ركب سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلّم) البراق. وهو دابة فوق الحمار دون البغل، حتى أتى بيت المقدس، فربط البراق بالحلقة التي ربط بها الأنبياء دوابهم، ثم دخل الى المسجد الاقصى المبارك وصلى ركعتين، ولهذا سميت هذه المنطقة بمنطقة البراق، أو بساحة البراق، أما تسميتها بباب أو بساحة المغاربة فترجع إلى أيام سيدنا صلاح الدين الأيوبي طيب الله ثراه، الذي جاء الى بيت المقدس لتحريره من الصليبيّين.
سكن في هذه المنطقة جنود من شمال افريقيا جاءوا لمساندة سيدنا صلاح الدين، فتطورت هذه المنطقة السكنية عبر التاريخ وأصبحت تسمّى فيما بعد حارة المغاربة، حيث سكنها سكان من المغرب. كان عدد بيوت الحارة ثمانين بيتا. في عام 1967 احتل اليهود بيت المقدس فهدموا الحارة كليّة، ونقلوا ترابها وحجارتها الى الأودية القريبة من أبي الغوش في مدخل بيت المقدس، وما تبقى من تراب الحي جمعه اليهود على شكل تلة أطلق عليها فيما بعد بتلة المغاربة، وعليها بني الطريق المؤدي الى باب المغاربة، وهو أحد مداخل الحرم القدسي الشريف. بعد هذا الهدم للبيوت تم توسيع ما يسمى بحائط المبكى بثلاثة أمتار من الناحية الشرقية الى الناحية الغربية والى ما نراه عليه اليوم من ساحات.
اسم القائد الإسرائيلي الذي أخذ مفتاح باب المغاربة من حارس الحرم عام 1967 هو ( يورم زاموش ) الذي كان يشترك معنا في جلسات الاعتراض على مخطط باب المغاربة، ولقد طلب اليهود من المفتي حلمي المحتسب بواسطة عالم الآثار الإسرائيلي مئير بن دوف الذي أشرف على إجراء الحفريات حول منطقة الأقصى بتغيير مفتاح باب المغاربة بمفتاح بوابة أخرى، حيث لا يسمح لليهود المتدينين الدخول من هذه البوابة ولكن الأمر لم يتمّ.
أقام اليهود صلواتهم قرب بوابة الرحمة من الناحية الشرقية للحرم حتى عام 1519، ومنعوا من الصلاة حتى عام 1632، وفي هذا العام طلب اليهود من السلطان التركي الصلاة في منطقة الحرم، فسمح لهم أن يختاروا المكان الذي يريدونه، فاختاروا الناحية الغربية، وهي ما تسمّى عندهم حائط المبكى اليوم، ولم يعرف اليهود حائط البراق أو ما يسمى بحائط المبكى من قبل ذلك.
إن حائط المبكى عند اليهود اليوم ( البراق ) لا يمتّ بأي صلة للهيكل الذي يزعمون قيامه. حسب التوراة وحسب المشناة عند اليهود وحسب بعض علماء الآثار اليهود لا يوجد هيكل لليهود في القدس الشريف.
أنظر: سفر التثنية، الاصحاح الحادي عشر ، التوراة المقدسة، أنظر: المشناة. كوهين، 1975 وفينكلير 1975. أنظر: كتاب الدكتور محمود مصالحة، كاتب هذه السطور الذي ينفي وجود الهيكل بالقدس الشريف في كتابه المسجد الأقصى المبارك وهيكل بني اسرائيل الذي يعتمد فيه فقط على المصادر اليهودية والتوراة المقدسة والمشناة .
والسؤال الذي يطرح نفسه دائما:
لماذا يعرف المسلمون والمسيحيون أماكنهم المقدسة؟
أما اليهود فلا يعرفون بالتحديد ويقولون إنهم يبحثون عنها تحت المسجد الأقصى، مئات السنين وهم يبحثون ولم يجدوا شيئا.
إن ما قام به المجلس الإسلامي الأعلى من إجراءات قانونية وقضائية وميدانية في ما يخص قضية باب المغاربة كان له دور كبير في تعطيل الغايات الاسرائيلية من هذا المخطط، لقد اَمن المجلس الاسلامي دائما أنه لا يستطيع مجابهة السلطات الاسرائيلية وشركة (إلعاد) الصهيونية ولكنه يعطل العمل ويؤجّله حتى يبعث الله سبحانه وتعالى قوة تستطيع ذلك من الدول العربية والإسلامية.
المجلس الاسلامي الاعلى لا يعترف بالسيادة الاسرائيلية على القدس الشرقية ومقدساتها لأنها أرض محتلة حسب القانون الدولي، وتعتبر موقعا عالميا للتراث والحضارة والعمران حسب المنظمة العالمية اليونيسكو .
هناك صورة التقطت من طائرة ألمانية عام 1931 يظهر المسجد الذي بني قبل 800 سنة وكذلك تظهر المدرسة الفاضلية، التي بناها الملك الفاضل بن سيدنا صلاح الدين الايوبي طيب الله ثراه الذي حرر القدس من الصليبيين، بنيت هذه المدرسة كذلك قبل 800 سنة وكانت المركز الروحي لسكان حي المغاربة ومع مرور الزمن تحولت الى مسجد الشيخ عيد ( رحمه الله ).
يقول كيدار رئيس سلطة الاثار الاسرائيلية سابقا ونائب رئيس الاكاديمية الوطنية للعلوم، أن ما قامت به اسرائيل في باب المغاربة هو جريمة في حق علم الآثار، وإن سلطة الآثار في اسرائيل تحاول ان تقضي وتهدم وتخفي معالم الاثار الاسلامية ولا تهتم بشيء اسمه اثار اسلامية، ( انظر جريدة هآرتس يوم 15 – 6 – 2012) .
إن ما تقوم به السلطات الاسرائيلية في بيت المقدس من اعمال حفريات خاصة في منطقة الحرم القدسي الشريف يهدف الى:
أ. طمس معالم التراث العالمي
ب. طمس معالم التاريخ الاسلامي
ج. طمس معالم الاثار الاسلامية وتدنيس المقدسات، كما وتهدف الى محو وإزالة الاثار الاسلامية من كتب التاريخ والاثار وخاصة في باب المغاربة ومنطقة الحرم الشريف.
صورة لحارة المغاربة عام 1931
[email protected]
أضف تعليق