أثارت فكرة سعي وزارة النقل والمواصلات في غزة "تشريع" إدخال السيارات المفككة وإعادة تجميعها حفيظةَ تجار السيارات، فضلًا عن تساؤلات عن مدى كفاءتها الفنية.

ويعمد تجار قطع الغيار إلى شراء سياراتٍ تعرضت لحوادث مرورية من شركات قطع الغيار والتأمين الإسرائيلية بأثمانٍ زهيدة، ثم تنقل تلك السيارات إلى معامل ليتم تفكيكها إلى أربع أو خمس قطع، ثم تُنقل عبر حاوياتٍ إلى غزة.

ويستغل بعض تجار قطع الغيار تلك الآلية لخلط قطع الغيار المسموح باستقدامها (كل أجزاء السيارة عدا الهيكل) مع القواطع والأجزاء الرئيسية الممنوعة (الهيكل)، والتي من الممكن أن تُجمع مستقبلًا.

وكانت الوزارة أدخلت سيارات مفككة مؤخرًا لبعض الجهات الحكومية، والتي يمنع الاحتلال الإسرائيلي إدخالها إلى غزة.

وأبدى أولئك التجار معارضتهم وقالوا إنه تهديد لحياة المواطنين لعدم كفاءتها فنيًا، ولفتوا إلى أن الوزارة غرَمت في السابق تجار آخرين لجلبهم سياراتٍ مماثلة.

لكن من يعملون في تجميع السيارات المفككة لم يوافقوا التجار في الرأي؛ مؤكدين متانتها وأنها آمنة في الاستخدام؛ في حال تم تجميعها بالطريق السليمة.

فيما يؤمن المسئولون في الوزارة أن "تشريع" استجلاب تلك السيارات يسهم في "تحديث" أسطول السيارات المتهالك في غزة، ووضع حدٍ للأسعار غير المسبوقة للمركبات.

ووفق لوائح وقوانين وزارة النقل؛ يُمنع على تجار قطع غيار السيارات إدخال أجزاء كبيرة من هياكل المركبات، ويُحرم التاجر من الاستيراد لشهرين في حال خالف القانون، ويُغرم خمسة آلاف شيكل.

ويوجد في قطاع غزة أكثر من 35 ألف مركبة متهالكة، من أصل 82 ألف مركبة تسير على شوارع القطاع، وفق إحصاءات رسمية.

رفض التجار

ويرى من يعملون في قطع الغيار أن منع الوزارة استيراد الهياكل يُعرضهم لـ"الظلم"، سيما أن تجار الضفة الغربية يستوردون السيارات كاملة دون تفكيك.

ويشير رئيس جمعية تجار قطع غيار السيارات عبد الهادي حميد إلى أن منع الوزارة إدخال الهياكل يحرمهم من الاستفادة الاقتصادية.

ويضيف "إن إقرار الوزارة لهذه الظاهرة غير القانونية هو إدانة لها، لأنها فرضت عقوبات على بعض التجار لتجاوزهم الاتفاق، فكيف تعاقبهم بالأمس على هذا وتأتي به اليوم؟".

ويلفت حميد إلى سماح الوزارة بدخول بعض القطع الممنوعة في حال وجود سيارة حديثة متضررة بعد عرضها على لجنة فنية، لكنه يشدد على رفضه لقرار الوزارة.

شرعنة المفكك

من جهتها، تُقر وزارة النقل والمواصلات بغزة بمنعها إدخال هياكل السيارات؛ وذلك خوفًا من تجميعها من التجار، ووضعها على بند سيارات "بودي" (دون رخصة ورقم تمييز)، أملًا في ترخيصها مستقبلًا.

لكن مدير الدائرة الفنية بالوزارة عدنان أبو عودة يقول إن فكرة التجميع ليست جديدة، إذ إن وزارته أدخلت جرارات ومعدات زراعية في الأعوام السابقة عن طريق الأنفاق، وكانت عبارة عن قطع، وتم تجميعها".

ويضيف أبو عودة ، "لدينا تجارب ناجحة مع السيارات المجمعة، وهي لا تزال تعمل حتى اليوم".

