لقد كان تأخري للكتابة عن قضية المعلمين ، احجاما عن الخوض في نقاشات سفسطائية ارتآها البعض للدفاع عن موقفه المتشدد من قضيه المعلمين والذي يضرب بسيوف الحرص الشديد على جيوب الحكومة ، والطعن بقدرات المعلمين والمعلمات ، بدعوى انهم لا يمتلكون لا الخبرة ولا الكفاءة ولديهم ثلاثة أشهر اجازة وانهم يذهبون مبكرا الى بيوتهم وانهم يدرسون دروسا خصوصية ثم يبداون باجراء العمليات الحسابية لتاكيد ان المعلم يتلقى راتبا افضل من راتب الموظف العادي .
في المقابل موقف آخر متشدد يرفض اي حوار مع الحكومة الا بعد تنفيذ طلبات المعلمين بالكامل ، انتظرت ان ترتفع الاصوات العقلانية من كلا الطرفين لتقول نعم للحقوق ونعم لمصلحة الوطن والمواطن في آن واحد.
شق صفوف الاضراب عزز من مظاهر العنف المخيفة ، الجدل حول شرعية رئيس الاتحاد ومن يمثلهم قصة اخرى ...شابها ما شابها .
ما يؤلمني ان وزير التربية والتعليم العالي كان متحفزا وطموحا لاحداث تغيير نوعي في حقل التعليم .كا ن يخطط لاجراءات نوعية كانت ستنهض قفزة بحقول التعليم الفلسطيني وترفع من شأنه وتتجه به الى مسارات جديدة بعيدة عن التلقين ...الذي نمقته ، كنا نتمنى ان تبدا اعادة النظر بالمناهج الفلسطينية لتلبي التطورات المتسارعة في حقل التعليم .
ثلاثة اسابيع متوالية من الازمة ، والاطفال لا ملاذ لهم سوى البيوت والشوارع ، والمقاعد الدراسية خالية ، والمدارس لا صوت فيها ولا حياة .
مبادرات كثيرة طرحت من قبل اسرانا البواسل في سجون الاحتلال والمجتمع المدني والمجلس التشريعي لم تستطع حتى اللحظة ان تصل لحل للازمة ،رغم اعلان الكل احترامهم لكافة المبادرات وعلى راسها مبادرة الاسرى.
انني من أشد المؤمنين بحق المعلم بان يعيش بكرامه ،ان تتساوى حقوقهم مع باقي القطاعات وربما ان ياخذوا أكثر لانني أعلم العبئ الكبير الذي يقع على عاتق هذه الشريحة لانشاء جيل حر ، متعلم مثقف واع لقضيته الوطنية ، مؤمن برسالته الانسانية.
يقع على عاتق وزارة التربية والتعليم ايضا تنظيم دورات التمكين المستمر لقطاع المعلمين للنهوض بقدراتهم وتحديث خبراتهم ومعلوماتهم ، ويجب ان يرافق هذه الدورات علاوات خاصة لمن يلتحق بها وينهيها ، اذا يجب تعزيز الحوافز الايجابية حتى نلزم قطاع المعلمين بالتطوير في حقل التعليم ولكل مجتهد نصيب من المكافئات والترقيات.
هنالك الكثير من الملاحظات التي يمكن ان تسجل بهذا السياق والتي لا تهدف الى التجريح وانما النقد البناء الذي يساهم في ارساء قواعد مثلى لدولة فلسطينية قوية شعارها العلم والانفتاح والتفكير الحر وتطوير القدرات الخلاقة.
علينا ان نناى باجهزتنا الامنية عن التدخل في هذه القضية هذه الاجهزة التي نعي دورها الوطني في الدفاع عن الوطن ومقدراته ، لا نتمنى ان تدخل في هذه الازمة الا اذا شاب هذا الاضراب خروجا عن الاحتجاج اليمقراطي السلمي الذي نمارسه كشعب فلسطيني في كل يوم .
نحتاج الان الى لجان حوار وطنية هادئة غير موتورة حريصة على المشهد الفلسطيني بعيدة عن أجندات هنا وهناك، لا تخدم الا بعض المنتفعين الذين لم يكتووا بنار غلاء المعيشة او ضنك العيش أو القروض أو عدم القدرة على دفع أقساط الابناء.
المعلم هو من علمنا ان نحب وطننا اكثر ، ان نفتديه بارواحنا ، ان نحفظ عن ظهر قلب مدنه وقراه وتاريخه الاشم ، الا يستحقوا منا ان نقدر هذا الجهد وان نلتفت الى مطالبهم .
تحية لمعلماتنا ومعلمينا ونتمنى عليهم الاستجابة الى لجان الحوار الوطنية للخروج من هذه الازمة بافضل صيغة .
[email protected]
أضف تعليق