في الثالثة صباحا، فجّر الجنود الباب وافرغوا البيت
جدعون ليفي - ترجمة: أمين خير الدين
هآرتس 2016/8/26
ثمّة تحرّكات جديدة في الأراضي المحتلّة: يقتحمون البيوت في أنصاف الليالي، يُصادرون حواسيب وتلفزيونات، وساعات، وحتى أقراط. ج.د.ا.: مُصادرة الأموال والأملاك الثمينة جزء من مقاومة الإرهاب.
إليكم قائمة بالأشياء التي صادرها ج.د.ا. في الليلة بين يوم الأربعاء ويوم الخميس من الأسبوع الماضي، من بيت عائلة أبو الهيجاء من مُخيّم جنين: جهازا تلفزيون، ميكروغال واحد، جهاز تسخين مياه، عشرة واقين من خشب الزيتون، أربع ساعات يد، سلسلتا ذهب، زوج أقراط، ستة أجهزة تابليت، حاسوبان، 20 تلفون محمول، سيارة سيات إيبيزا موديل 2013.
اقتحم الجنود البيت في الثالثة صباحا — عشرات الجنود المسلّحين، أغلبهم مقنّعون، فجّروا باب البيت واقتحموا دون أيّ إنذار، مكثوا في البيت ساعتين تقريبا، وليس ببعيد من هناك، في جنين، اقتحمت قوّة أخرى من ج.د.ا. بإصرار وحزم بيتا آخر، وصادروا محتوياته، ومع كلّ الرُعْب الذي يُخيّل لنا أننا رأيناه في حياة الاحتلال، تبتكر سلطات الاحتلال خطوات أكثر وحشية، وأحيانا أبشع من سابقاتها.
هكذا صار يعمل ج.د.ا. جيش مُصادرات، وجباية ديون في السوق الرمادية* جنوده يتعرّضون ويُعرِّضون حياة الآخرين للخطر، يبعثون الرُعْب عند الصغار وعند الكبار، يقومون بعمليات زائفة هدفها: مُصادرة محامص كهربائيّة (توستر). يقتحمون ليصادروا أموالا نقدية وصلت باعتقادهم من حماس أو من الجهاد الإسلامي، وعندما لا يجدون أموالا نقدية يصادرون كل ما تطوله أياديهم. حتّى لا يعودون بأيدٍ فارغة.
نعرف بيت أبو الهيجاء جيّدا، كنّا به أوّل مرّة قبل 13 سنة تقريبا، سنة 2003، كان الوالدان في السجن، وكان الأولاد يتجولون في البيت هنا وهناك، مذهولين ومُهْمَلين، فقَدّ ربّ العائلة الشيخ جمال أبو الهيجاء يده خلال الاقتحام الكبير الذي قام به ج.د.ا. للمُخيم سنة 2002 ، وحينها حُكِم عليه بتسع مؤبدات، بسبب اشتراكه بإرسال مُخَرِب منتحر قام بعمليّة انتحاريّة في ميرون سنة 2002، وسُجِنت زوجته أسماء تسعة أشهر بلا مُحاكة أو تبرير، وسُجِن ابنه الأكبر عبد السلام 87 شهرا، وبقي الصغار في البيت مع قفص للعصافير.
توقيع مُخَرْبَش
شكّلت هذه العائلة نواة صلبة لحماس، كان ربّ العائلة الشيخ جمال رئيسا للحركة في المُخيّم، هُدِم بيتهم خلال الاقتحام وبُني من جديد من عدّة طوابق، للوالدين ولأبنائهم المتزوّجين، ابنه الأصغر، حمزه. الذي كان يتجوّل في البيت وعمره 11 سنة قُتِل بعد 11 سنة، كان مطلوبا من قِبَل إسرائيل، قتله الجنود قبل سنتين عندما جاؤوا لاعتقاله، التقينا به قبل مقتله بأيّام، ومنذئذ لم نزر البيت الواقع عند طرف المُخيّم.
