" نحن نشهد أيام صعبة حيث تتفاقم فيها تجلّيات العنصرية في جميع المجالات وخاصةً في أماكن العمل.مجموعات كاملة من المجتمع تُقصى وتُهمّش وتمارس ضدها جميع اشكال العنصرية على خلفيات مختلفة، عمّال وعاملات يُقالون من عملهم على خلفية قوميتهم، جنسهم، وارائهم السياسية، وغيره. هذا احد الاسباب التي من أجلها أقيم اللوبي البرلماني لمناهضة العنصرية، بهدف محاولة ايجاد الحلول والقيام بالخطوات اللازمة من أجل الحد من هذه الظاهرة الخطيرة التي بات يُعبّر عنها قياديي هذه الحكومة بدون حياء، وهذا ما يعطي الضوء الاخضر للافراد في المجتمع الاسرائيلي بالتحريض واضطهاد مجموعات كاملة في المجتمع" .
بهذه الكلمات افتتحت رئيسة اللوبي لمناهضة العنصرية، النائبة عايدة توما-سليمان (ألجبهة – القائمة المشتركة)، جلسة اللوبي أمس (الثلاثاء) والتي عقدت تحت عنوان " العنصرية في أماكن العمل" بمشاركة "الائتلاف لمناهضة العنصرية". وكانت توما-سليمان بمشاركة النائبة ميخال بيران قد إقامتا اللوبي لمناهضة العنصرية في شهر أيلول الماضي، إيمانًا منهما بضرورة العمل ضد تجلّيات العنصرية المتزايدة في السنوات الاخيرة، وبهدف اقامة سلطة أو مفوضية حكومية تكون وظيفتها النضال المؤسساتي ضد العنصرية.
ومن جانبها أكدت النائبة ميخال بيران، الرئيسة الشريكة في اللوبي، أن " بالرغم من كون سوق العمل هو المكان ألانجع للعمل المشترك والتعاون من اجل تطوير المصالح المشتركة،الا انه وللاسف فإن مشاعر الحقد وعدم تقبل الاخر هي التي تُسيطِر." وأضافت " في حين يتوقع الفرد المتقدم للعمل أن يتم تقييمه وفق تجربته المهنية وتحصيله الاكاديمي، إلّا أنه يتفاجأ بأن التعامل معه يكون على أساس مُركبات هويتهِ والتي هي اساسًا مقاييس ليست ذات اهمية للعمل."
وشارك في جلسة اللوبي العديد من أعضاء الكنيست بينهم ; دوف حنين، عبدالله ابو معروف، يوسف جبارين، مسعود غنايم، أسامة السعدي، عبد الحكيم حاج يحيى، ميراف ميخائيلي، كسينيا سفاتلوفا، منوئيل طرختنبرج. وشارك أيضًا مندوبين عن المفوّضية المساواة في فرض العمل، والرفاق ماجد أبو يونس وسهيل دياب عن "نقابة العاملين – الهتسدروت". كما وشاركت العديد من مؤسسات وجمعيات المجتمع المدني مثل " عنوان العامل"، "سيكوي"، " كيرين ابراهام"، "طابكا"، "موريشتينو"، والمحامي لؤي زريق.
ومن جهتهم أثنى النواب المشاركين في الجلسة على أهمية عمل اللوبي في ظل تصاعد العنصرية في اماكن العمل، وعلى خلفية الاقالات والملاحقات الحاصلة ضد العمال من مجموعات مختلفة في المجتمع خاصةً في فترات التصعيد الأمني، وأجمعوا على ضرورة إيجاد الحلول الملائمة من اجل الحد من ظواهر العنصرية التي تفتك بالمجتمع كلّه، وتضُر بالمواطنين جميعًا.
