بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى اله وصحبة وسلم.

منذ القدم ونحن نسمع بمسمى "قضاء الناصرة"، للحد الذي جعل أهالي البلدات المجاورة للمدينة يعرفون عن انفسهم ومكان سكنهم ذاكرين هذا المسمى في سياق تعريفهم. في هذا المقال سوف نقف على جغرافية هذا المكان ونتعرف عليه من حيث الموقع، البلدات التي يضمها، تاريخه من حيث الانشاء والتغييرات التاريخية التي طرأت عليه.

سنّت الدولة العثمانية قانون تجديد التقسيم الاداري في عام 1864 , ووفقًا لهذا القانون قُسِّمت الدولة العثمانية الى ولايات، يترأس كل منها والٍ مسؤول عنها، وقسمت كل ولاية الى عدة الوية لكل لواء منهم باشا يحكمه، وفي هذا التدرج تم أيضًا تقسيم كل لواء الى أقضية سميّ من يرأسها "قائم مقام". واستمرارا لعملية التقسيم قسمت الاقضية الى مديريات ونواحي ولكل مديرية مدير.

تحولت الناصرة عام 1885 وفق هذا التقسيم لمدينة مركزية، وقضاء لخمس وعشرين بلدة. يتمد نفوذها جغرافيًا شمالياً من رأس جبل "الديدبة الغربية" - كوكب أبو الهيجا- نزولًا لبلدة البطوف كفرمندا مرورًا بسلسلة جبال الناصرة ومرج بني عامر وصولًا لجبال الدحي والفقوعة.
اما شرقاً "عرب الصبيح" المعروفة اليوم بمنطقة (شارع 65 بين مفرق جولاني حتى القرى الزعبية)، وجنوباً "جبل الدحي وجبال الفقوعة" ,غرباً حيث تلال الناصرة الغربية تقريباً وصولا لمفترق "الموفيل" اليوم. (مرفق خارطة توضيحية).

تمت إدارة القضاء حينها من قبل القائم مقام، الذي كان مسؤولا عن إدارة الشؤون المالية، الأمنية، الشرعية، وأمور أخرى لبلدات القضاء. ولعل اكثر المجالات تأثيرًا كان السوق الذي اعتبر القلب النابض للمدينة والقضاء، فقد كان يزود السوق الخدمات التجارية والإقتصادية لسكان القرى المجاورة. بالاضافة الى تنفيذ الامور الادارية التي كانت تؤدى في القضاء كذلك.

بعد انهيار الدولة العثمانية وبداية العهد البريطاني الذي مكث ثلاثون عامًا، حافظت الناصرة على مركزها الاداري كقضاء , واستمرت لتكون العنوان الاول لجميع الخدمات بمجالات مختلفة لقرى القضاء.

" خريطة نفوذ قضاء الناصرة التاريخي ".

بعد قيام الدولة، حل التغيير الأكبر على القضاء، فقد فقدت الناصرة مكانتها الادارية خاصة حين أقيمت مدينة الناصرة العليا عام 1956 التي تحولت بعد حين الى مركز لواء الشمال الاداري، واقيم فيها مكاتب الدولة المهمة من (تعليم، داخلية، قضاء، بيئة، صحة).

في السنوات الأخيرة عانت المدينة من تغيير إقتصاديّ أثر عليها. فحتى بداية سنوات التسعين كانت الناصرة مركزًا تجاريًا يستقطب الزبائن من كافة بلدات القضاء، ولكن بعد ذلك ومع إنشاء المجمعات التجارية التي وفرت سهولة المواصلات لها، وعملت على وسائل تسويقية حديثة تجذب المستهلك، إنخفض الاقبال على سوق الناصرة وضربت الحركة التجارية والاقتصادية بصورة كبيرة ليندثر تقريبًا ولا يبقى إلا تاريخه العريق.
ولكن ورغم هذه التغيرات الادارية والاقتصادية , الا ان جغرافية الناصرة وتاريخها ومكانتها السياحية تبقيهًا معلمًا دينيًا، أثريًا، دائم القدر ولو طال به الزمن.

الحمد لله التي بنعمة تتم الصالحات.
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]