شهدت الساحة السياسية والحزبية الاسرائيلية خلط دراماتيكي للاوراق، أثار صخبا وقراءات عديدة لما جرى. بينما كانت العيون شاخصة نحو إنضمام إسحاق هيرتسوغ وحزب العمل للإئتلاف الحاكم، وإنعكاسات ذلك على المعسكر الصهيوني والحزب، فاجأ نتنياهو كل من زعيم العمل، الذي رفض ان يوثق معه على الورق أي صيغة من صيغ الاتفاق، وبوجي يعلون الليكودي، وزير الحرب بدعوة أفيغدور ليبرمان لاستلام وزارة الدفاع، ليس هذا فحسب، بل كان يجري محادثات معه من خلال ريغف وشاكيد، حتى الاجابة على أسئلة الصحافة نبهته (ليبرمان) وزيرة العدل لعدم التعرض للمتدينيين، لحس زعيم حزب "إسرائيل بيتنا" مواقفه المعادية لرئيس الحكومة، وقبل عرضه باستلام وزارة الجيش.
النتيجة المنطقية لما حدث خلال الساعات القليلة الماضية، تؤكد ان الساحر نتنياهو حسم خياره باستقطاب ليبرمان المتطرف لحكومته، وبالتالي بات ما يسمى في إسرائيل "المعسكر القومي" يتسيد المشهد السياسي الاسرائيلي، واصبح طليق اليد في تنفيذ مخططه الداخلي والخارجي لحين. لكن إضافة المولدافي المتطرف، لم تغير شيئا في السياسة الاسرائيلية. لان ربانها والمقرر فيها، هو نتنياهو نفسه.
مع ذلك لعبة السحر الجديدة لزعيم الليكود بقدر ما وسعت من شبكة الامان لائتلافه، وعززت من قوة الاتجاه المتطرف، بقدر ما حملت في طياتها خلط للمشهد الاسرائيلي، وكان من ثمارها المباشرة والفورية إستقالة يعلون صباح الجمعة، الذي لم ينتظر كثيرا، حتى انه اعتزل السياسة لبعض الوقت، وفق ما جاء في مؤتمره الصحفي ظهر أمس في وزارة الدفاع. وهذه الخطوة سيكون لها إرتدادات لاحقا على الليكود نفسه. كما ان إدخال ليبرمان للحكومة، ستحمل معها تداعيات على نتنياهو نفسه، لانه أدخل الدب لكرمه، من حيث يعلم او لا يعلم. لاسيما وان زعيم "إسرائيل بيتنا" عينه منذ زمن على رئاسة الحكومة.
اضف لذلك الساحة الساسية الاسرائيلية باتت تموج بالتطورات المتوقعة وغير المنتظرة. ومن بين الاحداث، التي انتجتها خطوة ضم ليبرمان للحكومة، توجيه لطمة قوية لإسحاق هيرتسوغ. وكشفت عن بؤس وفشل سياسة زعيم العمل. وهذا لن يمر مرور الكرام في العسكر الصهيوني او حزب العمل، خاصة وان الحرب إستعرت بينه وبين الزعيمة السابقة للحزب، يحيموفيتش وبيرتس وآخرين. الافتراض المنطقي للسيناريوهات المحتملة، هي اولا إن كان هيرتسوغ يملك الشجاعة، عليه ان يقدم إستقالته امام مؤتمر الحزب، الذي سيعقد الاحد الموافق 22 ايار الحالي؛ ثانيا إختيار قيادة جديدة، قادرة على مواجهة خيارات نتنياهو المتطرفة؛ ثالثا دعوة القوى الاخرى مثل لبيد وآخرين من داخل الليكود، الذين لهم تحفظات على سياسة نتنياهو اليمينية المتطرفة، التي نبه منها بوجي، عندما قال، ان هناك غرباء عن الحزب يحتلونه، وهو يقصد الاندفاع المنظم للقوى الاكثر تطرفا للدخول لصفوفه مثل غليك، الذي سيحل بدل يعلون في الكنيست.
المشهد الاسرائيلي الان زاد قتامة وبؤسا وإنحدارا نحو المزيد من العنصرية والفاشية. صحيح ليبرمان، لن يغير في السياسة، ولكنه سيلعب دورا مؤججا للنزعات الارهابية، وقد يدفع إسرائيل للحرب على جبهة القطاع والشمال على حد سواء. وسيضاعف من عمليات الاغتيال ووتوسيع قاعدة الاستيطان الاستعماري في اراضي الدولة الفلسطينية المحتلة عام 1967، وهو ما يعني تبديد خيار حل الدولتين، ورفض للافكار والمبادرة الفرنسية وايضا للافكار المصرية الايجابية.
المحصلة ألاعيب الساحر نتنياهو، قد ترتد عليه في المدى المنظور، لان جنون التمسك بالكرسي الحكومي، امسى يضاعف من الخصوم داخل الليكود وخارجه. وبالتالي الاحتمال الواقعي، ان السحر سينقلب على الساحر، الذي نجح حتى الان في تخطي كل الالغام من اقرانه وخصومه على حد سواء. والمستقبل القريب يحمل بالضرورة الجواب.
[email protected]
أضف تعليق