تمكنت فنانتان تشكيليتان من محافظة خان يونس جنوبي قطاع غزة، من رسم لوحة فنية كبيرة تزيد عن "3أمتار"، من الأكواب الكارتونية التي تستخدم في احتساء المشروبات الساخنة، في مبادرة تُعد الأولى من نوعها على مستوى فلسطين.
أسبوعان كاملان استغرق العمل حتى أنجزت اللوحة، التي جسدت العالم المصري الراحل "أحمد زويل"، كتجربة أولى لقياس مدى نجاح تجربة الرسم بالأكواب الكارتونية بشكل عام، من قبل الفنانتين مرام تيم وإلهام الأسطل وكلتاهما تبلغ من العمر "24عامًا".
منذ نحو عام تراود الفكرة الفنانتين المقربتين من بعضهما البعض، وفكرتا بعمل يجمعهما، لكنهما ترددتا في الإقدام، خشية عدم النجاح، لأن العمل لم يسبق أن قامتا به، أو أحد أخر، لحين قررتا البدء به؛ والبدء بشراء المعدات اللازمة، والتي شملت "3ألاف كوب"، والعديد من "بخاخات الألوان الداكنة، أسود/رمادي".
تعقيدات الرسم
كانت الرغبة لديهما أن ترسمان إما بوضع أي مشروب ساخن داخل الأكواب مثل القهوة أو النسكافيه أو أي مشروب أخر، لكنها وجدتا صعوبة في ذلك، خاصة عند التفكير بنقل اللوحة من مكانها وعرضها بمكان أخر؛ لذلك كان التوجه لرسم "لوحة بورتريه" طبيعية، عبر "بخاخات الألوان الداكنة"، كأن العمل مرسوم بقلم رصاص.
تبدأ فكرة العمل في اللوحة، كما تقول الفنانة التشكيلية إلهام الأسطل لمراسل "صفا"، بإدخال صورة الشخص المراد رسمه لبرنامج "فوتوشوب" وبعدها إلى "بكسل"؛ تم البدء بعد ذلك بوضع الأكواب بجوار بعضها بشكل مُعقد، لضبط دراجات اللون من الأسود ثم الرمادي حتى الأبيض، كما في الصورة.
تلا ذلك تلوين عدد من الأكواب بما يتناسب مع اللون في الصورة التي وضعت داخل جهاز لوحي "أيباد"، ومن ثم وضع كل كوب من نفس اللون بجوار نظيره، وهكذا، حتى اكتمال تدرج الألوان، "ظل ونور" لتكتمل ملامح الوجه.
بينما لم تغفلان إلصاق الأكواب على لوحات كرتونية من ورق، لكبر حجم اللوحة، وتسهيل نقلها وتجميعها، قبل اكتمال العمل، عادتا لتفقده جيدًا، لمعرفة أي خللٍ أو زيادة أو نُقصان في عدد الأكواب، أو زيادة في درجة لون مُعينة ونقصانه أيضًا، قد يحدث خللاً، وقد يؤدي لخراب اللوحة.
وتُجيد الفنانتان الرسم بالفحم وألوان الاكريليك المائية، منذ الصغر، لكنهما تطورتا، منذ نحو ثماني سنوات، وأصقل موهبتهما التحاقهما في كلية الفنون الجميلة بجامعة الأقصى؛ كما شاركتا في الكثير من المعارض والمناسبات، وفي رسم جداريات.
الأدوات والصعوبات
أربع ساعات يوميًا كان يستغرق العمل، على مدار أسبوعين كاملين، مر ذاك العمل حتى رأى النور بالكثير من الصعاب، والتحديات؛ توضحها الفنانة مرام تيم التي كانت تأتي لمكان العمل في اللوحة بمنزل صديقتها "الأسطل".
من أبرز المُعيقات، حسب "تيم"، إيجاد مكان كبير لوضع اللوحة به حتى يكتمل العمل، توفر كهرباء، لتشغيل جهاز السيلكون اللاصق، لتثبيت الاكواب بجوار بعضها البعض، على اللوحة الكرتونية، التي زاد طولها عن ثلاثة أمتار وعرضها عن مترين.
تصف الفنانتان "تيم والأسطل" بأنه يحتاج لجهد وتركيز وتدقيق عالِ جدًا، عدا الأجواء المناسبة، والمواد المُستخدمة، في ظل انقطاع الكهرباء المُتكرر ولساعات طويلة، وهو العامل الذي أثر عليهما كثيرًا، وأعاق عملهما وأخره لأسبوعين.
تلقت الفنانتان اللتان تخرجتا من جامعة الأقصى "كلية فنون جميلة"، دعمًا كبيرًا من ذويهما، ما شجعهما على الاستمرار، وتغاضي الصعاب، ونسبة الفشل التي كان يتوقع حدوثها في بداية العمل؛ والتفكير في بدائل عن التيار الكهربائي وغيره من الصعاب الأخرى.
بعد اكتمال اللوحة الفنية بالدقة المُتناهية التي لم تتوقعاها، كسر "تيم والأسطل" حاجزًا في طريق مشوارهما الفني؛ وبدأ الطموح يراودهما في تطوير رسمهما في هذا المجال، ورسم شخصيات أخرى اعتبارية؛ كما تؤكدان بإمكانهما تفكيك تلك اللوحة واستخدام نفس الكاسات في رسم لوحات أخرى مماثلة لشخصيات جديدة.
المصدر:
هاني الشاعر - صفا
[email protected]
أضف تعليق