في كل عام يهل على الأمة الإسلامية شهر رمضان الكريم حاملا بين طياته السكينة، الألفة والرحمة ، من اغتنمه وأحسن العمل به كتبت له المغفرة والعتق من النار.
فالصيام وشهر رمضان كله بر فيه حياة الأرواح، ومليء بالفضائل الشرعية، الأخلاقية، الصحية والاجتماعية الذي تميزه عن باقي الشهور وتقول بلسان حالها: من زار رحمه وأحسن العمل به كُفِّرت ذنوبه واعتق من النار. فشهر الرحمات تفتح فيه أبواب الجنة، وتوصد أبواب النار، وتصفد الشياطين وتتجند الملائكة من اجل الاستغفار والدعاء للصائمين، فيه ليلة من قامها كانت له أفضل من عبادة ألف شهر، وترفع صلاة التراويح والنوافل والتقرب إلى الله في المساجد. ويرجع الناس لمعاودة تصفح كتاب الله الذي بات يشكوا لله ظلم العباد نظرا للقطيعة التي فرضت عليه جبرا. وهذه فرصة لمن كان مقصرا في جنب الله، أقرباءه وجيرانه.
الفوائد الصحية العظيمة لصوم شهر رمضان تتجلى في الوقاية من أمراض العصر كالأورام الخبيثة، السكري، الأمراض الجلدية، الجلطات القلبية والدماغية وآلام المفاصل وغيرها. بالإضافة للفضائل الاجتماعية الكبيرة، اذ يشعر الناس ببعضهم البعض. فيجود الغني على الفقير ويشعر القوي مع الضعيف وتبدأ زيارات الأرحام "زيارات الولايا" التي لربما تكون قد انقطعت برهة من الزمن بسبب خلاف دنيوي.
وما أن نبدأ باستقبال شهر رمضان حتى نبدأ بعقد النية وفتح صفحة جديدة مع الله وأنفسنا، ولكننا للأسف متناسين حقوق العباد وقابعين في عادات نتنة ومسيئة لنا ولديننا الحنيف بعد أن تربعت الدنيا على عرش قلب كل منا، وسأستعرض قسماً من العادات السيئة على سبيل العد وليس الحصر.
عقوق الوالدين في المجتمع العربي: فبدل تذويت القيمة الأخلاقية التي حثنا عليها ديننا الحنيف "وبالوالدين إحسانا" والالتفات للوالدين ومصاحبتهم، أصبحنا نعقهم بحجة كثرة الالتزامات كونهم حملاً ثقيلاً علينا ودفعنا بهم الى هامش حياتنا الاجتماعية والأسرية، وفي حالات معينة قمنا بإدخالهم إلى بيوت العجزة بِاسم التحضر والرقي متناسين كدهم وسهرهم الليالي من اجلنا.
نظام التوريث الجديد وسلب حق البنات بطريقة إجبارية طبقا لخيانة الأمانة وخلافا لضمير منطق اليقين وقول علم الهدى محمد صلى الله عليه وسلم "مَنْ قَطَعَ مِيرَاثًا فَرَضَهُ اللهُ وَرَسُولُهُ قَطَعَ اللهُ بِهِ مِيرَاثًا مِنَ الْجَنَّةِ". فنظام التوريث الجديد بمثابة اعتداء على حدود الله واكل أموال النساء بغير حق، وبطريقة الحياء "فما اخذ بالحياء فهو حرام". وبهذا رسمنا اجتماعية سيئة، ووصلنا إلى نتيجة شباب ضائع وبيوت مشتتة ومعاناة تفجر الخلافات والنزاعات بين العائلة الواحدة وتؤدي إلي تفكيك الروابط الأسرية. فلا بد من همسة لكل شخص غافل أو لم يسعفه الوقت لتأدية الأمانة: "رمضان فرصة لان تغسل قلبك وترد الحقوق الى أهلها، فلا تنتظر إلى يوم ترد فيه المظالم واعمل على إرضاء الله ثم أختك، أو من كان له حق عليك، ولتكن رجل خير وعدل تعمل وفق معاني قول رسولنا الكريم "استوصوا بالنساء خيرا".
معاداة الأقارب وقطع الأرحام والانشغال في النميمة وموائد الإفطار: فنسمع الكثير من الناس ممن يردد قول الرسول محمد صلى الله عليه وسلم "ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت اني سيورثه". فلا بد لنا جميعا التذكر أن رحم الخاصة والأقربين معلق بعرش الرحمن وتنادي "اللَّهُمَّ صِلْ مَنْ وَصَلَنِي ، وَاقْطَعْ مَنْ قَطَعَنِي". فلا يجب أن نترك مكان للنميمة وأغصان العداوة بان تلوث صفو جو الأخوة والرحمة الرمضانية بينك وبين أقربائك.
وأخيرا لا بد من إرسال بطاقة معايدة إلى عموم الأمة الإسلامية، والمجتمع المحلي بشكل خاص بحلول شهر رمضان ونسال الله لنا جميعا أن تغمرنا فيه الرحمة والمغفرة وان يكتب الله لنا ضمان العتق من النار.
[email protected]
أضف تعليق