والغني بالألياف وان نقلل من النشويات والدهون المشبعة ونقلل حتى من اللحوم ومن الملح لنقلل ضغط الدم، ونحافظ على جسمنا من خلال الغذاء السليم، الأمر الآخر هو النشاط الجسدي ومن المهم ان نمارس التمارين الرياضية والمشي السريع، وليس شرطا ارتياد النوادي الباهظة ودفع مبالغ طائلة على الانتسابات، ويكفي ان يشتري الشخص حذاءً رياضيا وان يمارس المشي، ومن المهم المحافظة على المشي السريع والمتواصل ونحتاج الى السير لحوالي نصف ساعة يوميا، او 45 دقيقة لـ 5 أيام في الأسبوع، ومن يمارس رياضة اخرى كالسباحة ركوب الخيل او الدراجات او تمارين في النوادي يستطيع القيام بذلك بدون مشاكل، بالنسبة للنساء العربيات فان الحواجز الثقافية وقلة المرافق الرياضية تردعهن عن الانخراط في النشاط البدني، فمن المهم ان تمارس النساء الرياضة والسير وبالامكان القيام بذلك على شكل مجموعات أقارب مثلا لان ذلك يشجع على الاستمرار بهذه الرياضة، وصديق يحضر صديق، كذلك يجب اخذ الأدوية اللازمة، في السابق كانت الادوية محدودة جدا والانسولينات كانت صعبة التعامل وتحقن بحقن قديمة وتتطلب مساعدة احد افراد العائلة، وتسبب مشاكل للمريض كارتفاع الوزن، هبوط السكر المفاجئ، وتغيير نظامة اليومي اما اليوم الوضع مختلف.
وفي السنوات العشر الأخيرة أدخلت الى السوق ادوية جديدة، وكلها مفيدة لعلاج السكري مع نمط الحياة الصحيح، مثل الانكريتينات التي تحفز افراز الانسولين من خلايا بيتا ومنع افراز الغلوغا غون، وتحسن مستويات السكري عندما يكون مرتفعا، ويوجد منها الاقراص او الحقن منها قصيرة الأمد مثل اللوكسوميا وتساعد على خفض السكري بعد الوجبات بشكل ملموس، وتوجد انكريتينات بالحقن طويلة الأمد، ويجب مراجعة الطبيب في هذا الامر، كذلك تساعد الانكريتينات على خفض الوزن، وتخفض من ضغط الدم ومستوى الكوليستيرول السيء وتقلل من تصلب الشرايين وامراض القلب والكلى ولا تتطلب فحص مستوى السكر بالدم، اما من ناحية الانسولين فتوجد اليوم انواع ممتازة من الانسولين الاساسي والتي تعمل 24 ساعة او 34 ساعة او 42 ساعة ولا تسبب انخفاضا مفاجئً بالسكر، كذلك الحقن تغيرت وتطورت وهي بمثابة اقلام للحقن وسهلة للاستعمال وهي صغيرة جدا وناعمة ولا تسبب الأوجاع عند حقنها، واليوم يوجد انسولين جديد "توجيو" يعمل لـ 34 ساعة ويقلل من ارتفاع الوزن، ولا يسبب الانخفاض المفاجئ، كذلك توجد أدوية تساعد على افراز السكر بالبول وموازنة السكر خفض ضغط الدم وتنزيل الوزن، وغيرها من أدوية متقدمة التي يمكن اعطائها لوحدها او مع ادويه من مجموعات مختلفة او سويا مع الانسولين.
المحافظة والسيطرة على مستوى السكر السليم بالدم
وأضاف د. زهدي إغبارية: "يجب المحافظة والسيطرة على مستوى السكر السليم بالدم ومنع المضاعفات على المدى البعيد، والمضاعفات السريعة على المدى القريب، توجد الكثير من الأدوية الحديثة التي بالامكان اخذها بالتشاور مع الطبيب، كذلك يجب اطلاع الطبيب واستشارته دائما حول مستويات السكر بالدم لاختيار العلاج المناسب و الاستمراربه فيه او تغييره اذا لزم الامر، ومن المهم ان يأخذ الشخص العلاج الصحيح والمناسب له بغض النظر عن نوعه او سعره، وهنالك أدوية قد تكون رخيصة من حيث الثمن الا انها مفيدة جدا للمريض، وكل شخص حسب حاجته للدواء ووضعه المادي والصحي وحسب رغبته بعد اطلاعه على حسنات ومساوئ الدواء، وانصح الأطباء والمرضى ليس فقط الاطلاع على مستوى السكر فقط، انما الاهتمام بأمور اخرى لتجنب مضاعفاته، مثل المضاعفات على القلب والسكتات، ضغط الدم، الدهنيات، تناول الا سبرين ووقف التدخين وغيرها، كذلك نوصي بان يتوجه الطبيب الى خبيرة تغذية لتقسيم الغذاء بالشكل الصحيح.
امل ان تسهم حملات التوعية المختلفة النابعة من الخطر الحقيقي، في حدوث تقدم وتغيير جذريين لدينا كعرب فيما يخص تغذيتنا ونمط حياتنا لمواجهة هذا المرض.
[email protected]
أضف تعليق