(مهداة الى الشاعر الكبير سميح القاسم )
يجرون احلامهم في عتمة غيابهم
يجترون ذكرياتهم وترابهم
يجترحون حقدهم
يوئدون عشقهم
في ظلمه النهار نزورهم
نرمي اعقاب سجائرنا
نمسح غبار وجوهنا
كي لا نلوث غربتهم واغترابهم
نسمع صدى ايامنا معهم :
اين خطى ايابهم ؟
*****

الحجارة تشهد :كل نفس مطمئنه
الشاهد حائر : هل كل نفس مؤمنه ؟
التراب الرطب يوصل شحنات خوفنا مع امنهم :
اين جهنم اين الجنه ؟
******
يجرحون موتهم بكبرياء الحياء
ينحرون حياتهم خوف الشقاء
يلتقي " حضورنا مع ذهابهم "
يكتب :
تلك ماتت فرحة , لان زوجها ضربها قبل ان تموت فجأة
فتأكدت ان ابنتها الوحيدة هي من صلبه . ذلك مات فرحا ايضا
لأنة تمكن ان ينجب ولدا من زوجته الثالثة , كي يحرم اخوته من ميراثه .
هناك , يرقد رجل مات حزينا , لانه طيلة سنوات عمره الطويلة ,
كان يتحدث بطلاقة ودون توقف , لكنه لم يقل كلمته الاخيرة التى يريد .
بجانبه ينام شاب بفرح رمادي , لأنه قال كلمته الأولى والأخيرة

قريبا , باتجاه اليمين تنام فتاة منذ اكثر من خمسين عاما , بفرحها الاحمر
كانت تزحف بسرعة , نحو الرابعة عشر (اقل او اكثر , الله يعلم , لانه لا شاهد لقبرها ولا شهود لموتها ). ما زالت يدها تمسك بالجرح , تحاول وقف نزيف دمها .
لم تعرف يومها ان لمسة اليد هي اكبر خطايا الجسم والروح والقلب . لم تعرف ان اللون الاحمر قد يسبب حربا عالمية , ماتت وهي لا تعرف سبب اللونين : الاحمر والاحمر . لم تستوعب شيئا , لم تر حتى السكين .
تابع "حضورنا وغيابهم " , وكتب : الى جانب هذه الفتاة يرقد رجل , يقول بعض الزوار الدائمين انه يتحرك في رقدته كثيرا ( حتى انه القبر الوحيد الذي لم ينبت عليه العشب )
وكأن الارق الابدي اصابه , لسبب يعرفه الكثيرون . بقي السر كما هو , البعض يقول انه والدها وان اسمه الحقيقي :" اسعيفان" وليس الاسم المتعارف عليه "عبد الرحمن " وله شاهدان من حجر مثل الجميع : نفس مطمئنة ومؤمنة
*****
يفرون من ظهور رجال
عنوة , رغبة , جنحة , شهوه
يبحرون في ارحام نساء
شبقا , عشقا , حبا
فك رقبه , تحرير اجنه
يهربون من المجهول الى المجهول
يجربون الارقام , كل الارقام

بدون علم الثورة ..
يبحثون عن الاسم المائة للرب
*****
قرأ "حضورنا وغيابهم " أحرفهم الأبجدية , وجدها متشابهة, سمع أصواتهم وكتب:
الى اليسار طفل لم يغلق عينيه بعد . سمى الرب " الرغيف " وقال له : ربي , كن رغيف خبز
فأكون عبد الرغيف. بجانبه , طفل اقترح على الرب كل الاسماء ما عدا السرير وقال له : لا اريد أن أكون "عبد السرير" . لقد شبعت موتا سريريا , لان أمي وأبي ما زالا أسرى سري وسريري الصغير .
بين الطفلين ينام رجل احب ان يسمي الرب "الموقف ", فشل ان يكون عبد الموقف وفشل ايضا ان يكون حر الموقف . هذا الرجل كتب وصيته , قرأها الشيخ وهو يغسله ميتا , اخفى الشيخ الوصيه تحت عمامته بيده المرتجفة ,كانت وصيته من ثلاث كلمات : انا نصف الموقف .

يمرون من خلف الاقنعه
القناع شاهد زور
تاخذه اول زوبعه
يتامرون مع الريح ان نغادرهم
عاصفتك تامرك بالرحيل
ارحل ثم ارحل وتبقى صومعه
******
الى متى يرقد الشطر الاول
من بيت شعر لم يكتمل ؟
ما زالت بحور الشعر تتخاصم على ذاكرتي
يستفيق الراقد ويصرخ
التهمتني عشيرتي , التهمتني قافيتي
******
تناثر كما شئت
انت منا وفينا , البرتقاله والسنبلة
الزيتونة , عباءة القصيده المفخخة باسم الله
والحب والقنبلة
تناثر في البراري والاجواء والسماء
تخذلك الصحارى , تحميك العذارى
كما يشتهى الموت , كما يشتهي اللقاء
لا مكان للحيارى ,

يتابع" حضورنا وغيابهم " :
كنا هناك لم يأت احد سوانا
كنت ثاني قلبين وقلبينا
الغار لنا والغبار لنا والعار لنا
كنا نبحث في الصحراء عن نارنا
الحمامة لنا اذا باضت على بيت العنكبوت
نقتلها ونختفي في نهارنا
يضيع الطريق بنا , في الليل نبحث عن مأوى ,
لا بر في الليل , وخبز الليل مر
الليل يحفظ لونه
يفتح عيونه على ثأرنا وغدرنا
يجفف قلوبنا وبحارنا

" لا جناح " علينا كيفما نعشق
لا لوم علينا كم نفترق
اسألك : هل كان الشفق عاهرا
هل عرف النهاية قبل البداية ؟
هل كان عطرك مزيفا ؟
هل لوثه الشك والقلق ؟


يتابع "حضورنا وغيابهم "
هناك يرقد مزارع هو فلاح بلا ارض , اعتقد انه ابي او امي , بحث عن الاسم المائه للرب قال : ربي لا تكن ماكرا , فانا لا احب عبادة الماكرين .
بصم "حضورنا وغيابهم ", على ما كتب تناول شاهدا وقال :
نقرأ اوراقهم كما نريد
نزيف كتابهم كما احبوا
كما كرهوا
نحرق دفاترهم كما نريد
نرتاح لعتابهم وعذابهم
تبقى ورقهَ برعم يتفتح
هي الاسم المائه للرب
بين حضورنا وغيابهم .

حزيران 2014

" تناثر شيء مني " , "ألقصيده المفخخة " , "خذلتني الصحارى " , " احبك كما يشتهى الموت " , هي من قصائد ودواوين شعر سميح القاسم .

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]