"في الـ29 من تشرين الأول 1956 ارتكبت قوات الأمن الإسرائيلية مجزرة بشعة بحق سكان كفرقاسم – أطلقوا عليهم النار وأردوهم قتلى. 49 إنسانًا قتلوا رميًا بالرصاص، من بينهم 9 نساء و-17 طفلا وشاب وجرحى إضافيين من سكان القرية"، هكذا افتتحت النائبة عايدة توما-سليمان اليوم خطابها أمام الهيئة العامة للكنيست حول اقتراح القانون الذي قدمته لتخليد ذكرى ضحايا مجزرة كفرقاسم، وأضافت أنه: "قد تكون جروح الجرحى قد التأمت، لكن ما زالت مجزرة كفرقاسم جرحا مفتوحا في واقع الجماهير العربية، جرحا ما زال ينزف ليذكرنا بواحد من أصعب الأيام التي مرت على الجماهير العربية الفلسطينية في هذه البلاد".
وعقّبت النائبة توما-سليمان "أن نفس العقلية التي تبيح دم العرب اليوم هي نفسها التي قررت في حينها أن القرار بالقتل لم يكن فقط ضد من يخرق أمر منع التجوّل إنما أيضًا ضد أولئك الذيم لم يعلموا بوجود هذا الأمر أصلاً أي أن المجزرة لم تأت صدفةً بل كان مخطط لها. من هنا، رأيت من المهم، خاصة اليوم، طرح اقتراح القانون لتخليد ذكرى هؤلاء الشهداء الضحايا بهدف انتزاع الاعتراف من الكنيست والدولة بهذه المجزرة والعمل على وقف التحريض الحالي ضد الجماهير العربية والعمل على تغيير المستقبل، فهناك أهمية للاعتراف برواية الجماهير العربية والشعب الفلسطيني والعمل من أجل تربية الأجيال القادمة على رواية الشعب الفلسطيني عامة والجماهير العربية الفلسطينية هنا في البلاد خاصة".
تجدر الإشارة هنا إلى تصويت غالبية أعضاء كتلة المعسكر الصهيوني ضد القانون، حيث عقّبت توما-سليمان على ذلك بأنه "استمرار للموقف التاريخي لهذا الحزب الذي يرفض الاعتراف بالدور الذي لعبه تاريخيًا في ارتكاب الجرائم المختلفة ضد جماهير شعبنا من جهة وفي إمعانه الاذدناب لليمين. النواب عن المعسكر الصهيوني يثبتون يوميًا أنهم ليسوا معارضة وبالتأكيد ليسوا يسارًا إنما صورة كالحة لنهج وسياسة اليمين".
توفيق زياد: "ألا هل أتاك حديث الملاحم وذبح الأناس ذبح البهائم؟ قصة شعب سميتها حصاد الجماجم، قرية مسرحها كفرقاسم".
وذكرت النائبة توما-سليمان في خطابها تسلسل عملية الكشف عن مجزرة كفرقاسم وكيف علم القائدان ماير فيلنر وتوفيق طوبي بما جرى وقيامهما باختراق أوامر منع التجوّل، جمع المعلومات والإتيان بها إلى الكنيست لفضح المجزرة والمسؤولين عنها، وهنا أكّدت توما-سليمان أن هذه أيضًا خطوة للتذكير بدور البرلمانيين في مثل هذه الأيام العصيبة التي قد تتطلب المخاطرة بالأمن الشخصي من أجل فضح الجرائم، وخاصة في مثل هذه الأيام التي تواجه فيها الجماهير العربية تحريضًا أرعنًا على كيانها ووجودها وحياتها".
ووسط مقاطعات النواب من الأحزاب اليمينية أكّدت النائبة عايدة توما-سليمان أن: "مؤامرة الإخراس وتشويه الحقائق هي أحد الدروس المتعلمة من مجزرة كفرقاسم، وقال في توجهها لنواب الكنيست "إنه صعب عليكم أن تستمعوا إلى هذه الرواية، ولذا لا تستطيعون الامتناع عن مقاطعتي" وأضافت أنه "ربما على الكنيست الاعتراف بهذه المجزرة من أجل أن نتمكن من تغيير الواقع والمستقبل. إن الاستهتار بحياة البشر هو درس إضافي علينا تعلّمه من مجزرة كفرقاسم – ففي حينه كانت حياة 49 إنسان تساوي 10 قروش – أما اليوم فقد يخرج المجرم دون أي عقاب أو غرامة. وأكّدت على أن "الاعتراف بألم العائلات وبألم قرية كاملة وشعب كامل هو، في جوهره، قرار سياسي له إسقاطاته، يجب أن تعترفوا بحدوث المجزرة ووقوع ضحايا وضرورة تخليد ذكراهم، كما ويجب الاعتراف بالخوف القائم من وقوع مثل هذه المجزرة مرة أخرى، وهنالك خوف يسري بين الشعبين في هذه الأيام علينا أيضًا الاعتراف به. إن الرغبة بالاعتراف هي ليست للوقوف على الحقائق – لقد كشف ماير فيلنر وتوفيق طوبي عن الحقائق، وهي مكتوبة ومعروفة – ربما ليس في كتب التاريخ التي تُدرّس في مدارس إسرائيل، إنما هي موجودة ومخلدة في المتحف لذكرى المجزرة في كفرقاسم. إنما نطالب نحن نطالب بهذا الاعتراف من أجل أن نعلم أن هناك قرار سياسي يهدف إلى بناء علاقة أخرى بين الدولة وبين المواطنين العرب الفلسطينيين".
في ردّه على خطاب النائبة توما-سليمان، حاول نائب وزير التربية والتعليم، النائب مئير باروش، التهرّب من الإجابة عن قضية الاعتراف بقوله أنه لا يمكن إقرار مناهج تعليمية من خلال قوانين في الكنيست، وأن الجيش الإسرائيلي يقوم بقرارات كهذه أو أخرى ولا يمكن إلقاء المسؤولية على حكومة إسرائيل في حينه، "وأنه من المؤسف أن يقع ضحايا، لكن...". حيث ردّت عليه توما-سليمان أنها تتعجّب "كيف ممكن لإنسان متديّن أن يتفوّه بهذه الطريقة والاعتراف بأنه قد جرت عملية قتل بشر بل والتحفّظ من الحيثيات كتكتيك لتبريرها، وأكّدت على أن رد نائب الوزير يشكل منصة إضافية للتحريض المتواصل ضد الجماهير العربية".
[email protected]
أضف تعليق