ما زالت الأوضاع الأمنية الصعبة هي سيّد الحكاية ، وما زالت الشوارع العربية واليهودية تشهد تصعيدا تلوى الاخر في ظل الاحداث المتأزمة التي باتت تهديدا للكثيرين، وللعربي حصة الأسد من تلك التهديدات، فبمجرد ان ينطق العربية او من ترتدي الحجاب او من ترى ملامح وجهه ويشتبه به على انه عربي داخل مكان عام في البلاد اليهودية او وسائل النقل العامة فهو في موضع خطر، اما يهدد بالقتل او يقتل او يعتقل او يلقى مصيرا لا يعرفه الا الله .

في هذا التقرير تحدث مراسلنا الى عدد من الطلاب الجامعيين في القدس وجامعات أخرى في البلاد عن صورة احوالهم في ظل الأوضاع التي يعايشونها يوميا وسط الاحداث التي تشهدها البلاد .

سفريات منظمة للطلاب 

الطالبة دعاء غنايم من سخنين، طالبة طب سنة 4 في القدس قالت: لا يخفى على احد ان الوضع الحالي في فلسطين عامة- وفي بالقدس تحديدا اجتاز كل الحدود المتوقع، فبتنا نشعر ان الاعتداء او حتى الموت قد يواجه اي شخص منا، ومن كانت هويته واضحه، كمتحدث بالعربية او فتاة محجبة فهو/هي في موضع خطر اكبر.

وقالت دعاء :" نحن كطلاب عرب نضطر عادة لاستعمال المواصلات العمومية للوصول للقدس والتنقل بداخلها، لكننا في الفترة الاخيرة نحاول قدر المستطاع تجنب هذه المواصلات، حيث قمنا بتنظيم سفريات من الشمال (سخنين تحديدا) للقدس، توصل الطلاب مباشرة لسكن الطلاب، لتجنب المحطة المركزية والمناطق الخطرة، وما زلنا نعمل على تنظيم سفريات للعودة من القدس لمدن الشمال يوم الخميس، ومن سخنين الى القدس يوم السبت. اما خلال الاسبوع ومن اجل التنقل داخل القدس للوصول للجامعة او غيرها، فاننا نحرص على ان نخرج سوية بمجموعات، او ان ننسق بيننا للانضمام لطلاب بحوزتهم سيارات خاصة في القدس.

وقالت دعاء :" لا شك ان كل هذه التخوفات وهذه الأوضاع لها تأثير كبير على نفسية الطالب الجامعي بشكل عام، فرغم ضغوطات الدراسة الا انه يبقى مشغول الفكر هل سيمر بسلام ام انه سيتعرض لأحد الحوادث التي نشهدها مؤخرا من استهداف كل من هو عربي بذرائع مختلفة .

تعليمي هو الأهم 

الطالبة هدى يونس من قرية عرعرة في الجامعة العبرية في القدس قالت :" بالنسبة لي ان اتواجد في القدس و العيش داخلها في ظل هذه الاوضاع القائمة هو امر صعب لا شك به، تحديدًا عند استعمالي المواصلات العامة، أحاول تجنب الحديث باللغة العربية وتصبح العبرية لغتي. وكأني اصبحت بلا هوية وبلا لغة او قوميه.

وقالت هدى :" انا كطالبة في الجامعة وخاصة العبرية سأفكر مرتين قبل لبسي الحجاب واصبح مشتبه بها، للأسف هذا هو الواقع".

وأضافت :" قبل ان تؤثر هذه الاوضاع على نفسيتي وتعليمي يوجد دور كبير للأهل الذين يقلقون على أبنائهم، وتبقى عقولهم وتفكريهم يلازمنا طوال الوقت ما يعطيك شعور بالذنب تجاه الحالة التي تسببنا فيها لهم ونشعر كأننا من يتحمل المسؤولية واننا من أراد هذه الحالة ان تكون ".

وأضافت هدى:" عندما اكون طالبة في الجامعة العبرية في القدس تحديدا ، تقل شجاعتي من ممارسة حقوقي الأساسية كحق الاحتجاج عما يحصل. وخاصة لدى الجامعة العبرية السياسة خط احمر ومن الممكن اخراجي من التعليم كضريبة على مشاركتي او تعليقي على الاوضاع القائمة .

وتابعت هدى قائلة :" بالنسبة لي هذا ليس خوف ولكن لكل منا طريقة للتعبير عن رأيه وان انهي تعليمي هو اكبر سلاح لأواجه به كل الصعاب ، وابقى عند مقولة لكل حادث حديث".

هل سنعيش في ظروف أحسن ؟

مريم مريد 19 سنة، من قرية كفركنا طالبة في الجامعة العبرية القدس ، سنة ثانية في اللقب الأول بتخصص التربية -لغة عربية قالت:" نظرًا للظروف الصعبة والاوضاع الأمنية المتعصبة التي نعيشها في القدس، وكوني طالبة عربية محجبة ، أجدُ صعوبة كبيرة في استعمال المواصلات العامة المؤدية للقدس والمواصلات في داخل المدينة ، لأنني اتعرض للمضايقات بشكل دائم ، إما كلاميًا او بتعامل لا استطيع القول عنه سوى غير لائق وهمجي.

وقالت مريم :" هذا الأمر يشكل تأثيرًا سلبيا مباشر على شعوري بالأمان مما يجعلني في حالة ضغط نفسي دائم يضاف الى الضغط التعليمي والدراسي فبدلا ان امارس حياتي وطبيعة الوضع التعليمي وادرس دون تخوف ، اجد نفسي داخل دوامة مواجهات ويجب علي اجتيازها بسلام ، ولا ادري ان كنت سامر بسلام كوني عربية محنة في ظل هذه الأوضاع الخطيرة التي باتت بها الشرطة خفيفة اليد بالضغط على الزناد وقتل كل ما هو عربي بداخلنا".

وتابعت مريم :" من حقي كطالبة أن أمارس حقي في التعلم وأن لا أتعرض لأي مضايقات وأن تتوفر لي جميع الظروف المُريحة التي تزيح هذا الضغط وتمنحني الشعور بالأمان ، ولكن يبقى السؤال هل سنعيش ذلك الحق فعلا مع هذه الظروف؟

التهمة اننا عرب 

الاء مصالحة ، طالبة في جامعة تل ابيب قالت :" دائما ما يتملكنا كطلاب عرب وكمواطنين عرب في الداخل هو الشعور الظلم ، فنحن من يملك حصة الأسد من حوادث الاعتداء ونحن المتهم ونحن من يدفع الثمن بنهاية الامر ، والتهمة بالأساس اننا عربا نبحث عن الحياة بسلام وبكرامة". 

وقالت الاء :" لا شك اننا اليوم وفي هذه الظروف الخطيرة نتأثر كثيرا وتحديدا كوننا طلاب جامعيين ، فالخوف هو سيد الموقف في هذه المراحل ، خوفا من ان تصبح احد المستهدفين والله يعلم أي تهمة قد تلفق لك ، والامر الاخر عد التركيز في التعليم تخوفا من ان تكون ضحية أي اعتداء او اعتقال او حتى اطلاق نار والمصير مجهول".

وتابعت الاء :" من الصعب ان تمارس حياتك الطبيعية كأي انسان اخر في هذه الظروف ، فالتجوال بالشوارع والتنقل بحرية وبسلام بات شبه حلم يراود كل عربي داخل المدن اليهودية ، وهذا ما نشعر به اليوم ، واليوم نشعر جيدا بصعوبة الموقف ولا يسعنا سوى التامل والصلاة بان تمر هذه الغيمة بسلام". 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]