المقارنة الأخيرة التي أجراها بنيامين نتنياهو بين الفلسطينيين المواطنين في إسرائيل وبين المستوطنين غير الشرعيين في الاراضي الفلسطينية المحتلة ليست فقط غير أخلاقية، وإنما أيضاً بعيدة كل البُعد عن العقلانية والتاريخ والتزامات إسرائيل بموجب القانون الدولي. يجب أن ندرك أنه أياً كان النظام المؤسساتي الإسرائيلي القائم على التمييز ، هذا هو وطننا ونحن هنا باقون.

بادئ ذي بدء، الفلسطينيون المواطنون في إسرائيل ليسوا مهاجرين أجانب قدموا إلى إسرائيل وطلبوا تأشيرة فيزا أو مواطنة، وإنما إسرائيل هي التي قدمت إليهم. انهم السكان الأصلانيون في البلاد. سكنوا هنا قبل إقامة الحركة الصهيونية. هم مَن صمدوا نكبة 48 فيما بعد، حيث تم التطهير العرقي ل- 85% من الفلسطينيين الذين سكنوا فيما هي إسرائيل اليوم، فقط لأنهم ليسوا يهوداً. نعم، انهم يستطيعون أن يسردوا لنتنياهو معنى التطهير العرقي في هذه الأرض.

كممثل للعرب الفلسطينيين في إسرائيل، فإنني أرفض رفضاً باتاً المقارنة التي أجراها نتنياهو بين وجودنا ووجود المستوطنين في فلسطين المحتلة. نحن لسنا مستوطنين إسرائيليين سيد نتنياهو. مقارنتنا بالاحتلال غير الشرعي يعكس اعتقادك بأنه لا أحد غير اليهود يستطيع أن يسمي هذا المكان " وطن ". ما يزيد عن 1.5 مليون فلسطيني في إسرائيل سيواصلون تحدي توجهك العنصري وانكارك الممنهج لحقوق الانسان، بما في ذلك عشرات القوانين الموجهة لغير اليهود فقط. سنواصل مطالبتنا بالحقوق المتساوية في المكان الذي نسكن فيه لأجيال وأجيال، بدلاً من الاستيلاء على أرض شعب آخر يعيش تحت حكم عسكري غريب.

عندما يستخدم نتنياهو مصطلح " تطهير عرقي " فإن الأمر بكل بساطة تراجيديا – مُضحكة. انه مثل عنوان احد أهم الكتب لدى فلسطيني شهير في إسرائيل، إميل حبيبي : " المتشائل ". لقد كتب كوميديا عن المعني الحقيقي للتطهير العرقي. سيد نتانياهو يجب أن تتجول فيما يسمى " متنزّه كندا " المبني على أنقاض القرى الفلسطينية عمواس، يالو وبيت نوبا في اللطرون، لتفهم ما معنى التطهير العرقي. ينبغي على نتنياهو ان يطلع على سجلات " أبطاله " هو، بمن فيهم مناحيم بيغن واسحاق شامير، ليتعلم المعني الحقيقي لسياسات التطهير العرقي . حتى انني أنصحه بقراءة كتاب جيد جدا. اسمه " التطهير العرقي في فلسطين " للكاتب إيلان بابه والذي يتحدث عن التدمير الكامل والتطهير العرقي لأكثر من 400 قرية عربية عام 1948.

ان استعمار مناطق محتلة هي جريمة حرب بحكم القانون الدولي. المستوطنات الاسرائيلية غير الشرعية في المناطق الفلسطينية المحتلة ليست " مجتمعات قديمة كانت تسكن هناك لمدة 3000 سنة " ، وإنما مبان استعمارية غير شرعية هدفها إنكار حق الفلسطينيين في تقرير المصير. انها غير شرعية ليس فقط لأنها يهودية وإنما ببساطة لأنها استعمارية في مناطق محتلة. لنسأل السيد نتنياهو هل طلبت اسرائيل من الفلسطينيين استيعاب المستوطنين الاسرائيليين كمواطنين فلسطينيين ؟ الإجابة هي لا. على عكس ذلك، في إطار المفاوضات، اسرائيل استخدمت فقط المستوطنات الاسرائيلية كذريعة للاستيلاء على المزيد من الاراضي الفلسطينية المحتلة.

آن الأوان بأن يفهم نتنياهو وحكومته المتطرفة هذه الحقيقة : بأنه أياً كان عدد تغريدات التويتر او افلام الفيديو التي يطلقونها، أياً كان دعمه القوي لاستعمار دولة فلسطين المحتلة ، او عنصريته المستديمة تجاه المواطنين الفلسطينيين غير اليهود ، فإنه لن ينجح في أن يجعلنا نشعر بأننا غرباء في وطننا. يجب ان يستذكر السيد نتنياهو كلمات الشاعر الفلسطيني ابن قرية البروة ، محمود درويش :‎أنا من هنا وأنا هنا. وأنا أنا. وهُنا هُنا"..
وهذه هي تماماً رسالة ما يزيد عن 1.5 مليون مواطن فلسطيني له ولخطابه الفظيع. 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]