اليوم بيت العائلة نَصْب تذكاريّ للأخ الميّت، ومتحف للأب المسجون مدى حياته، الأب الذي لا يُسْمَح لأحد من أبنائه بزيارته، تزيّن زوايا الصّالون شعارات وتروس، تبرز بينها صورة الأبِ المُلْتحي الذي يطلّ من كلّ زاوية في البيت. وصورة الوجه المُشوَّه للابن عند موته، الآن كلّ الأبناء أحرار، أُطْلق سراح عماد قبل شهرين، بعد سنتين ونصف من السجن، وأُطْلِق سراح عصام قبل أربعة أشهر، بعد عشرين شهرا من السجن، وعبد السلام حرّ أيضا، أمّا الشيخ جمال في سجن إيشل في بئر السبع، وحمزة مات.
قبل شهرين فتح عصام دكانا/ في مقدّمة البيت، لبيع التلفونات المحمولة، "اتصالات أبو الهيجاء" الآن الدكان مقفلة وفارغة، لا توجد بها أجهزة للبيع، كان عصام ينقل الأجهزة إلى البيت في المساء، لهذا صادرها الجنود كلّها، يقولون إن ما بين 60 – 70 جنديا اقتحموا البيت. انفجر الأطفال بالبكاء.أدْخَلَ الجنود أحد الأخوة منفردا لإحدى الغرف، وأخْرَجوا آخرا إلى الشارع، وبدأوا بتفتيش كل أرجاء البيت.
طلب الجنود معرفة مخْبئ النقود، وهددوا ن لم يحصل سيفجّرون البيت. وحسب أقوال الأخوة، لم يُقدِّم الجنود أي تبرير لفعلهم، ولم يُقدّموا أي مستند قضائي، قلبوا محتويات البيت، ورموا ما كان في الخزائن على الأرض، ومزّقوا أريكتين بالسكين، وحطموا بعض الزّجاج، ولدى العائلة صور توثق هذا التدمير.
لم يجدوا في البيت نقودا باستثناء 20 دينارا أردنيّا. لذلك بدأوا بمصادرة الأجهزة، وإخراجها وتحميلها في مركبات القوة والتي كانت تقف على الشارع. طلب الأخوة أن يتحدّثوا مع ضابط من الشاباك، ليعرفوا سبب ما يحصل، لم يُلبَّ طلبُهم.قال الجنود لأصحاب البيت، كما يقولون: نحن ج.د.ا. جئنا لنأخذ هذه الأشياء، يمكنكم التوجّه إلى المحكمة.
تركوا لدى العائلة استمارة وردت بها قائمة، بخطّ يد،ٍ بالأشياء التي أخذوها، وفي آخرها توقيع مُخَرْبَش، لا أحد يمكنه فكّ لغزه، بلا اسم يعرّف بالقائد أو الضابط الموقّعين عليها، في أعلى الاستمارة ذُكِر باللغة العبريّة: مُلْحق ه . "أمر مُصادرة بالعربيّة". وبعد ذلك بالعربيّة: "بموجب نظام الأمن (الطوارئ) لسنة 1945 وبموجب قانون 60 من مرسوم التعليمات(يهودا والسامرة) وبموجب معلومات أمنية لدى جهاز الأمن تتعلق بعصام عبد الهيجاء....إضافة لتلقّي أموال من حركة حماس، تُصادَر الممتلكات المذكورة أعلاه. يُمْكِنكَ الاعتراض في مكتب المستشار القضائي بفكس رقم....، ويُمْكنك الاتصال تلفونيا بالرقم ... لتتأكّد أن الفكس قد وصل. وفي أسفل الاستمارة "تفاصيل الضابط" وخربشة بجانبها، "وتوقيع القائد" وخربشة أخرى، وأخيرا توقيع المواطن الذي صودرت ممتلكاته، وقد كتب عصام بجانبها "غير موافق".
هذه المرّة الرابعة التي يقتحم ج.د.ا. هذا البيت منذ إطلاق سراح الأخوة، لكن هذه المرّة الأولى التي يُصادرون بها محتوياته. لقد وكّلوا محاميا وينتظرون ماذا يُمْكِنُهم عمله لاسترجاع ممتلكاتهم.
