" نشهد في هذه الايام موجة واسعة من العنصرية في أماكن العمل. عمّال وعاملات يُقالون من عملهم بناءًا على ارائهم ومواقفهم السياسية، وعلى خلفيتهم القومية. هذه هي نتيجة حتمية لسياسات التمييز والتحريض ضد كل من هو مختلف، التي تقودها حكومة نتنياهو. هذا الوضع المقلق يستوجب منّا ان نتجنّد من أجل منع استشراش العنصرية والتمييز، ومن أجل توفير الحماية للعمّال والعاملات. بالرغم من القوانين العديدة التي تم تشريعها لضمان المساواة ومنع التمييز في اماكن العمل، الا ان الواقع كما قلت، يثبت أن هذه القوانين لا تُطبّق بالشكل اللازم، او على الاقل لا تردع المُشغلين من المس بحقوق العمال. جلسة اللجنة لرفع مكانة المرأة والمساواة الجندرية، ستعنى اليوم بفحص أداء وعمل المفوضيّة للمساواة بفرص العمل، ومن هذه الجلسة نأمل أن نستخلص العِبَر من أجل بناء خطة عمل من شأنها ان تحد قدر الامكان من المساس بحقّ المواطنين والمواطنات في العمل، والمساس بحقوقهم كعمال."
هكذا افتتحت النائبة عايدة توما-سليمان (القائمة المشتركة – الجبهة)، ورئيسة اللجنة لرفع مكانة المرأة والمساواة الجندرية، جلسة اللجنة اليوم (الثلاثاء) لتلخيص 8 سنوات من عمل المفوّضية للمساواة بفرص العمل حيث عُرضت أمام اللجنة معطيات حول عمل المفوضية منذ اقامتها عام 2008 وحتى هذه السنة، وذلك على شرف انهاء المفوضة تسيونا كينج عملها.
النساء هنّ اكثر من قدمنَّ شكاوى حول التمييز ضدهن
وبالرغم من ان المعطيات تظهر فاعلية عمل المفوضيّة عن طريق ارتفاع توجهات الافراد لهم والابلاغ عن تمييز في قبولهم للعمل على خلفيات مختلفة، إلّا ان هذه المعطيات تظهر في نفس الوقت أنه بالرغم من القوانين المختلفة والتي تلزم أماكن العمل بالتعامل المتساوِ بين العمّال والمتقدمين للعمل على خلفية الجنس، القومية،العمر، الحمل، الاراء السياسية، وغيرها، الا انه ما زال هناك تمييز على هذه الخلفيات.
مثلًا، يظهر من الشكاوى المقدمة للمفوضيّة، أن 65% من التوجهات بين 2008-2015 بخصوص تمييزهن بالعمل هنّ نساء، و 37% من التوجهات عامةً تتعلّق بتمييز النساء على خلفية الحمل والولادة، هذا بالرغم من القوانين التي تمنع فصل إمرأة او تمييز قبولها للعمل بسبب الحمل. بالاضافة لذلك، يظهر أن 54% من الاجراءات القانونية التي قدمتها المُفوّضية كانت تخصّ نساء. وهنا عقبّت توما-سليمان أنه " يمكننا ان نستخلص من المعطيات بخصوص خلفية توجهات النساء، خاصةً على خلفية الحمِل، أن هذه الخلفية هي واضحة وغير صعبة الاثبات. لكن هذا لا يعني ان النساء لا يعانين من تمييز على خلفيات اخرى، فالنساء يعانين غالبًا من تمييز مزدوج لكونهن نساء ومثلًا لكونهن عربيّات او متديّنات. وعليهِ فإن على المفوضية أن تبتكر طرق من شأنها ان تسهّل الطريق امام المتضررات أن يقدموا شكاوى ضد مخالفات قانونية تمارس بحقهن."
ميزانيات المفوضيّة القليلة تعكس سلّم اولويات الحكومة
ونوهّت المفوضّة، المحامية تسيونا كينج أن المفوضيّة عَمِلت طيلة هذه السنوات وبَنَتْ مشاريعها تحت تقييدات ميزانية مختلفة، اذ أن الحكومة ترصد للمفوّضية ميزانية تٌقدّر بـ مليون شاقل فقط. وفي تعقيبها على هذه المعلومات إستهجنت توما-سليمان من شحّ الميزانيات المرصود للمفوضيّة، وقالت " هذه الميزانية الضئيلة تعكس سلّم اولويات الحكومة، وتعكس مدى اهتمام هذه الحكومة بتأمين بيئة عمل متساوية وخالية من العنصرية. بالرغم من ان المفوضية اقيمت بقرار حكومي قبل8 سنوات الا ان الحكومات تتتغير، واهداف هذه الحكومات تتغير، لذلك لا يمكننا الاتكال على نيّة الحكومة بتقويّة مكانة المفوضيّة."
