بعد قراءة العنوان الرئيسي في صحيفة “هآرتس” اليوم عن الصعوبة في حظر منظمة “لهافاه” – إليكم الشرح الذي ستجدون صعوبة في إيجاده في أي مكان آخر عن الطريقة التي تعمل فيها هذه المنظمة، وعن الطرق التي يمكن إتخاذها للتعامل معها. نحن، نشطاء مجموعة “مدابريم بكيكار” (نتحدث في الميدان) لدعم التسامح في القدس، نتابع النشاط الميداني ل”لهافاه” منذ عام، ولدينا معلومات وإستنتاجات ووسائل أيضا من المهم أن يعرفها الجمهور.

أولا، ما الذي يفعلونه، وبالتحديد – ما الذي يفعلونه في مدينة القدس؟ خارج القدس نسمع عن تظاهرات ل”لهافاه” أمام حفل زواج مختلط أو مسيرة الفخر، ولكن تظاهرة لمتطرفين أمام حدث لا يروق لهم هو حدث منفرد: كلاب تنبح على الموكب. بحسب ما نراه، فإن البعد المدمر الحقيقي لمنظمة “لهافاه” هو إندماجها في المشهد المقدسي. يظهر نشطاء “لهفاه” في ميدان “تسيون” ليالي الخميس (وأحيانا بعد خروج السبت) مع قمصان وأعلام، ويقومون بتوزيع مناشير وملصقات. يظهرون بشكل واضح. في العام الماضي كننا نرى ربما 10 فتيان وفتيات بالقمصان، ولكن هذا الصيف يوجد عادة 20 على الأقل، وجميعهم فتية تقريبا. يتناسب ذلك مع التغييرات في طريقة عملهم، التي أصبحت أكثر تنظيما وأكثر تطرفا.

أحيانا يخرجون في مسيرات ويهتفون عبارات مثل، “أيها العربي إحذر، اختي تساوي أكثر من ذلك”، “بنات إسرائيل لشعب إسرائيل” و”صدق كهانا”. هذه المسيرات بالذات تجذب إنتباه وسائل الإعلام ومن السهل تتبعها والإبلاغ عنها للشرطة، ولهذا السبب كما يبدو تقلل “لهافاه” في الأسابيع الأخيرة منها. ولكنهم ما زالوا يتجولون في المدينة، في مجموعات صغيرة هناك صعوبة أكبر في تعقبها وأحيانا من دون القميص الخاص بهم، ويبحثون عن عرب.

وإلى جانب ظهورهم الواضح، هذه هي المسألة الأكثر إشكالية: فهم يتجولون في المدينة ويبحثون عن أزواج مختلطة، وعن عرب، ويقومون بتهديدهم. من الواضح أن لديهم شبكة “واتس آب”، وهو يسارعون في الرد على دعوات رفاقهم إلى المشاركة في الشجار الذي على وشك الإندلاع. هذه طريقة فعالة “لتنظيف” وسط المدينة من العرب: هؤلاء الشباب يخافون.

قبل أن نتحدث عن العلاقات المركبة بين “لهافاه” وبين القانون والشرطة، يجب فهم من هم نشطاء المنظمة: جميعهم تقريبا من الفتية المراهقين، الذين يرافقهم عادة شخص أو إثنان من “البالغين المسؤولين”. نقدر أن أجيالهم تتراوح بين 13 و21 عاما. البعض منهم كان من الحاريديم في الماضي، جزء آخر متسرب من إطارات مختلفة، والكثيرون منهم يعيشون في أحياء تقع على أطراف القدس تشهد إحتكاكا كبيرا مع القدس الشرقية (على سبيل المثال إلقاء حجارة). الكثير منهم معروف للمختصين في تنمية وتطوير الشبيبة في البلدية – ومع ذلك تجدر الإشارة إلى أن جزء منهم جاء من خلفية عادية. الكثير منهم يعمل مع عرب والكثير منهم أيضا سيخبرك عن معرفته بشابة أو شابات تورطن في علاقات غير سليمة مع عرب. بالنسبة لهم، فهم شبيبة أيديولوجية تقوم بعمل مقدس في الوقت الذي يخرج فيه أصدقاؤهم للترفيه عن أنفسهم. منظمة “دعم الشبيبة” تتجول مع ترمسات شاي، ودورية “عيلم” تقف في ميدان “تسيون” في كثير من الليالي ويعرضون إجراء محادثات ويقومون بفتح ألعاب لوحية. كل ذلك رائع وجميل، ولكن هؤلاء الفتية يعيشون السياسة المعقدة والعنيفة لهذه المدينة ولا يريدون الشاي والألعاب اللوحية – فهم يريدون معنى – ومنظمة “لهافاه” توفر لهم ذلك.

