تجوب في مخيلتي في الاونة الأخيرة العديد من الكوابيس أوربما هي أحلام يقظة مرعبة ، ما زلت ابحث عن اسبابها، ولكنني على ثقة انها ترتبط ارتباطا وثيقا بما اراه وأسمعه من المجتمع المحيط الذي يعبر عن الخوف من المستقبل على جميع الأصعدة السياسية والاجتماعية والاقتصادية أو الانسانية... ففي ظل تدهور الوضع الاقتصادي الذي لا يمكننا من تأمين وجبة غذاء لأسرنا وأطفالنا، ورداءة الوضع الصحي الذي يتجسد وشكنا بالعودة أحياء " لاختلاف التشخيص واثره في زيادة نسبة الوفيات وخاصة من الأطفال، وهذا ما حدثني به احد زملائي الذي فقد طفله"، هذه العوامل مجتمعة جعلت الأسرة الفلسطيينة في حالة تأهب للمجهول المنتظر والموت المحدّق بنا في جميع مناحي الحياة، فلماذا حضر هذا الكابوس مخيلتي وبدأ بنهش أفكاري... ومما لا شك به أن بقي الواقع كما هو الحال، فإن حياتنا في المستقبل القريب ستكون أشبه بأفلام الرعب... أن لم يتم اتخاذ اجراءات ممنهجة وعملية من أصحاب القرار.
مجتمع فلسطيني يُذبح من الآخر من جهة فنُحرق من المستوطنين ويتم اعدامنا من جيش الاحتلال بشكل مستمر، ونصبح مطاردين منهم، و من جهة أخرى وبذات الوقت يتم امتصاص دمائنا من مصاصي الدماء الفلسطينيين، ويمسي المجتمع الفلسطيني بين مطرقة زومبي الاحتلال ومصاصي الدماء الفلسطينيين، فيبدو المجتمع وكأنه في حالة تيه وفي قتال لا تعرف ملامحه، من؟ وكيف؟ ومتى؟ ولماذا؟ وأين؟ ويكون المجتمع في حالة عداء دائم وتمرد على كل محيطه من أجل الحفاظ على الذات أولاً وأخيراً.
لقد بدأت صورة الزومبي المستوطنين بالوضوح أكثر فأكثر، فلا يمكن للمتتبع للأخبار التي قام بها المستوطنون برفع صورة الرضيع الفلسطيني وضربه بالسكين أثناء الرقص في حفل زواج، أن يصف أعمالهم بالبشرية، بل هي اعمال زومبي، لقد أصبح هؤلاء الزومبي يتكاثرون بين المدن الفلسطينية بشكل أدى الى اختفاء القرى الفلسطينية ومكوناتها التي شكلت جزء مهم في الهوية الفلسطينية، والأخطر من وجودهم هو حمايتهم من قبل من جيش الاحتلال، وهذا ما لا نجده في أفلام الرعب، ففي الفيلم الاسرائيلي نشاهد كيف يُقذف بهم خارج المدينة ليتم تشكيل مليشيات من الزومبي، لحمايتهم والدفاع عنهم أيضا.
ومابين المطرقة والسندان ، نواجه ايضا مصاصي الدماء الذين يعيشون بيننا، ونتعامل معهم، ويعتبر البعض صورتهم مقدسة لدرجة حمايته يكون جزءاً من منظومة الأفكار والمعتقدات التي يحملها مصاصي الدماء.
لقد أصبح المجتمع الفلسطيني وجبة دسمة من اللحم والدم يتم تناولها من قبلهم، كل حسب إختصاصه في مص الدماء لاعتبارات سياسية متمثلة بالأبوية/ المبايعة/ وتحويل مفهوم الشعب الى جمهور فقط يهلل ويبارك ويمجد الزعيم الخالد _على طريقة للأبد الأبد يا حافظ الأسد_ في الحزب والمقاعد السياسية المختلفة التي تكّون النظام السياسي الفلسطيني المهترئ ، وما بقي من مكوناته، وبالمقابل أيضا يتم مص دماء من يعارض ذلك بطرق متنوعة.
ولا بد من الإشارة أيضا إلى مص الدماء الاقتصادي اليومي الذي أضحى عاملا حيويا لبقاء وترعرع عدد من الشركات التي تتحكم في سعر البيضة والدجاجة، وتعرضنا لكم هائل من الإعلانات والترويج ليتم تحويلنا بشكل غير عقلاني لمستهلكين لسلعهم وخدماتهم دون الرفض فهم يمتلكون الهواء والماء والكهرباء والتراب بلا منازع، وأينما ذهبت ستجد أنياب مصاصي الدماء الاقتصادي بانتظارك حتى يغرسونها برقبتك دون أن تتنفس.
لقد امسى المجتمع الفلسطيني مستعبدا لهؤلاء، وتملكه حالة من التيه، فتجده بحالة ركض مستمرة لا يعرف أين الخلاص؟! فالبعض يعتقد أن الهجرة هي منفذ الحرية للتمرد على الواقع بالهروب منه، وهناك من وضع حد لحياته بمحاولته الخلاص منها من خلال اصطياد الزومبي كجزء من التحرر لتحرير الآخرين من أبناء شعبه وإعطاؤهم بصيص أمل لغد أفضل، وهناك جيش منسي من أبناء الشعب الفلسطيني المتذمر من مصاصي الدماء، وينتظر بفارغ الصبر اللحظة المناسبة لمحاسبة ومساءلة كل من شرب وأكل من دم وجسد الفلسطيني، هذا الجيش المنسي من أبناء الشعب الفلسطيني متواجدٌ في كافة محافظات الوطن وبالشتات يجمعهم الوطن الذي أصبح الجسد الذي يتنازع عليه الزومبي ومصاص الدماء، سيتمرد هذا الجيش كل حسب مكانه وأدواته، فقد تعبوا من حالة الظلام التي يفرضها عليهم هؤلاء للانقضاض على الجسد الفلسطيني دون أي مقاومة وردة فعل.
أصبح الفلسطيني يعيش فلم رعب يومي، وسيزداد وقع هذه الأفلام حدة مع الأشهر القادمة، والمؤشرات التي تعبر عن ذلك بدأت تظهر على السطح، ويجب علينا التعاطي معها بشكل علمي ضمن تجارب المجتمعات التي كانت تقاتل الزومبي ومصاصي الدماء بذات الوقت، لكن في حالتنا الفلسطينية أخشى ما أخشاه بأن يدفع الشعب الفلسطيني فاتورة اقتتال مصاصي الدماء فيما بينهم وبالتالي ينتصر الزومبي بإقامة دولة الأشباح.
[email protected]
أضف تعليق