في الثامن والعشرين من ايلول/ سبتمبر 2000 دنس اريئيل شارون المسجد الاقصى بتواطؤ مع إيهود باراك، رئيس الوزراء آنذاك، مما فجر بركان السخط والغضب الشعبي الفلسطيني بانتفاضة شعبية، إستمرت خمسة اعوام، وتوقفت بعد إغتيال الشهيد الرمز ياسر عرفات، ومع ولوج الساحة الفلسطينية مرحلة جديدة بتبوأ الرئيس محمود عباس، قيادة المنظمة والسلطة والشعب.
إستحضار الذكرى الخامسة عشر لانتفاضة الاقصى، لم يكن إستحضاراً لمحطة في مسيرة الشعب الفلسطيني، إنما لتذكير العالم واقطابه من الغرب والشرق والشمال والجنوب قبل القيادة الاسرائيلية المتطرفة، ليدركوا جميعا المسؤولية الملقاة على كاهلهم تجاه ما يجري في المسجد الاقصى من انتهاك وتدنيس فاضح لحقوق الفلسطينيين العرب من اتباع الديانة الاسلامية من قبل حكومة نتنياهو ووزراءها وقطعان مستعمريها، وتداعيات جرائم الصهاينة في القدس، عاصمة فلسطين الابدية عموما والاماكن المقدسة المسيحية والاسلامية وخاصة اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين على التسوية السياسية برمتها والسلام في عموم المنطقة العربية.
جريمة غير المغفور له شارون عام 2000، لا تساوي شيئا امام ما يجري هذه الايام من عمليات تدنيس جماعي للمسجد الاقصى، وتشريع تقسيمه زمانيا ومكانيا، حيث تقوم عصابات المستعمرين بقيادة وزراء حكومة اليمين المتطرف باقتحام باحاته، كما فعل اريئيل، وزير الزراعة يوم الثالث عشر من ايلول الحالي (ذكرى مرور 22 عاما على توقيع اتفاقية اوسلو المشؤومة) كل ذلك يتم بتغطية وحماية قوات حرس الحدود والشرطة وفي ذات الوقت إغلاقه امام الفلسطينيين العرب من المسلمين. وبالتالي عواقب الامور، لن تكون في صالح احد من محبي السلام.
في ذكرى إشتعال برميل الغضب الشعبي، انتفاضة الاقصى، أُصيب امس حوالي خمسة وعشرين مواطنا فلسطينيا في القدس حول ابواب وداخل ثاني الحرمين الشريفين بالمواجهات مع جيش الموت الاسرائيلي، الذي يصادف عيد العرش اليهودي،لان اجهزة الامن الاسرائيلية رفضت السماح لاتباع الديانة الاسلامية من ممارسة شعائرهم الدينية، وسمحت لقطعان المستعمرين باقتحامه. مما يشي بشكل فاضح لمن يريد ان يعي ويعلم من قادة دول العالم وخاصة الولايات المتحدة الاميركية، إن حكومة إسرائيل تدفع الامور نحو حافة الانفجار، وقطع الطريق امام عربة التسوية السياسية وخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967.
تلك الخطوات الاسرائيلية الارهابية، لم يكن لها ان تكون، لولا تساوق ادارة اوباما مع حكومة نتنياهو، التي لم تصمت فقط عن تلك الانتهاكات الخطيرة، ولا بمساواتها بين الضحية والجلاد، بل حين عمقت ذلك بربطها في سابقة خطيرة بين المسجد الاقصى و"جبل الهيكل" في اعقاب تصاعد الاحداث في النصف الاول من هذا الشهر وفق بيان وزارة خارجيتها. ولعدم تمكن دول الاتحاد الاوروبي من إتخاذ خطوات جدية ورادعة لوقف جرائم حكومة اليمين الصهيوني المتطرف. وايضا لبهتان ردود الفعل العربية والاسلامية، التي إقتصرت على بيانات الشجب والاستنكار والتلويح ب"عواقب الامور"، التي لا تخشاها إسرائيل، وتعرف حدودها جيدا جدا، لاسيما وان العديد من الدول لا تملك إرادة إتخاذ القرار الوطني المستقل، والباقي منها، غارق في متاهة ما تعانيه دولته من ازمات وتشرذم اوحروب على الاشقاء.
على الاقطاب الدولية إتخاذ قرارات ثورية لوقف الجرائم والاجتياحات الاسرائيلية قبل فوات الاوان، وإلآ فالشعب العربي الفلسطيني، لن يترك قدس اقداسه واماكن عبادته لا المسجد الاقصى ولا كنيسة القيامة مسرحا لانتهاكات قطعان المستعمرين الصهاينة. قبل فوات الاوآن على دول العالم كل من موقعها وثقلها السياسي والاقتصادي والامني، وبشكل جماعي، وقف حرب إسرائيل الدينية، والاندفاع نحو التطبيق الفوري لخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967. فهل يدرك العالم الاخطار الاسرائيلية، ويفرملها ام لا؟
[email protected]
[email protected]
[email protected]
أضف تعليق