في يوم. في شهر. في سنة. سمعتم وتسمعون أغنية «العندليب» العاطفية. نائب الرئيس جون بايدن أسمعته إسرائيل أغنية استيطانية. هاكم وقائعها:
في يوم في شهر في سنة، زار المستر بايدن إسرائيل. في يوم وصوله، قبل خمس سنوات، أعلنت إسرائيل العام 2010 عن مخطط لإقامة مستوطنة رامات شلومو في القدس الشرقية.
آنذاك، ثارت أزمة، وتعلّلت حكومتهم بأن مصادفة التوقيت كانت خللاً غير مقصود في صلاحيات دوائر التخطيط، ورئيس البلدية، ومكتب رئيس الحكومة.
لاحقاً، وفي يوم في شهر في سنة، زار جو بايدن إسرائيل في العام 2015، وعلى شرف الزيارة هذه، أعلنت الحكومة عن تأجيل إقرار مشروع آخر لتطوير وتوسيع المستوطنة.
لكن، في يوم في شهر في سنة 2016 أدّى بايدن زيارة ثالثة، فانتظرت إسرائيل كم شهر، ثم أعلنت عن مشروع ثالث لتوسيع المستوطنة. إياها!
في البداية، كان الإعلان يشمل 360 وحدة سكنية ستبنى خلال عامين من العام 2010، وفي مرحلة لاحقة 900 وحدة سكنية، وفي مرحلة ثالثة بناء عدد غير معروف من الوحدات السكنية الجديدة.
لا أعرف كم مرّة زار نائب الرئيس إسرائيل، لكن رئيسه أوباما زارنا وزارهم مرّة واحدة.. وأما وزير الخارجية كيري، فكأنه «سفير غير مقيم» في زياراته.
في المرات/ الزيارات الثلاث أدانت واشنطن وشجبت، كما دأبت على التنديد والإدانة في الإعلان عن كل توسع استيطاني، إن في القدس الشرقية، وإن في أوسع مصادرة لآلاف الدونمات في أغوار أريحا، وبالذات في نوايا إسرائيل لتنفيذ مشروع ربط مستوطنة «معاليه أدوميم» بمستوطنات القدس الشرقية المسمى (E1).
في آخر الأخبار ان إسرائيل باشرت بناء جدار عازل على أرض مدينة بيت جالا، سوّغته محكمتهم العليا، وأدخلت عليه تعديلات طفيفة، قال عنها رئيس بلدية بيت جالا أنها ستحول دون توسعها العمراني، وقد تؤدي إلى تهجير سكانها المسيحيين.
مشاريع الاستيطان، من «هار حوما» (جبل أبو غنيم) إلى «جيلو»، إلى نوايا ربط كتلة «غوش عتصيون» بالقدس، ستجعل المدن الثلاث: بيت لحم، بيت ساحور، بيت جالا أشبه بـ «غيتو» محاصر بالمستوطنات.
صحيح، أن منظمات البيئة الإسرائيلية اعترضت على خطة بناء في «رامات شلومو» حيث محمية طبيعية للغزلان، لكن الاستيطان يستخدم ذريعة «المناطق الخضراء» لمنع العمران الفلسطيني من جهة (وفي القدس خاصة)، وتسويغ الاستيطان اليهودي من جهة أخرى!
تعرفون أن «الاعتقال الإداري» الإسرائيلي لنشطاء فلسطينيين يقوم على إفادات سرية أمنية، ويتجدد تلقائياً كل ستة شهور، لكن هاكم أسباباً «سرية» وراء تجميد القيادة السياسية الإسرائيلية خطة بناء مئات الوحدات السكنية الفلسطينية في «بيت صفافا» مع المصادقة على بناء مئات الوحدات السكنية اليهودية في مستوطنة «غفعات همطوس» في أراضي بيت صفافا!
النيابة العامة الإسرائيلية ستقدّم للمحكمة تقريراً سرياً، وستكون مداولات المحكمة سرية، وستعلن المحكمة عن تقريرها بصفته «سرّيا للغاية».. وفي النتيجة تطويق بيت صفافا من جهاتها كافة، بما يمنع تقسيمها لأنها تقع على جانبي «الخط الأخضر» وبالتالي لن يشملها ترسيم حدود بين القدس الشرقية والغربية.
الإعلان عن إقامة «كريات شلومو»، على أرض بيت حنينا ـ ومخيم شعفاط في العام 2010 تلاه تصويت في مجلس الأمن عام 2011 على مشروع قرار فلسطيني ـ عربي لإدانة الاستيطان، ووافقت 14 دولة على المشروع، لكن «الفيتو» الأميركي أبطله.
الآن، هذا العام، وربما هذا الشهر، وبعد خمس سنوات ملأى بالتوسع الاستيطاني، ستقدم لجنة وزارية عربية خماسية، بينها فلسطين، مشروع قرار آخر إلى مجلس الأمن لإدانة الاستيطان، في ضوء مشروع فرنسي لعقد مؤتمر دولي هذا الصيف.
المشروع الجديد يستند إلى عشرة قرارات صدرت عن مجلس الأمن، نصفها صدر بعد اتفاق أوسلو، وأبرزها القرار 515 لعام 2003 في تأييد مشروع أميركا لـ «الحل بدولتين».
المشروع الجديد معتدل، ويستند إلى تصريحات ومواقف أميركية وسياسة أميركية معلنة، على أمل أن لا تكرر واشنطن استخدام حق النقض، أو تمتنع عن التصويت.
إذا اشتكت إسرائيل من «الأغلبية الآلية» المؤيدة لفلسطين في الجمعية العامة، فإن 14 دولة في مجلس الأمن، بينها أربع دول دائمة صوتت لصالح مشروع القرار في العام 2011.
هل سترفع أميركا «كارت أحمر» أو «كارت أصفر» للمشروع الجديد ذي النقاط السبع المعتدل للغاية، أو ستكون النتيجة كما وردت في النقطة الأخيرة «يؤكد مجلس الأمن على دعم الطرفين خلال المفاوضات، وفي تنفيذ اتفاق (للمفاوضات؟) ويقرر أن يبقي المسألة قيد نظره»!
هل سيفعلها المستر أوباما في يوم. في شهر. خلال آخر سبعة شهور من ولايته الثانية، أم ستبقى المسألة «قيد نظر» مجلس الأمن، علماً أن كل اتفاقيات السلام العربية ـ الإسرائيلية، والفلسطينية ـ الإسرائيلية، كانت خارج قرارات محددة من مجلس الأمن، لكن التصويت الأميركي هذه المرّة قد يقدّم أو يؤخّر، لأن إسرائيل ستكون معزولة عن الإجماع الدولي في قرار دولي، سواء رفضته أو التفّت عليه.
في الأغنية: في يوم. في شهر. في سنة. وفي الروايات «في انتظار غودو».. وفي المفاوضات و»حل الدولتين» في انتظار التصويت الأميركي.. أو «أهلكني تأميل عام بعد ذاك فعام».
[email protected]
أضف تعليق