حياة المواطن العربيّ في إسرائيل لا تساوي قشرة بصلة. الدّيمقراطيّة خدعة والحريّة كذبة والعدالة فصّ ملح وذاب. هذه ثلاث كلمات لليهود فقط وليست للعرب. المواطن العربيّ محكوم بالإعدام منذ الولادة وينتظر تنفيذ الحكم عاجلا أو آجلا ولا حاجة لمحاكم مدنيّة أو عسكريّة، ولا حاجة لقضاة أو قوانين فالمحاكم والقضاة كلام فارغ وتبذير أموال، والتّهمة جاهزة ولا يستطيع المتّهم مهما كان شاطرًا أن ينكرها. لا يهمّ إذا كان العربيّ وطنيًّا ومتعلّمًا أو كان لا يسمع نشرة أخبار، ولا يهمّ إذا كان منتصب القامة أو خنوعًا فالتّهمة جاهزة دائمًا ولا وقت ولا مجال لإنكارها. لون البشرة دليل ساطع واللسان.... قطعت جهينة لسان كلّ خطيب. أنت عربيّ ابن عربيّ ابن عربيّة أنت محكوم بالإعدام.
أن يخرج المواطن العربيّ من بيته في راهط أو كفر قرع أو سخنين ويسير في شارع مدينة مثل القدس الغربيّة أو تل أبيب أو نتانيا أو ديمونا أو نهاريا، أو أن يجرؤ الأهبل ويدخل مجمّعًا تجاريًّا، أو أن يقف بالدّور أمام كشك فلافل أو شوارما ويراه مواطن يهوديّ، صبيّ أو بنت أو رجل أو امرأة ويا عيني إذا كان مستوطنًا، ويشير إليه ببنانه ويصرخ: مخرّب مخرّب! وعندئذٍ وفورًا يستلّ شرطيّ أو جنديّ أو ضابط في سلاح الطّيران أو أيّ مواطن يهوديّ (كلّ مواطن يهوديّ يحمل سلاحًا) مسدّسه ويطلق الرّصاص. العربيّ المخرّب القاتل الذي كان يرغب بطعن اليهود بالسّكين أو بالمفكّ أو بالمسمار أو بالمشط أو كان يفكّر بذلك أو يحلم بذلك. والجمهور يصفّق ويصرخ: الموت للعرب. طاخ. طيخ. اقتل. والعربيّ جثّة هامدة تتدحرج على الشّارع، واليهوديّ القاتل ينال وسام البطولة! والتّلفاز يبثّ الصّور الحيّة وشبكات التّواصل الاجتماعيّ تبذّ التلفاز والرّجال والنّساء والأطفال والشّيوخ يشاهدون عمليّة إعدام العربيّ. اقتل عربيًّا فيقلّ عدد العرب وعدد المخرّبين. و "محمّد مات وخلّف بنات والموت للعرب!!".
إذا كان العربيّ شابّاً من قلنسوة أو دبورية أو كوكب أبو الهيجاء أو أيّ بلدة أخرى وسافر إلى مدينة يهوديّة ليعمل في البناء أو تنظيف الشّوارع كي يأكل خبزه وأحاطت به مجموعة من الزّعران اليهود ولكموه وضربوه وكسروا أنفه ويده وأضلاعه فالحادث عاديّ والفاعل مجهول والشّرطة (بارك الله فيها) سوف تحقّق. وإذا كان العربيّ عاملا من النّقب ينظّف شوارع ديمونا وطعنه شابّ يهوديّ في ظهره وألقاه مضرّجًا بدمه على الأرض فسوف تمرّ ساعة ولا أحد يطلق رصاصة عليه أو يلقي القبض عليه. لا شرطة ولا عسكر ولا ناس عاديّون، ولكن بعد أن يطعن ثلاثة مواطنين عرب آخرين يُلقى القبض عليه ولا أحد يصفعه ولا أحد يركله وسوف تكتشف العدالة أنّه مصاب بمرض نفسيّ سببه العرب.
