قبيل وبعد تشكيل القائمة المشتركة كنت من بين الذين حذّروا من إهمال لجنة المتابعة العليا والاكتفاء بالقائمة المشتركة "لتقود" جماهيرنا الفلسطينية في الداخل في نضالها العنيد والمركّب. وفي اكثر من مناسبة كرّرت قولي إن القائمة المشتركة ليست اكثر من ذراع للجنة المتابعة العليا تُعنى بالجانب المدني البرلماني لجماهيرنا ليس اكثر، كما هم ممثلونا في النقابات العمالية، يهتمون بالنضال النقابي لجماهيرنا ولا يحاسبهم أحد مع اي جهات سياسية يتحالفون من اجل هذه القضية او تلك، وعليه تقاس نجاحاتهم، انجازاتهم، او فشلهم بالنتائج المرتبطة بمجال نشاطاتهم ليس إلّا. اما لجنة المتابعة العليا، في السقف الوطني الجامع، ويتفرض او تؤطّر تحت جناحيها كل القوى الوطنية، الممثلة في البرلمان وغير الممثلة فيه، السياسية والاجتماعية، السلطات المحلية وجمعيات قطرية فاعلة الى جانب لجنة المتابعة الخ..
لم أُخفِ غبطتي عندما تم انتخاب رئيس جديد للجنة المتابعة، واعتبرت ان انتخاب الاخ محمد بركة لهذه المهمة بادرة خير لما لديه من خبرة وقدرة على قيادة اللجنة، واحتراما مني لقادة لا تتقاعد بعد الكنيست، وجدت مني ومن غيري واجب مد اليد للمساعدة في اعادة بناء هذه اللجنة ومأسستها، كما يحلم كل فرد من جماهيرنا، وهو الأصل والهدف من تأسيسها أصلا، غداة الغاء مؤتمر الجماهير العربية بأمر من مناحيم بيغن، آنذاك، بموجب قانون الطوارئ البريطاني البغيض، وقد بلغني ان عدة جهات ناشطة قدمت اقتراحات عديدة في محاولة للمساهمة في هذا الجهد، ولكن ثمارا او حتى ازهارا لم تُرَ بعد، فماذا التأجيل؟
أسعدتني مبادرة لجنة المتابعة العليا لخلق تواصل مع اشقائنا الفلسطينيين في اوروبا من خلال الاعلان عن اليوم العالمي للتضامن مع فلسطينيي ال 48، الجزء الحي والنشيط من شعبنا، الذي بقي في وطنه رغم المجازر والتشريد خلال عام النكبة، ويسعدني ان اللجنة الخاصة بمكافحة العنف، برئاسة الاخ طلب الصانع، تنشط يوميا في المجال المنوط بها، وقد شرفني بمرافقته في عدة اجتماعات تحضيرية نحو مأسسة هذه اللجنة وتحويلها الى هيئة شعبية ناشطة قطريا تجمع وتستقطب كل الاطر الفاعلة في مكافحة العنف وتعزيز السلم الاهلي، على ان يكون لها امتداد من خلال هيئات محلية ساهرة على استقرار السلم الأهلي في كل قرية ومدينة، والى جانبها هيئة اكاديمية مهنية ترصد الأحداث، تضع برامج لفعاليات مناسبة، وتوجه عمل اللجان المحلية، كل هذا لكي ننهض بمجتمعنا ونقوم بما يمليه علينا الواجب الاجتماعي والوطني لوقف الانزلاق الى هاوية خطيرة من العنف لا يخدم إلا اعداءَنا، ومن يتابع الاخبار يدرك اننا قد انحدرنا في هذا المنزلق الخطير ونحتاج الى جهد مضاعف لوقف ذلك على الاقل، قبل ان نحاول الخروج منه.
لكن، ماذا عن باقي الهيئات واللجان؟ حتى وان كانت جمعيات مستقلة. من يتابع عملها؟ ومن المسؤول عن اجراء التقييم لانجازاتها او اخفاقاتها، وماذا عن اقامة لجان او دوائر ضرورية اخرى؟ ومن المسؤول عن التوجيه والتصويب نحو الهدف المشترك؟ اذا ما كنا جادين في تنظيم شعبنا في الداخل، ضمن خصوصيته المعروفة. من المسؤول عن بناء هذه الهيكلية المقررة للّجان والهيئات الوطنية والمجتمعية المختلفة؟ ومن المسؤول عن تنظيم الفعاليات الوطنية والتنسيق فيما بين المكونات السياسية لشعبنا لانجاح هذه الفعاليات، ومنها يوم الارض. وهل يكفي ان نصدر بيانا نحدد فيه اضرابا او موعدا او مكانا لمهرجان او مسيرة؟ الا تستحق الذكرى الاربعين ليوم الارض حملة اعلامية محلية ودولية ذات اهداف محدد ورسائل مقرّة وآليات عمل وأدوات تنفيذ و... و الخ؟ وهل يمكن القيام بذلك دون دائرة اعلامية مهنية الى جانب لجنة المتابعة العليا ودون لجنة متابعة عليا فاعلة بكل مركباتها وأذرعها؟ تجمع روافد العمل من كل الاتجاهات لتصب في نهر واحد، هو استراتيجيتنا بأهدافها القريبة والبعيدة؟
لم يعد كل هذا يحتمل التأجيل او الانتظار !! ولا افهم سببا للتردد او التساهل. قد يكون العمل الجاري المكثف لرئيس لجنة المتابعة هو ما يعطل التقدم نحو عمل مؤسساتي صحيح، ولكن التجربة تثبت ان اقامة المؤسسات المطلوبة وتوزيع المهام وضبط هيكلية العمل، هو ما يخفف عن رئيس لجنة المتابعة العليا مهامه، وهو ما يعطي ثمارا افضل بجهد اقل. فهل من سبب آخر اللانتظار؟
[email protected]
أضف تعليق