ويرى- مبررًا سعي وزراته تشريع إدخال السيارات المفككة- أن ذلك يمكن أن "يعوض التجار عن تركهم أجزاء كبيرة من السيارة بالداخل المحتل وعدم استفادتهم منها".

ويُرجع المسئول الحكومي سعي الوزارة لتشريع إدخال السيارات المجمعة للوضع المعيشي الصعب والحصار المفروض على غزة، مضيفًا "لوكان هناك استقرار اقتصادي لما فكرنا في ذلك".

ومن شأن السماح بذلك-وفق أبو عودة-تحديث أسطول السيارات والتقليل من الحوادث واستنزاف الأموال في صيانة السيارات التالفة، وتقليل استخدام الوقود، وشراء مركبات رخيصة نسبيًا.

ويضيف "كما سيوفر احتياجات المؤسسات الحكومية من المركبات، وسيعمل على زيادة فرص العمل لأصحاب الورش، ومن الممكن السماح أيضًا بإدخال مركبات تجارية مفككة (حتى 4.5 طن)، ومعدات هندسية تساعد في إعادة الإعمار، ومركبات عمومية".

ويُفرّق المسئول بين سيارات "البودي" و"المفككة" بقوله: "إن المفكك تأتي وفق آلية ضابطة وبإذن مسبق، وتكون حديثة، وتخضع للفحص بعد التجميع، أما "البودي" فهي بدون رخصة ورقم تمييز، وتدخل دون علم الوزارة".

وانتشرت ظاهرة سيارات "البودي"-خلال فترة سابقة، سيما إبان عمل الأنفاق مع مصر.

وتم تصوير بعض سيارات "البودي" أثناء تجميعها داخل ورش مخصصة في غزة، حيث تجري العملية دون علم الجهات الرسمية.

رفض المستوردين

ومن شأن إدخال السيارات المفككة، وفق ما يقول نائب رئيس جمعية مستوردي المركبات وائل الهليس، "ضرب سوق السيارات"، مهددًا بعدم التعامل مع تلك الخطوة في حال إقرارها.

وإن تشريع تلك السيارات هو خطر على حياة مستخدمي الطريق، وقد تتفكك في حال تعرضت لحادث مروري قوي نسبيًا".

ويعتقد كلُ من الهليس وحميد أن سعي الوزارة لشرعنة السيارات المُفككة "مادي بحت".

تأييد المُجمّعين

لكن من يعملون في تجميع السيارات "واثقون" من عملهم تمامًا ويؤكدون أن العشرات من تلك السيارات تسير على الطريق بلا مشاكل إطلاقًا.

ويُفضل أحد مجمعي السيارات والذي رفض الكشف عن اسمه-تجميع السيارات من الحجم الصغير، "فسيارات النقل الكبيرة يمكن أن تتفكك مع الفترة الزمنية إذا لم تُجمّع بشكل متين".

وعلى الرغم من تأكيداته، إلا أنه لم يخفِ ذلك الرجل قلقه من احتمال حدوث تفكيك بأجزاء السيارة حالما تعرضت لحوادث طرق قوية.

ويعتقد أن تطبيق لك القانون سيهوي بأسعار السيارات، حينها يمكن اقتناء سيارة حديثة بأسعار تتراوح ما بين 4000-8000 دولار، بدلاً من خمسة أضعاف ما هو جارٍ حاليًا.

لجنة فنية

ويُطالب تجار قطع غيار السيارات تشكيل لجنة فنية من نقابة المهندسين، لدراسة حالة تلك السيارات، وبيان الرأي الفني بشكل أكثر علميةً ودقة.

ويقول عضو جمعية تجار قطع غيار السيارات ماجد الشوا: "إن السيارة تعتبر تالفة في حال تعرضت لضرر أكثر من 25%، فكيف سيكون الحال في سيارات مقطعة أصلاً.

ويتخوف الشوا من أن يقود هذا الإجراء إلى عمليات سرقة لسيارات وخلطها مع تلك السيارات القادمة من الداخل المحتل.

وكانت الحكومات السابقة رخّصت آلاف سيارات "البُودي"، وأعطتها لوحات تمييز، قبل توحيد اللوحات لجميع السيارات في القطاع.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]