الائتلاف لمناهضة العنصرية
وأكد المحامي نضال عثمان، مدير الائتلاف لمناهضة العنصرية، على أهمية الموضوع الذي تناقشهُ الجلسة، خاصةً وأن هنالك مندوبون عن المجموعات المُهمشة والمستضعفة التي تعاني من العنصرية في أماكن العمل مثل العرب، متحدثي الروسية، الجمهور الاثيوبي. وقال عثمان " نحن نسعى في الائتلاف لمناهضة العنصرية للعمل بشكل موحد مع جميع المجموعات التي تمارس ضدها اشكال مختلفة من العنصرية من أجل منع هذه الظاهرة." وأضاف " العنصرية تجاه المواطنين العرب تتصاعد يومًا بعد يوم، صحيح أن هذه العنصرية تتفاقم في الايام المشحونة سياسيًا، لكنها ايضا موجودة وبقوة حتى في ايام الهدوء. لكن وبالرغم من أن المجموعة الاكثر عرضة لممارسات العنصرية هي المجتمع العربي، الّا اننا نلمس مؤخرًا أن هذه الظاهرة باتت تتفاقم وتتوسع وتطال مجموعات أخرى، وهذا ما نحاول ايصاله للمجتمع – أن العنصرية تشكّل خطر علينا جميعًا"
تمييز على خلفية قومية
واستعرضت مندوبة المفوضيّة للمساواة في فرص العمل، حانا كوببر، مسح كانت قد أجرته المفوضية في المجتمع العربي، والذي فحص مشاعر العمال والعاملات العرب على خلفية التعامل معهم في أماكن العمل. ويظهر المسح أن ثُلث العمال يعملون في وظيفة جزئية حيث أن 38% من الرجال و- 50% من النساء العاملات بوظيفة جزئية، لم ينجحوا في ايجاد ظروف عمل أفضل او وظيفة كاملة. كما أظهرالمسح أن فقط 11% من العمال العرب المشاركين في المسح، يؤدون وظيفة ادارية، و40% من المشاركين، هم عمال جدد حيث أنهم يعملون منذ سنة على الاكثر. أشارت مندوبة المفوضية أن هذه النتائج تثبت كون العمال العرب يعانون من قلّة بالفرص لايجاد عمل مناسب، ويواجهون صعوبة بالبقاء في مكان العمل والتقدم فيه.
كما اظهرت النتائج أن المتدربين الاكاديميين العرب يجدون صعوبة بايجاد اماكن للتدريب، حيث أن نصف الاكاديميين الذين لا يجدوا اماكن تدريب، يتوجهون لمهن أخرى، وحتى هؤلاء الذين وجدوا اماكن للتدريب، نصفهم يعمل بدون مقابل!
الحجاب سبب التمييز!
بالاضافة لذلك، أظهرت نتائج المسح أن العمّال العرب يواجهون صعوبة بالتعبير عن هُويتهم وأرائهم السياسية في أماكن العمل، خاصةً في الفترات المشحونة سياسيًا، حيث أن 22% من المشاركين بالمسح عبروا عن عدم ارتياحهم بمكان العمل في مثل هذه الفترات. كما أن ثلثي النساء المشاركات في المسح قَلنَّ أنهن يواجهن صعوبة في القبول للعمل بسبب الحجاب، وأن الحجاب يشكل مانع لتقدم ثُلثيّ النساء المحجبات في اماكن عملهنّ. وانتقدت توما-سليمان أنه لم يتم فحص قضية منع العمال العرب من التحدث بلغتهم، حيث قالت " هنالك أماكن عمل تمنع عامليها وعاملاتها من التحدث بالعربية" وأضافت " انا لا اتحدث عن شعور شخصي للعامل نابع من الخوف والتحريض ضد العرب بأن لا يتحدث بلغتهِ، بل عن أوامر واضحة للعمال العرب بعدم التحدث باللغة العربية. اماكن عمل عدة تمنع العمال العرب من التحدث بلغتهم في اطار العمل، حتى عندما يكون الزبون عربي."
شهادات من الواقع
هذا وتم عرض أمام اللوبي شهادات من الواقع لأشخاص عانوا من العنصرية في أماكن عملهم، كلٌ على خلفية مختلفة. مثلًا، تحدثت إمرأة عربية في الثلاثينات من عمرها والتي طلبت بعدم نشر اسمها خوفًا من تبعيات النشر على امكانية إيجادها لمكان عمل مستقبلًا، حيث قالت " عملت لعدة سنوات في شركة مستحضرات تجميل، وكنت موظفة ممتازة. الا أنه وفي اشهر الحرب الاخيرة على غزة وبعد أن أٌعجِبتُ بنشر يدعو لوقف الحرب في موقع التواصل الاجتماعي "ألفيسبوك"، واجهت مقاطعة وتعامُل مهين من قِبل الموظفين والموظفات الاخريات. حتى عند توجهي للمسؤول وطلبت منه المساعدة، تلقيت نفس المعاملة السيئة والمهينة حتى تمت إقالتي في النهاية. ومنذ ذلك الوقت وأنا لا استطيع ايجاد عمل."
