تعريب العنوان: «تاغ محير» تعني «شارة ثمن» و»محسوم الحمرا» يعني حاجز الحمرا، وهو نقطة التفتيش العسكرية قبل دخول الأغوار.

هناك مفردات «طعن» و»محاولة طعن» و»بزعم طعن»، و»الاشتباه» بنية الطعن (أو الدعس).

تعقيب ضابط الحاجز على جريمة تصفية شابين على حاجز الحمرا كان «نصيبه بده يموت. الله يرحمه.. آسفون عمّا حدث». تعقيب الشاب الفلسطيني، الواثق بالله طه، على تعقيب ضابط الحاجز هو: إذا كان ثمن خوفي أن أقتلك.. تعال خوّفني»! توقفت عند «الله يرحمه» فقد ذكّرتني بمجزرة كفر قاسم 1956، عندما فرضت قوات جيشهم حصاراً عسكرياً و»ممنوع التجوُّل» على القرية.

سأل جندي ضابط الحصار: ما هو مصير الفلاحين في الحقول، الذين لا يعرفون بمنع التجوُّل؟ قال الضابط: «اللهم يرحمهم»! لماذا فرضوا «منع تجوُّل» على القرية بعد أن ذهب الفلاحون إلى حقولهم، وليس ليلاً لمّا كانوا في بيوتهم. 49 قتيلاً في مجزرة كفر قاسم، بينهم 10 أطفال و9 نساء و»الله يرحمهم».. لكن، المحكمة رحمت الرائد شدمي، وحكمت عليه بعقوبة صارت شهيرة في المجازر، وهي «قرش شدمي» لما كانت عملتهم هي «الليرة» و»القرش» أصغر فكّة فيها.

فإلى الانتفاضة الثانية، حيث طالب رئيس الوزراء، شارون، بأسبوع بلا جنازات إسرائيلية شرطاً للتهدئة.. والآن، لا يمرّ يوم دون جنازات فلسطينية للشهداء بالطعن والشبهة بنيته. من الشهداء مراهقان في سنّ الدراسة، أصغرهما عمره 14 سنة، والشبهة محاولة طعن بـ «مقص»، وتعرفون أن تلاميذ المدارس يحملون في حقائبهم جعبة صغيرة فيها مقص مثلّم الرأس، ومسطرة صغيرة، ومنقلة أو بيكار (فرجار).

صحافية إسرائيلية تساءلت: ألا يتدرّب جنودنا على شلّ محاولة طعن بمقص مدرسي، بعد 4 شهور تدريب، وفوقها شهران تدريب لقوات النخبة، علماً أن قتال حربة السونكي والسكاكين الحربية مهمة قوات المغاوير، وليس صبية صغاراً، ضد جنود مدجّجين ومتأهّبين، وأصابعهم على الزناد، وفوق صدورهم درع حماية مضاد للرصاص، وعلى رأسهم خوذة.. وأخيراً واق للرقبة وأسفل الظهر؟ في الانتفاضة الثانية، كانت مهمة الحواجز (حوالى 630 حاجزاً) هي منع المرور الآمن منه والمشبوه، وصارت في «انتفاضة الأفراد» الصغار الحالية هي إطلاق النار بشبهة محاولة الطعن والدهس، ومنع الإسعاف، وتركهم يموتون نزفاً! لماذا؟ كنتُ قرأت في مصادرهم أن جندياً قتل فلسطينياً يحفر بالسونكي أو سكين المحارب إشارة X، فيأتي جندي آخر ويرسم إشارة X ثانية على حديد البندقية القاتلة!

في مصادرهم الدينية «من جاء ليقتلك، بادر إلى قتله».. ولو بالاشتباه والظنّ، أو لتدفيع الشباب «شارة ثمن ـ تاغ محير» قاتلة على منوال التنظيم الإرهابي اليهودي «فتيان التلال». يقولون: الحرب نصفها معنويات، والمشكلة أن معنويات جنودهم ومدنييهم اهتزّت لأن «قوة الردع» الإسرائيلية و»حاجز الخوف» الفلسطيني تحطّما منذ الانتفاضة الأولى، بل منذ العمليات الفدائية الأولى. الانتفاضة الأولى كانت نتيجتها هزيمة سياسية وعسكرية إسرائيلية، والثانية كانت هزيمة عسكرية فلسطينية، والثالثة؟ يقول إسرائيليون: غير مسموح أن تنتهي بلا «نصر» إسرائيلي واضح، واستعادة هيبة الردع وحاجز الخوف.

يقولون في الأنواء وحالة الجو: هبّات نشطة من الرياح سرعتها كذا، وهذه «الهبّة» الفلسطينية تنشط أو تهدأ، لكنها مستمرة منذ أكثر من ثلاثة شهور. هل تريد إسرائيل دفعها إلى «انتفاضة نارية» أو إلى «عمليات انتحارية» تبرّر وصفها بأعمال إرهابية، أو تريد التوطئة لترحيل الفلسطينيين (ترانسفير) أو معظمهم!

***

حصل في الانتفاضة الثانية أن عبرت «محسوم الحمرا» بصحبة صديقي محمد عدوي وزوجته وأطفاله. قال جنود الحاجز: ممنوع، قال صديقي الذي يعرف العبرية: أطفالي يريدون رؤية ماء جارٍ.. وهكذا، مرقنا إلى الأغوار، أو إلى أنبوب يضخ بعض ماء نهر العوجا. الآن، لدى جيش إسرائيل قوة ردع رهيبة للجيوش والدول والحركات، لكن لا غوّاصات الدولفين النووية، ولا أحدث الطائرات تنفع في «ردع» الفلسطينيين، سوى قنابل الغاز، وطلقات الرصاص.. وإطلاق النار القاتلة لمجرّد الظنّ والاشتباه.

***

لسببٍ ما، تأمّلت صورة عن ساحل بانكوك (تايلاند) حيث مئات طيور النوارس تحطّ على الشاطئ.

الطيران من الطير، وصارت الطائرات أسرع من الطيور، لكن الطائرات قد تسقط إذا دخل طير في محرك طائرة، والطيور لا تصطدم أجنحتها ببعضها. .. وليس لثلاث مستويات في الدفاع الجوي الصاروخي الإسرائيلي ألاّ تكون حاجزاً منيعاً على رشقة صاروخية، وليس لها أن تكون قوة ردع أمام نضال الفلسطينيين من أجل حريتهم.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]