استقبل البابا صباح اليوم الخميس في قاعة كليمنتينا بالقصر الرسولي المشاركين في لقاء يبدأ أعماله اليوم في جامعة أوربنيانا الحبرية حول الأزمة الإنسانية في سورية والعراق دعا إليه ونظمه المجلس الحبري قلب واحد "كور أونوم". وجه البابا لضيوفه كلمة استهلها شاكرا إياهم على مشاركتهم في هذا اللقاء من أجل التفكير والتأمل بعمل الكنيسة الكاثوليكية في إطار الأزمة السورية والعراقية. هذا ثم حيا البابا الأساقفة والكهنة والرهبان والراهبات والعلمانيين المنتمين إلى المنظمات الخيرية الكاثوليكية الناشطة في هذين البلدين والدول المجاورة، ثم خصّ بالذكر مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سورية ستافان دو ميستورا. وعبّر عن تقديره للجهود التي يبذلها المجلس البابوي قلب واحد وأمين السر المطران دال توزو لافتا إلى الدعم الذي يقدمه هذا المجلس للكنيسة الكاثوليكية الساعية إلى التخفيف من آلام ومعاناة الملايين من ضحايا هذه الصراعات المسلحة.
هذا ثم ذكّر البابا بأن سنة مضت على اللقاء الأخير الذي جمعه بأعضاء هذه المنظمات الخيرية الكاثوليكية وأكد أنه على الرغم من الجهود الحثيثة التي بُذلت على مختلف الأصعدة، ما يزال منطق السلاح والتسلط والمصالح المظلمة والعنف يلحق الدمار في هذين البلدين ولم يوضع حد حتى الساعة للآلام الكبيرة والانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان. ولفت البابا فرنسيس إلى أن النتائج المأساوية للأزمة باتت مرئية أيضا خارج حدود المنطقة، وهذا ما تعكسه ظاهرة الهجرة الخطيرة. وأكد البابا أن العنف يولّد العنف ولدينا الانطباع أننا نوجد في دوامة من التسلط والقنوط لا يسعنا الخروج منها.
هذا ثم تساءل البابا لماذا الإنسان وعلى حساب الأضرار الفادحة التي تُلحق بالأشخاص والتراث والبيئة يواصل عمليات الثأر والعنف؟ وقال إن فكره يتجه إلى الهجوم الأخير الذي استهدف قافلة إنسانية تابعة لمنظمة الأمم المتحدة. وقال إن هذا هو سر الشر الموجود في الإنسان والتاريخ والذي يحتاج إلى الخلاص. وأكد البابا أنه في هذه السنة، التي نوجه فيها أنظارنا إلى المسيح، الرحمة المتجسدة التي تغلبت على الخطيئة والموت، تعود إلى ذهنه كلمات البابا يوحنا بولس الثاني الذي قال إن الحدود التي تُفرض على الشر، الذي يصنعه الإنسان ويقع ضحيته في الآن معا، هي الرحمة الإلهية. ولفت إلى أن الحل لمأساة الشر يوجد في سر المسيح.
بعدها أكد البابا أن الكنيسة وإذ تنظر إلى العديد من الوجوه المتألمة في سورية والعراق والبلدان المجاورة والبعيدة حيث يُجبر ملايين اللاجئين على البحث عن الحماية والملجأ الآمن، ترى في هذه الوجوه وجه المسيح المتألم. ولفت إلى أن النشاط الذي تقوم به الهيئات والمؤسسات الخيرية الكاثوليكية لهو انعكاس لرحمة الله ويُظهر أن الكلمة الفصل ليست للعنف والشر، واعتبر أن هذا النشاط أيضا يشكل علامة للرجاء ويُشكر عليه كل من يقومون بأعمال الخير، وأيضا من يصلون بصمت على نية ضحايا الصراعات، لاسيما الأطفال والضعفاء، وهم يدعمون النشاطات الخيرية بهذه الطريقة مذكرا بأن أطفال حلب يشربون المياه الملوثة.
هذا ثم أشار البابا إلى أن الأخوة والأخوات في العراق وسورية ينشدون اليوم السلام أكثر من المساعدات الإنسانية الضرورية وجدد نداءه للجماعة الدولية كي تبذل المزيد من الجهود من أجل تحقيق السلام في الشرق الأوسط، مشددا على ضرورة أن يكون كل إنسان صانعا للسلام، لأن كل وضع من العنف والظلم هو في الواقع جرح في جسد العائلة البشرية. في ختام كلمته وجّه البابا كلمة شكر إلى المؤسسات والمنظمات الدولية، لاسيما الأمم المتحدة، على جهود الوساطة التي تقوم بها وسط الحكومات من أجل التوصل إلى اتفاق يضع حدا للصراع. وقال إنه يفكر أيضا بالجماعات المسيحية في الشرق الأوسط التي تعاني من تبعات الصراع وتنظر بخوف إلى المستقبل، لافتا إلى أن مسيحيي الشرق الأوسط هم اليوم علامة ملموسة لرحمة الله.
[email protected]
أضف تعليق