قصة مشابهة تعرّض لها شاب من الجمهور الاثيبوبي، والذي تعرّض لاهانة وذم من قِبل مديره في العمل الذي نعته بـ "كوشي" و "قذر" وعمِلَ على اخراجه وطرده من العمل.
جمعيات ومؤسسات المجتمع المدني
وعرض مندوبي ومندوبات الجمعيات والمؤسسات التي تعمل لمساعدة المتضررين والمتضررات من العنصرية في اماكن العمل في المسار القضائي والمعنوي، معطيات تدل أن هنالك عشرات التوجهات التي تصلهم حول مخالفات قانونية تُمارس ضد العمال والعاملات من المجموعات المختلفة على خلفية انتمائهم القومي، الديني، السياسي، الجنسي وغيرها. وأكدواعلى أهمية التثقيف حول هذه الممارسات وحول مخاطر العنصرية التي تفتك وتستشرس في المجتمع، وهذا الى جانب المسار القضائي الذي من شأنه ان يشكل رادع لأصحاب المصالح والعمل من مخالفة القانون. وطالب المندوبين بإستقلالية المفوضية للمساواة في فرص العمل حتى يتم مراقبة الدولة والتي هي المشغل الاكبر في سوق العمل، بشكل مهني وموضوعي.
وفي مداخلته قال الرفيق سهيل دياب، رئيس قسم المساواة في نقابة العاملين "الهستدروت"، "نحن في نقابة العاملين نعالج تجليات العنصرية على جميع الخلفيات. هذه التجليات ازدادت بشكل كبير في الحرب الاخيرة على غزة، حيث تلقينا عشرات الشكاوى حول اقالات من العمل على صعيد خلفية العامل القومية، او على خلفية الاراء السياسية." وأضاف " نحن نشهد مأسسة لهذه الظاهرة، حيث ان شركات عديدة وبشكل واضح ترفض تشغيل المواطنين العرب، لهذا تُضاف تصريحات الوزير كاتس الذي دعا لمنع العمال الفلسطينيين من الدخول لإسرائيل للعمل. وأوضح دياب أن نقابة العاملين تعالج التوجهات التي تصل اليها حتى عندما لا يكون العامل عضو في النقابة، كما وترافقهم في المسار القانوني والقضائي.
وهنا أكدّت النائبة توما-سليمان أنه بالرغم من القوانين العديدة التي تم تشريعها لضمان المساواة ومنع التمييز في اماكن العمل، الا ان الواقع كما قلت، يثبت أن هذه القوانين لا تُطبّق بالشكل اللازم، او على الاقل لا تردع المُشغلين من المس بحقوق العمال. وهنا اهمية عمل المفوضية ومؤسسات المجتمع المدني للكشف عن هذه المخالفات." وأضافت توما-سليمان " موجة العنصرية هذه تجد غطاء وشرعية من الحكومة ومن تصريحات رئيس الحكومة ووزرائه. منذ أيّام نعت بنتسي جوفشطاين، رئيس تنظيم "لهافا"، المسيحيين بأنهم مصاصين دماء ويجب طردهم من البلاد. هذه التصريحات ليست بجديدة على تنظيم "لهافا"، وبالرغم من هذا الا ان ملفات التحقيق التي فتحت ضد التنظيم بهدف اخراجه عن القانون لم تثمر عن اي لائحة اتهام."
وفي تلخيصهن للجلسة، قالت النائبة ميخال بيران أن " في ظل موجة العنصرية هذه، ممنوع علينا أن نأخذ الحياد، وعلينا العمل بكل قوتنا من أجل الحد من هذه الظاهرة، وبناءًا على هذا سيتخذ اللوبي لمناهضة العنصرية عدة خطوات أوّلها مطالبة الشرطة والمستشار القضائي للحكومة بفتح تحقيق ضد رئيس تنظيم "لهافا"، بنتسي جوفشطاين."
وأكدّت توما-سليمان على أهمية تقوية العمل المشترك بين جمعيات المجتمع المدني والمفوضية للمساواة في فرص العمل من اجل رفع الوعي بين افراد المجتمع.
كما وطالبت توما-سليمان وبيران، من جمعيات ومؤسسات العمل المدني بالتعاون مع اللوبي ضد العنصرية كي يستطيع الاخير من استعمال الادوات البرلمانية اللازمة من أجل الحد من ظواهر وتجليات العنصرية.
[email protected]
أضف تعليق