التمييز ضد العرب في سوق العمل
معطيات أخرى استعرضتها مندوبة المفوضيّة هي ازدياد التوجهات بخصوص تمييز على خلفية قومية للمتقدمين للعمل\ العاملين، خاصة في السنتين الاخيرات. وفي مسح كانت قد أجرته المفوضية في المجتمع العربي، يظهر أن ثُلثيّ العمال العرب يعملون في وظيفة جزئية حيث أن 38% من الرجال و- 50% من النساء العاملات بوظيفة جزئية، لم ينجحوا في ايجاد ظروف عمل أفضل او وظيفة كاملة. كما اظهرت النتائج أن المتدربين الاكاديميين العرب يجدون صعوبة بايجاد اماكن للتدريب، حيث أن نصف الاكاديميين الذين لا يجدوا اماكن تدريب، يتوجهون لمهن أخرى، وحتى هؤلاء الذين وجدوا اماكن للتدريب، نصفهم يعمل بدون مقابل!.
بالاضافة لذلك، أظهرت نتائج المسح أن العمّال العرب يواجهون صعوبة بالتعبير عن هُويتهم وأراءهم السياسية في أماكن العمل. وأن النساء العربيات المُحجبات يواجهن صعوبة في القبول للعمل بسبب الحجاب، كما أن الحجاب يشكل مانع لتقدم ثُلثيّ النساء المحجبات في اماكن عملهنّ. وانتقدت توما-سليمان أنه لم يتم فحص قضية منع العمال العرب من التحدث بلغتهم، حيث قالت " هنالك أماكن عمل تمنع عامليها وعاملاتها من التحدث بالعربية" وأضافت " انا لا اتحدث عن شعور شخصي للعامل نابع من الخوف والتحريض ضد العرب بأن لا يتحدث بلغتهِ، بل عن أوامر واضحة للعمال العرب بعدم التحدث باللغة العربية. اماكن عمل عدة تمنع العمال العرب من التحدث بلغتهم في اطار العمل، حتى عندما يكون الزبون عربي."
ضرورة إستقلالية المفوضيّة
كما كشفت نتائج الاستطلاع الذي اجرته المفوضيّة أن هنالك فرق كبير بين من أقرّوا بوجود التمييز في الاستطلاع، وبين عدد الذين قدموا شكاوى. وعليه وضّحت توما-سليمان أن " هذه النسبة المنخفضة من التوجهات على خلفية قومية تعود لكون المفوضية جسم حكومي حيث يصعَب على المتضرر ان يرى بها المكان الامن للشكوى ضد سياسات تتنباها الحكومة أصلًا "
وأضافت توما-سليمان " بالرغم من أن المفوضيّة هي جسم حكومي الا أن عليها أن تعمل من أجل الكشف عن جميع أشكال التمييز التي تحصل، بما فيه التمييزالممارس من قِبَل الدولة. ولهذا، من الضرورة أن نعمل من أجل تطوير عمل المفوضيّة كجسم مستقل غير تابع للحكومة"
العنصرية متزايدة والمفوضيّة ضعيفة
وفي تلخصيها للجلسة قالت توما-سليمان " لا شكّ ان مفوضية المساواة بفرص العمل انجزت عملًا جيدًا حتى الان، لكن استعراض معطيات عمل المفوضيّة اليوم يعكس الواقع الذي نعيشه، ويعرض امامنا الواقع عن طريق الارقام والمعطيات. هذه المعطيات تعكس الحالة الاجتماعية والسياسية وتؤكد مدى حاجتنا لاصلاحات في تطبيق قوانين المساواة. يجّب أن نعمل من أجل تقوية مكانة المفوضيّة كجسم مستقل يستطيع أن ينتقد عمل الحكومة بدون القلق من تضارب المصالح." وأضافت " سياسة العنصرية التي تنتهجها الحكومة تضعنا في واقع صعب وخطير، وتفتح المجال أمام مستقبل أخطر لمواطني هذه البلاد، ولهذا، من الضروري جدًا أن نعمل من أجل حماية العمال والعاملات المستضعفين والمستضعفات، عن طريق توسيع صلاحيات المفوضيّة حيث تتضمن حماية حق المواطنين في الحصول على خدمات بشكل متساوٍ."
كما قالت توما-سليمان " الميزانيات المرصودة لتطبيق قوانين المساواة تعكس توجهات الحكومة وسُلّم اولوياتها. سأطالب من أجل زيادة الميزانيات للمفوضيّة حتى يكون بإستطاعتها أن تكشف عن التمييز والعنصرية الخفيّة والغير ظاهرة للعيان. كما سأعمل من اجل تطوير عمل المفوضية عن طريق تشريع قانون يؤسس عملها كجسم مستقل حتى نمنع التمييز في العمل في سلك الدولة كما تحاول منعها في السوق الخاص."
[email protected]
أضف تعليق