نشرت صحفية "ذا ماركر" مقالا للدكتور "افي بيتسور " المحاضر في مركز الدراسات الأكاديمية (م.ل.ا) في مدينة "اور يهودا" ، وهو خبير في علم الشيخوخة ، ويتناول المقال أحوال المجتمع العربي داخل إسرائيل، من جهة المعاقين نفسيا ، وتضمن معطيات جديرة بالاطلاع عليها، واتخاد اللازم – من قبل المسؤولين العرب، والحكومة والدوائر ذات العلاقة، سواء بسواء. ونظرا لأهمية المقال ننشره كاملا.

حتى ما قبل خمس سنوات، كان مصطلح "إعاقة على خلفية نفسية" بمثابة طابو في المجتمع العربي داخل إسرائيل. ويستدل من معطيات مؤسسة التامين الوطني، التي استخدمتها منظمة "جوينت لأجراء بحث بشانها- أن الفئة الأكبر ضمن مستحقي مخصصات الإعاقة العامة من قبل مؤسسة التامين (تبعا لنسبة الإعاقة) ، هي فئة الأشخاص المصابين بأضرار واختلالات نفسية .

ويتراوح مخصص الإعاقة العامة للمصابين بالاختلالات النفسية ما بين ألف - الفين و (400) شيكل شهريا.ويشير تصنيف هذه الفئة الى أن العرب الذين يحصلون على هذا المخصص يشكلون 8 % فقط من مجمل المستحقين (اقل بكثير من نسبة العرب ضمن عدد السكان الدولة، البالغة 20% ) بينما يحصل 66% من اليهود المستحقين للمخصص ، على المبلغ المقرر.

مصحة " شاعر منشي" وعيادة الصحة النفسية بالطيبة
وقد شاركت شعبة خدمات الصحة النفسية التابعة لوزارة الصحة في إجراء تجارب استمرت أربع سنوات، تركزت في منطقة المثلث ، وشملت التجارب (32) آلف مواطن ، وكان الغرض منها تقدير وتقييم حجم المشكلة، مع الإشارة إلى أن المواصلات العامة في المثلث تواجه مشاكل كثيرة تجعل من المتعذر على المرضى النفسيين تلقي العلاج في مركزين رئيسيين هما: المصحة النفسية في "شاعر منشي" (في الصورة الرئيسية) وعيادة الصحة النفسية في مدينة الطيبة ، وهذه العيادة تنوء تحت عبء هائل نظرا لكثرة التوجهات والضغط الناجم عن قلة الكوادر والطواقم العلاجية- بينما تجري الأمور في مصحة " شاعر منشي" بشكل منتظم نسبيا. وبالمحصلة فان خدمات الدعم والتشغيل للمرضى النفسيين في منطقة المثلث قليلة، وهي منحصرة في مشغل محمي واحد فقط ، وثلاث نويديات اجتماعية ، ونشاطات لجمعية "انوش"

شرف العائلة ... هنا ايضا
عام 2014 ، أجرى مركز الأبحاث التابع للكنيست ، بناء على طلب من النائبة حنين زعبي، فحصا لأوضاع العيادات النفسية في البلدات العربية، وقد أجري هذا الفحص عشية الانتقال إلى نظام الإصلاح الجديد في مجال الصحة النفسية، وفي هذا الإطار انتقلت غالبية الخدمات النفسية من مسؤولية وزارة الصحة إلى مسؤولية صناديق المرضى .وأظهرت الدراسة الفحصية انه لا تتوفر لدى وزارة الصحة معلومات وافية حول حجم الخدمات في العيادات وان اثنين من صناديق المرضى ("مكابي ولئوميت" ) لا يمارسان خدمات الصحة النفسية في المجتمع العربي.
وتبين لمركز الأبحاث التابع للكنيست ، إن في البلدات العربية (11) عيادة للصحة النفسية ، و (13) فرعا لعيادات نفسية تعمل بشكل جزئي محدود . وواضح ان هذه الأعداد لا تكفي مجتمعا تعداده (1.72) مليون نسمة ويشكل 21% من تعداد السكان في إسرائيل .
ومعروف أن المجتمع العربي في إسرائيل هو مجتمع محافظ بطبعه والديانة الأوسع فيه هي الديانة الإسلامية

(84% من السكان)، وينظر كثيرون من العرب إلى مسألة الإعاقة النفسية نظرة سلبية معيبة، فيما يقول البروفيسور عميرام رفيف والاختصاصية زهافا سولومون ، انه لا يتوفر في المجتمع العربي وعي كاف بخصوص الإعاقة النفسية. ونظرا للحرص على " شرف العائلة وكرامتها" فان الكثير من المحتاجين للعلاج النفسي ، لا يسارعون إلى اللجوء لهذا العلاج.

أطباء العائلة
ولقد أشار عدد من أقارب المرضى النفسيين العرب ، في إطار التجارب التي اشرنا إليها في البداية (التي أجريت في منطقة المثلث)- إلى أنهم لا يتلقون أي إرشاد أو توجيه أو دعم أو مواكبة لرعاية أبنائهم المرضى، على الرغم من قبولهم لمثل هذا الدعم والإرشاد. ولعل إقامة جهاز أعلامي خاص بالسلطات المحلية العربية يفسح المجال لإحداث انفتاح اكبر لتقبل وتفهم أحوال المرضى النفسيين. وتُلقى مسؤولية الشرح والتوعية والإعلام على عاتق وزارة الصحة، ويجب أن يتم ذلك عن طريق المرشدين النفسيين وأطباء العائلة في المجتمع العربي، بشكل شخصي ومباشر ، وليس فقط عن طريق وسائل الإعلام . ويعاني المرضى النفسيون من المرض نفسه ، ومن المكانة المتدنية في المجتمع . ولذا يتوجب الإسراع والتعجيل بالعلاج ، وإفراج أوضاعهم وأحوالهم عن طريق تعزيز الوعي حول ضرورة وأهمية بناء مجتمع سليم يسترشد بالقيم الأساسية، والمبادئ الأخلاقية .



 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]