بنيامين نتنياهو قال مؤخراً : "لا توجد هنا عصا سحرية ، سنضطر للعيش بقوة سيفنا" . وليس عبثاً ان مصادر تاريخنا (اليهودي) لا تجمع كلمتيّ : السيف والحياة . فالسيف يُهْلك من ينبري أمامه : سيف الموت !
لا توجد "حياة بحدّ السيف" . سيف النزاع هو سيف ذو حدّين – سيف ذو فميْن . انك لا تسمك بغمد السيف وتحيا بقوته ، كلّنا الى فم السيف ، هذا الفم أو ذاك . كلانا نأكل بحدّ السيف ، بفميه – اللهم إلاّ اذا تحدّثنا وتحادثنا مع بعضنا .
إن أصل كل ذلك العنف الذي يندلع بين الحين والاخر بيننا وبين الفلسطينيين – يكمن في سيطرتنا عليهم طوال سنين . الاحتلال يفرز اليأس ، ويجعل اليائس يبرّر لنفسه اتباع العنف كوسيلة وحيدة تتيحها له قواه أمام جيش عَرَمْرم – وسيلة الارهاب . هكذا تصرفت المنظمات اليهودية السرية ، التي استخدمت الارهاب ضد المحتل البريطاني ، وهو ارهاب برّرْناه . وكذا الان الارهاب ضدنا ، نحن المحتلين ، الذي يبرّره الفلسطينيون .
من أجل انهاء الاحتلال ، لا حاجة للبحث عن شريك في السلطة الفلسطينية . نحن ، مواطني اسرائيل ، الشركاء . نحن المتضررون من استمرار الاحتلال ، ومن أجل مستقبلنا ، انت ملزم ، يا نتنياهو ، بانهائه . انت ملزم بذلك ، تجاه مواطنيك اليهود كما العرب ، الذي يستفزهم الربط بين زعمائهم وداعش ، مثلما تستفزهم مقارنة المفتي بهتلر . ومثلما أن قطاع غزة حٍضن الارهاب ، هو شوكة في حلوقنا وحلوق المصريين – هكذا ستصبح الضفة الغربية ، اذا تحولت الى معقل للارهاب ، نقيضاً لسلامة الاردن واسرائيل . ان هذه الشراكة بالمصالح ، تضمن الحيلولة دون تحويل الضفة الغربية الى "حماستان" خلافاً للترهيبات والتخويفات التي يبثها اليمين القومجي .
هنالك ثلاثة محاسن وايجابيات لانهاء الاحتلال ، ولا يوجد سبيل اخر لتحقيق هذه الايجابيات : الأولى ، انهاء الاحتلال ، مع ما يجلبه من تهدئة للعمليات العدائية ، فتكون هذه خطوة لبناء الثقة .تعقُبُه ، على الأرجح ، اتفاقية سلام مع كل ما تنطوي عليها من ايجابيات أمنية واقتصادية . والثانية ، ان انهاء الاحتلال يتيح الازدهار الاقتصادي عن طريق تخصيص الميزانيات وفتح الأسواق العالمية المغلقة في وجوهنا حالياً ، بسبب الاحتلال الذي لا تتقبله غالبية اصدقائنا في العالم . لا توجد عصا سحرية لحل مشاكل السكن والصحة والتعليم ، وغيرها ، سوى خلق ميزانية فائضة عن طريق تحويل سيوفنا وحرابنا الى مناجل ومعاول . والثالثة ، انه في الشرق الأوسط الذي سيتزود في المستقبل المنظور بالسلاح النووي ، حتماً ستتجابه الدول المعتدلة – السعودية ومصر وتركيا – مع ايران . وانضمامنا الى التحالف المعتدل ، الذي سيُدعم من جهة الولايات المتحدة – مرهون ومنوط بانهاء الاحتلال ، لا غير . وهذا تطوير حيوي من أجل ضمان وجودنا وكياننا للمدى البعيد .
ان الأجيال الفلسطينية الثلاثة الأخيرة ، لم تعرف حياة أخرى غير الحياة تحت سيطرتنا ، فنشأت لدى بعضهم كراهية . بمقدورنا نحن ان نتيح للجيل القادم ان يرى واقعاً اخر ، لصالحنا ، ولصالح أمننا ورخائنا ورفاهيتنا . بمقدورنا نحن ان نجعل الجيل القادم يتخلى عن التحريض . طريقنا هي طريق الحياة ، وعندما ربطت الحركة الصهيونية بين شعبنا وتطلّعاته نحو وطنه – فانها قد فعلت ذلك من اجل حياة الشعب وليس بسبب قدسية الأرض .
[email protected]
أضف تعليق