كُلّه من الله
بالضبط. في نفس الساعة التي كان الجنود يحمِّلون قروط بنات عائلة أبو الهيجاء، وصلت قوّة أخرى من ج.د.ا. إلى بيت محمد عروق، شاب في ال-24 من عمره يسكن في جنين. تزوّج قبل شهرين ونصف، ويعمل في مطاعم، في المنطقة الصناعيّة من المدينة، وهي عبارة عن منطقة كراجات، أمضي عروق، قبل سنة، ستة أشهر من السجن، بعد أن وجِد في بيته 900 دينار وحسب ادعاء الشاباك أنها حُوِّلت إليه من حماس، هو ينفي ذلك، ويدّعي أنه تلقاها نتيجة بَيْع ليموّل تعليمه في الجامعة المفتوحة القًدْس، لكنه أُدين في المحكمة، وكانت المرة الأولى التي يُدان بها ويدخل السجن.
وأيضا. اقتحموا بيته بعد الثالثة صباحا، بعد أن اقتحموا بيت الجيران، ثم صعدوا إلى بيت أبيه في الطابق الثالث، قبل أن يجدوا بيته في الطابق الثاني. كانت القوّة صغيرة من– 20 جنديا معهم جنديتان، وهنا أيضا فجّروا باب الدخول، سأله الضابط الذي عرّف نفسه باسم رامي فارس، أين النقود؟ أجابه عروق ليس في البيت نقود.أصرّ فارس أن عرّوق تلقى نقودا من حماس، من أجل انتخابات السلطة المحليّة والتي ستجري في تشرين الأوّل، طلب عروق من زوجته إحضار كل النقود الموجودة في البيت، وقد أحضرت 120 شيكل و- ثمانية دنانير، قال الضابط أن الجنود سيُصادرون الممتلكات الموجودة في البيت بدلا من النقود التي لم يجدها.
صادروا شاشة LCD، جهازي محمول، مُقوّيان كهربائيّان، جهازي راوتر، توستر، وصندوق عُمُلات. وأعطوا عروق بدل ذلك "ملحق ه. أمر مُصادرة بالعربية" يحوي قائمة بالأجهزة المصادَرَة، يقول عروق إنهم لم يسجلوا في الملحق كل ما أخذوه. ماذا ستفعل؟ يجيب "كله من الله".
بعد ساعات من مغادرة جنود ج.د.ا. جاء جنود الأمن الوقائي، التابع للسلطة الفلسطينيّة، وطلبوا من عروق مرافقتهم، وقد وضعوه في زنزانة، فسألهم: هل جئتم تكملون ما بدأه الإسرائيليّون؟ حققوا معه وسألوه لماذا جاء الجنود إلى بيته، وبعد مرور ساعات أطلقوا سراحه.
في المدة الأخيرة، تكررت عمليات مصادرة ممتلكات من قبل ج.د.ا. في عدة قرى في المنطقة، صادروا في برقين أجهزة من بيت محمود عبيدي الموجود في السجن، ومن بيوت في سيلة الحارثيه وفي جبعا.
يقول الناطق بلسان ج.د.ا. إن "ج.د.ا. يعمل ضد منظمات الإرهاب على عدّة محاور، وهذا العمل يشمل ألاستيلاء ومُصادرة أموال الإرهاب التي تموّل عمليات إرهابيّة، ومصادرة أملاك تُساوي بقيمتها لنقود الإرهاب، وذلك ممن تلقّى أموالا كهذه، ويُذْكر أنه قبل كل استيلاء أو مصادرة يُجْرى فحص دقيق، وبعد الاستيلاء أو المصادرة يُمْكن لصاحب الأملاك أن يُقدَم اعتراضا".
"لا بأس إن اعتقلونا، لكن ما يقومون به سرقة"، يقول عصام أبو الهيجاء إنه يعرف أن الجنود سيعودون لهذا البيت لأهداف مختلفة، وفي أوقات مختلفة.
2016/8/26
--------------------------------------
*السوق الرمادي تتم فيها التجارة بمُنْتج قانوني ولكن دون إذن صاحبه وهي غير السوق السوداء -- المترجم
[email protected]
أضف تعليق