حينما كنت طالباً بكلية الحقوق بجامعة بار ايلان وضمن تقديم وظيفة في مجال الضرائب العامة كُنْتُ قد إقترحت , من ضمن اقتراحات كثيرة, إالغاء المجالس والبلديات قاطبةً ودمجها في الحكم المركزي لتكون هذه المجالس والبلديات مؤسساتٍ تابعة للسلطة المركزية وصلاحياتها تكون تكنوقراطية خالصة, أي إدارة المجالس والبلديات بشكل وظيفي يخدم كل المواطنين دون استثناء بموجب القانون .
اقتراحي , آنف الذكر , لم يأتِ من فراغ بل واكثر من ذلك , اقتراحي كان نتيجة ما يجري في مجالسنا المحلية من ناحية إدارية من جهة ومن جهةٍ أخرى تفادياً للمخاطر التي تنجم عن الانتخابات في يوم الانتخابات وخلال المدة الرئاسية لكل رئيس .
إننا نتشدقُ بالدمقراطية ولا نعيشها نطالب بها ولا نمارسها والأنكى من هذا كله تصبح بلداتنا مأوىً للمشاكل ومثاراً للخلافات بين أبناء العوائل , الطوائف والأحزاب وهذا الاقتراح ما جاء إلاَّ ليبقينا عائلة واحدة وفي ذات الوقت مواطنين متساويين امام القانون بالحقوق والواجبات .
إنَّ الممارسات الأخيرة والخطيرة في العديد من البلدات من عمليات قتل واطلاق نار وخاصة ما شاهدته عبر التلفاز في كفر مندا ومع اقتراب عملية الاقتراع لانتخاب رئيس للمجلس المحلي هناك, عادت لذاكرتي فكرة الغاء وحل المجالس المحلية كلها وألعمل على تعيين " مدراء عامِّين " لكل مجلس – مؤسسة محلية – يديرون شؤون البلدات في شتى النواحي الحياتية والمشاريع المختلفة من صيانة واعمال تطوير , تطوير بنى تحتية مدارس ومؤسسات والاهتمام بالفرد والمواطن المحلي والعمل على ترتيب وتسيير الأمور قاطبةً .
بعد حلِّ المجالس المحلية وتعيين مدراء عامين , كما أشرتَ, تُوضع برامج عمل شاملة للعمل على الانسان وتجهيزه فكرياً لتقبل الديمقراطية , لأن الديمقراطية هي عبارة عن مسيرة تعليم وتجهيز تبدأ بالأسره اولاً مروراً بِالمدرسة وانتهاء بالمجتمع, بعد صقل الشخصية وتحضيرها, ديمقراطياً, حينئذٍ نستطيع الخروج بأفكار جديدة عينية اكثر لأننا حتى هذه اللحظة لم نتذوق الديمقراطية كشعب وكمجتمع .
الأحداث الأخيرة وما قبلها والعنف المشتشري في مجتمعنا ما هم إلا " صرخة استغاثة " لكل العقلاء بيننا للعمل على "هضم " الفكرة وتقبلها لأننا لم نتقبل بعد الآخر, المغاير المختلف .... وحينما نكون جاهزين حينها نستطيع العمل سوية على بناء مجتمع راقٍ وافضل لمستقبلنا ومستقبل أولادنا ......
المؤسف حقاً أنهَّ حينما تقع المصائب والنوائِب في مجتمعنا وتقع احداث القتل نلجأ لتضميد الجراح بدلاً من العمل عليها وتفهم خلفياتها وعلاجها بطرق إنسانية خالصة بعيدة كل البعد عن قضية " الحلول الوسط " لانه علينا اجتثاث هذه الأَسقام والاوبئة الاجتماعية من الجذور وكل عملية حل وسط وما شابه تخطيء الهدف الأساس وتبقي الخلافات كالجمر تحت الرماد .... .
لستُ بصدد عرض كافة الحلول في بعض السطور بل الفكرة الأساسية من هذه المقالة ما هي إلاَّ طرح جدَّي لأول مرّة من خلاله نستطيع سوية العمل عَلَى بناءِ مجتمع أفضل .
إن تعريف المجلس المحلي والبلديات حسب القانون هو "شركة" "תאגיד" حسب القانون . واذا كانت المجالس والبلديات تدار حسب القانون دون مواربة حينئذ نستطيع محاسبة المسؤولين الذين يخالفون القانون , على سبيل المثال تتم التعيينات حسب الكفاءات والمؤهلات ليكون الانسان المناسب في المكان المناسب وليس بموجب تعيين عائلي او طائفي وما شابه من ناحية ومن ناحية أخرى تقوم هذه الموسسات بصرف الميزانيات بشفافية تامة حسب القانون ويكون مراقب الدولة الرقيب الأول على صرفها .
إنّ الطرح الجديد يمنح المساواه التامة , لكل المواطنين في البلد الواحد, امام القانون ويقوم برصد المشاريع لكل الاحياء ولكل المواطنين , بصرف النظر عن انتماءاتهم طائفياً او عائلياً وهكذا تتم المعادلة الأخيرة : مُساواة الكل امام القانون !.
ملاحظة
المقالات التي تنشر في زاوية "منبر بكرا" في موقع "بـُكرا" تعبر عن آراء كاتبها فقط.
[email protected]
أضف تعليق