إسراء عابد سيّدة من النّاصرة متزوّجة ولها أولاد وطالبة جامعيّة تهمتها أنها عربيّة وترتدي ملابس محتشمة وهذا دليل على أنّها مخرّبة من حماس أو من داعش أو من الجهاد أو من باكو حرام. ويا للويل فالسّيّدة واقفة لا تتحرّك وفي يدها سكّين ورجال شرطة عديدون ومسلّحون كثر يحيطون بها (قد تكون عنترة أو أبا زيد أو أبا عليّ) مخرّبة! اقتل. اعدم. أطلق رصاصًا. المرأة تحمل سكّينًا (لو اقترب شرطيّ منها وركلها لسقطت على الأرض ولو اقترب رجل منها لأخذ السّكّين من يدها) هي عربيّة وهي مخرّبة. رصاصة. رصاصتان. خمس رصاصات في النّصف الأسفل من جسدها. (أطلق يغئال عمير الرّصاص على اسحاق رابين رئيس الحكومة وأرداه قتيلاً. لم يطلق شرطيّ رصاصة عليه ولم يصفعه عسكريّ أو مدنيّ على وجهه أو على رقبته أو على قفاه!) .
فادي علّون شابّ عربيّ صغير طعن شابًّا يهوديًّا ورمى السّكّين على الأرض وهرب. والرّعاع يصرخون: مخرّب مخرّب. الرّصاص الرّصاص. والشّرطة لا تتردّد بل تستجيب لندائهم وتنفّذ قضاء الشّارع وتعدم فادي ويتدحرج جثمانه على الشّارع. وقد يسأل أحدكم أما كان من الأسهل والأفضل إلقاء القبض عليه؟ ولكن كيف والكلّ يحرّض على العرب حتى الصحفيّ الإعلاميّ البارز مقدّم البرامج التّلفزيونيّة ومحرّر صحيفة "يسرائيل هيوم" المدعو دان مرغليت يقول بلا خجل "من المفضّل إطلاق الرّصاص على كلّ مخرّب فإذا قتلنا عددًا كبيرًا يقلّ عدد المخرّبين!).
يا أخي العربيّ الفلسطينيّ أنصحك إذا سافرت إلى بلدة أو مدينة يهوديّة أن لا تحمل في جيبك أو حقيبتك أو سيّارتك سكّينًا لتقشير التّفاح والخيار أو مقراضًا لتقليم الأظافر أو مفكّاً صغيرًا أو ملعقة أو شوكةً أو قلمًا أو ريشةً أو مشطًا أو حبّة كبة مقلية فهذه مواد خطرة تعرّض حياتك للخطر وتبرهن على أنّك مخرّب ابن مخرّبة!!!.
لا أبالغ ولا أستعمل خيالي الشّرقيّ فنحن نعيش في زمن حكومة يبدو نتنياهو عاقًلا يساريًّا ديمقراطيّاً إنسانيّاً فيها، وفي زمن يحمل فيه نير بركات رئيس بلدية القدس الغربيّة مدفعًا رشاشًا بدون ترخيص ويتبختر قرب باب العامود، وفي زمن يدعو فيه يعلون واردان وعلان كلّ مواطن يهوديّ أن يسير في الشّارع والمسدّس في راحته وألا يتردّد في إطلاق الرّصاص على كلّ عربيّ يشتبه به أو على كلّ فردٍ يقال أنّه مشتبه به.
أنا يا سادتي عربيّ محكوم عليه بالإعدام بدون محكمة وبدون قضاء وبدون دفاع لأنّني مخرّب ولساني يثبت ذلك ولون بشرتي يؤكّد ذلك، وحياتي عندهم لا تساوي قشرة بصلة بيضاء، زرقاء، ليلكيّة... تفو... تفو... تفو... إلى أين وصلنا يا ناس.... وعلى الرّغم من ذلك فإنّني أعلنها وبصوت عالٍ: يا نتنياهو ويا يعلون، هذا وطننا ونحن هنا. سنبقى شوكة في الحلق نعيش ونغرس الزّيتون وننجب الأطفال جيلا بعد جيل كأنّنا عشرون مستحيلا!
[email protected]
أضف تعليق