ليس هناك من جديد في احتفالات الحملات الانتخابية الرئاسية الأميركية فيما يخص المباراة بين المرشحين لإبداء كل منهم الولاء لإسرائيل، إذ لم تشهد أية حملات سابقة غياب إسرائيل عن هذه الانتخابات وإبداع المرشحين في التقرب منها، انتخابات 2016 ليست متفردة بهذا الشأن ومؤتمر اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، الذي يتزامن عادة مع الحملات الانتخابية، سواء تلك المتعلقة بمجلسي الكونغرس، الشيوخ والنواب أو الرئاسية، وهذا المؤتمر يعتبر تسجيلاً لتلك المباراة التي يتدرب المرشحون في وقتٍ سابق على إبداء كل الدعم للدولة العبرية، أمام منصة المؤتمر، ومع أن المرشحَين الأكثر اقتراباً بالفوز بترشيح حزبه للمنصب الرئاسي، يغمرهما مزيد من الإبداع في إلقاء التعهدات الأكثر حرصاً على الدولة العبرية، تمويلاً وأمناً.
وعادة ما تشكل القضايا الداخلية الأميركية، كالطاقة والضرائب والميزانيات والبطالة، العناوين الأساسية للمباريات بين المرشحين، وذلك في بداية الحملات الانتخابية، إذ تظلّ السياسة الخارجية الملف الأساسي في المراحل ما قبل الأخيرة اقتراباً من موعد الحسم، وفي القلب من السياسة الخارجية، إسرائيل وتحديداً الملف الفلسطيني ـ الإسرائيلي، ولا يتوقف الأمر عند إبداء تعهدات أمنية وسياسية لصالح إسرائيل عربوناً على الوقوف من خلفها وإلى جانبها، بل ان كل مرشح يحاول أن يتهم المرشحين الآخرين بعدم إبداء ما يكفي من دعم لإسرائيل! لذلك، فإن خطابات المرشحين مؤخراً أمام مؤتمر اللوبي الصهيوني، خاصة ترامب عن الحزب الجمهوري وكلينتون عن الحزب الديمقراطي، بشأن اعتبار كل منهما أنه الداعم الأكبر لإسرائيل عن غيره، أو غيرها من المرشحين، ليس بالأمر المفاجئ، رغم أن ترامب حاول في تصريحات سابقة أن يشير إلى توازن في موقفه، سرعان ما تراجع عنه ليؤكد أن لا أحد من المرشحين أكثر منه كرماً وولاءً ووفاءً للدولة العبرية، إنه سباق نحو إسرائيل بالتوازي مع السباق باتجاه البيت الأبيض، والمكتب البيضاوي لا يمكن الوصول إليه إلاّ عَبر إسرائيل وأدواتها في الولايات المتحدة، ولا يختلف أحد من المرشحين عن الآخر، سواء كان سيناتوراً أو حاكماً، أسود أو أبيض، امرأةً أو رجلاً، إذ مجرد كونه أو كونها مرشحاً أو مرشحة للرئاسة، فإن ذلك محكوم بالضرورة بمقدار ما يعلنه من ولاء للدولة العبرية.
ولأنه ليس هناك من جديد في المنافسة بين المرشحين للرئاسة الأميركية من الحزبين، الجمهوري والديمقراطي حول الغرام بإسرائيل، فإن هناك حقيقة لا يجب أن تغيب في سياق مختلف، وهي أن هذه الانتخابات، 2016 للرئاسة الأميركية متفردة ومميزة عن معظم، إن لم يكن كافة الحملات الانتخابات السابقة، فتلك الحملات كان تجري عادةً بين مرشحين ذوي ألقاب هامة، نائب رئيس سابق، أو سيناتور، أو حاكم ولاية، وكلهم مسيحيون ورجال. انتخابات هذه المرة، 2016، شهدت تفاوتاً متفرداً وتنوعاً مختلفاً عما كان الأمر عليه في الانتخابات السابقة، فباستثناء الرئيس الأميركي دوايت ايزنهاور، المتوج رئيساً للولايات المتحدة عام 1952، فإن الانتخابات الرئاسية الأميركية ومنذ العام 1788، لم تشهد فائزاً بدون خلفية وظيفية مرموقة، هذا العام، هناك تنوع هائل للمرشحين، لم يسبق أن تماثل مع أية انتخابات رئاسية سابقة، بن كارسون من أصل أفريقي، تيد كروز وماركو روبيو كلاهما من أصول كوبية، وهناك امرأتان، هيلاري كلينتون وكارلي فيورينا( قبل انسحاب الاخيرة)، وفي سابقة هامة، فإن بيرني ساندرز يهودي، وكذلك، هناك ثلاثة مرشحين لم يشغلوا أي منصب منتخب، دونالد ترامب وبن كارسون وكارلي فيورينا.
وعلى سبيل التنوّع والفرادة، فقد شهدت الحملات الانتخابية هذه المرة، حملات جماهيرية مضادة للمرشحين، ليس عَبر الخطابات والندوات الصحافية، ولكن مظاهرات جماهيرية كان من شأنها إلغاء بعض الأنشطة الانتخابية للمرشح ترامب، ما اضطره الى إلغاء العديد من الأنشطة الانتخابية وإغلاق بعض الولايات للطرق والأندية تحسباً من «حرب أهلية محدودة» على خلفية الجدل الذي ما زال مستمراً حول هذا المرشح، الذي اكتسب شعبية طاغية. هذا المستوى الواسع من الفرادة والتنوّع، لا يجمعه سوى منافسة شديدة بالعبارات والأقوال والتعهدات لصالح الدولة العبرية، اتفاق كامل بين جميع هؤلاء على هذا الموقف والخلاف حول مستوى هذا الولاء، فالحملات الانتخابية تفرق ما بين المرشحين، وإسرائيل تجمع بين الجميع، هذا هو العنوان الداعم للحملات الانتخابية الأميركية، لمجلسي الكونغرس أو للرئاسة! -
[email protected]
أضف تعليق