هزت صيحة الطفل صمت الحافلة، متسلقةً ذهن السائق الخمسيني الشارد وشاقة نعاس الركاب إلى نصفين.
هيو القطار بابا، هيو القطار بابا).
صاح الطفل الجالس في حضن أبيه وهو يشير إلى قطار يمر وظل السائق الذي كان يفكر في تلك اللحظة في زيارة قبر والده (الواقع قرب سكة حديد) ينظر إلى حيث القطار فلا يرى شيئاً.
(هيو القطار بابا هيو القطار)
على مدى ربع ساعة ظل الطفل يصرخ على قطار طويل ما زال يمر والسائق والركاب ينظرون ولا يرون شيئاً.
هبط الركاب كلهم في محطة الحافلة الأخيرة، عدا السائق والصرخة
(هيو القطار، بابا هيو القطار)
في ليل محطة الحافلات المتأخر بعد نوم الركاب والمدينة قاد السائق حافلته براكب واحد هو صرخة الطفل باتجاه المكان الذي أشارت له الصرخة.
هل أستطيع استعارة صرخة طفلك لليلة واحدة يا سيدي؟
سأل السائق الأب. فكر الأب طويلاً قبل أن يسلمه صرخة طفله مشفقا عليه.
(هيو القطار بابا هيو القطار).
قطع السائق آلاف الكيلومترات ولم يصل للقطار. وظلت الصرخة تشير إلى مكان ما والسائق الخمسيني يصدقها ويمضي في طريقه، سنوات عديدة من الشوارع البعيدة والمدن واليأس والليل والدول وصلت إليها الحافلة دون جدوى.
(هيو القطار يابا هيو القطار هيو هيو يابا).
مات السائق والركاب والآباء والمدينة والحافلات والقطارات.
وحدها الصرخة ظلت حية تتنقل من مدينة إلى اخرى تشير لركاب جدد وسائقين آخرين إلى قطار ما يمر.
[email protected]
أضف تعليق