يحيي أبناء شعبنا الفلسطيني اليوم الذكرى الـ68 للنكبة، نكبة عام 1948 حين أعلن عن قيام دولة إسرائيل على أراضي الشعب الفلسطيني وبالمقابل تهجير القسم الأكبر من أبناء هذا الشعب وطرده من مدنه وقراه في الجليل والمثلث والنقب ليتشتت في كل بقاع الأرض، في دول الجوار، وفي مناطق أخرى من الوطن، تهجير تم بقوة السلاح الذي حملته العصابات الصهيونية مدعومة بالجيش البريطاني وقتها.
خلال الأعوام الـ68، تعرض الشعب الفلسطيني وما زال للعديد من النكسات والاعتداءات، فمن حرب تخسر بها كل الجيوش العربية أمام إسرائيل ويتم احتلال الضفة الغربية والجولان وسيناء، إلى عدوان تلو عدوان ثم معاهدات سلام لا تقدم سوى المزيد من الذل ومن استمرار الاحتلال، خلال الـ68 عامًا، تستمر نكبة الشعب الفلسطيني وتتجدد.
وفي وقت يعاني منه شعبنا الفلسطيني من كافة صور الاحتلال والذل، تعيش الشعوب العربية المجاورة وخصوصًا الشعب السوري الذي لطالما كان الشعب المحتضن للفلسطينيين وللمقاومة، حالة من الحرب والدمار تعيشها سورية منذ 5 أعوام، وفي ذكرى النكبة لا نستطيع أن لا نعتذر للشعب السوري، الذي تهجر بسبب الأزمة المخيفة التي تعيشها بلده إلى كل بقاع الأرض، ما عدا فلسطين كونها محتلة، فلم يحظى الشعب الفلسطيني (ما تبقى من فلسطينيين على أرض فلسطين) بشرف استقبال واحتضان هؤلاء اللاجئين ورد جزء من الجميل، وذكرنا واهتمامنا لقضية سورية لكونها قريبة جغرافيًا منا ولكوننا أصلًا جزء من هذا هذا الشعب وبلدنا جزء من سورية الكبرى وبلاد الشام هذا لا ينفي تعاطفنا مع الشعوب العربية الأخرى التي تعاني نكبات الارهاب والمؤامرات الخسيسة كشعب العراق وشعب اليمن والشعب الليبي والشعب المصري والشعب البحريني واللبناني وغيرها من الشعوب العربية.
ولو تطرقنا قليلًا لحالنا في الداخل، ونحن أهل فلسطين الذين بقوا على أرضها، لرأينا أننا في عام 2016 وبعد 68 سنة من النكبة، نعاني من نكبات ربما لا تقل خطورة عن النكبة نفسها، وأولها وأبرزها نكبة العنف المستشري في مجتمعنا، ففي كل عام هنالك عشرات القتلى من أبناء شعبنا في الداخل، يقتلون برصاص وسلاح أبناء شعبهم أيضًا، الخلفيات كثيرة ولكن النتيجة واحدة، الفقدان .. ولانتشار العنف أسباب كثيرة منها ما تتحمله الحكومات الإسرائيلية بسياساتها العنصرية التي جعلت من المجتمع العربي مجتمعًا فقيرًا محدود التطور والتقدم مما شكل أرضية خصبة لأعمال العنف، ومن الأسباب أيضًا بعض أخلاقنا وعاداتنا وأفكارنا التي يجب أن نخرج منها وتخرج منها، كاستغلال العائلية لأهداف سيئة وكقضية الثأر وغيرها، وللعنف أيضًا صورُ أخرى كعنف الشوارع الذي يعتبر نكبة أيضا، حيث يفقد مجتمعنا سنويًا عشرات الأشخاص جراء حوادث الطرق، ونسبة الضحايا العرب في حوادث الطرق اكبر بكثير من نسبة العرب في البلاد ومعطى كهذا يجب ان يضيء مصباحًا أحمرًا فوق رؤوسنا لنعرف أننا في الطريق الخاطئ الذي يجب أن نتصرف بالشغل الصحيح لنعود عنه، وأيضًا قضية حوادث العمل الخطيرة التي تحصل بكثرة، كل هذه وقضايًا أخرى هي نكبات خطيرة، تسببت بها النكبة والاحتلال .. وأمور اخرى.
أخيرًا في ذكرى النكبة، واجبنا أن نفنّد دائما مقولة زعيم اسرائيل الأول في زمن النكبة، دافيد بن غوريون الذي قال أن الكبار سيموتون والصغار سينسون، وهذا ما لم ينجح بتوقعه بن غوريون، ففعلا الكبار ماتوا لأن هذه هي سنة الحياة، أما الصغار فيثبتون من جيل إلى جيل أن الوعي للقضية والروح الوطنية أمور تتجدد من جيل لآخر وأن حق العودة حق لا مجال للتنازل عنه.
لنتمنى أن تتوقف النكبات التي نعيشها .. ولنعتذر من الشعب السوري . وليكن احياء ذكرى النكبة في العام القادم في وضع يكون به حال الشعوب العربية وشعبنا خاصة، أفضل ..
[email protected]
أضف تعليق