ل”لهافاه” هناك حلقة داخلية من مرتدي القمصان، وحلقة خارجية – أصدقاء النشطاء الذين يتجولون في المنطقة، يلقون التحية، يتعاونون معهم بطريقة أو بأخرى. الفرق الكبير بين الحلقتين هو مدى إنضباط الأعضاء فيهما: من يرتدي قمصان “لهفاه” لن ينجر إلى العنف (طالما أنه يرتديها)، وسيصغي إلى كلمة البالغ المسؤول. البالغون المسؤولون حذرون، فهم يدركون قواعد الشرطة، وهدفهم العمل على نحو فعال.

رؤساء “لهفاه” يبدون حذرا شديدا في السير على الحد الدقيق بين القانوني وغير القانوني، وبين المتطرف والمقبول في الحلقات الموسعة. يظهرون تناغما في ألعابهم البهلوانية. أمام المتدينين المعتدلين في المدينة يحرصون – وفي حالات كثيرة ينجحون بذلك – على تقديم نفسهم كمنظمة تعمل على منع الإنصهار، وكمن ترغب في تحذير الفتيات اليهوديات من التورط في علاقات رومانسية غير سليمة مع عرب. ينجح ذلك في إثارة الكثير من التعاطف في الشارع المقدسي، ويساعد ذلك على تحويل حديث أيديولوجي-تربوي عن الإنصهار إلى حديث عنيف ضد المسلمين والمسيحيين واليساربين بشكل إنسيابي وفعال، ومن هناك فإن المسافة إلى القيام بأعمال قصيرة: عمليا فإن جزء أساسي من نشاط الفتية هو الإستجابة بسرعة للنداءات بين أصحاب المجموعة عن أزواج مختلطة تم رصدهم في المدينة أو بداية شجارات مع عرب يتجولون وسط المدينة، أو عمال عرب في مصالح تجارية محلية بإدعاء أنهم هددوا أصدقاءهم. ويتم إستدعاء البالغين المسؤولين أيضا إلى هذه المواقع. تشارك “لهافاه” في خلق إستفزازات عنيفة، التي سيتم الحديث عنها لاحقا، داخليا وخارجيا، على أنها “محاولات هجوم”.

هنا تأتي أهمية “الحلقة الثانية”: على سبيل المثال، في حالة تدخلنا فيها ليلة الخميس قبل أسبوع ونصف، كان يبدو أن فتى تورط في جدال مع عامل عربي في إحدى المصالح التجاري في المنطقة (ربما صرخ العامل عليه أو أهانه؟ ربما كانت هناك عملية سرقة صغيرة؟) – وأصدقاء الفتى جاؤوا ليساعدوه في تهديد العامل، وخلال دقائق قليلة ظهر أيضا نشطاء “لهفاه” هناك. في هذه المرحلة يدور الحديث عن عشرات الفتيان الذين يستعدون للعنف. يمكن أيضا رؤية تسلسل الأحداث التي بدأت بفتى يبحث عن المشاكل، مرورا بأصدقائه الذين يتم تجنيدهم بصورة منظمة وأيديولوجية أكثر وإنتهاء بحشد من البالغين مع أجندة سياسية عنيفة، وتمويل ودعم قانوني معين.

من الناحية القضائية، رأينا أن نشطاء “لهفاه” يستخدمون وسيلتين قبل البدء بأعمال العنف: (أ) يخلعون القمصان التي تميزهم؛ (ب) القادة الكبار يتراجعون خطوة إلى الوراء ويختفون من المشهد. خطوة أخرى يقومون بها: بعد حادثة عنف يتم ربط إسمهم بها، يقومون أحيانا بالتواري عن الأنظار لفترة معينة. فهم يدركون أن ذاكرتكم قصيرة. بعد ذلك يعودون.

طريقة الإستعداد هذه تخلق وضعا من الصعب فيه ربط “لهافاه” مباشرة بالعنف، وتحولهم إلى شبه شرعيين من الناحية القانونية ومن منظور حرية التعبير – وأيضا من حيث شريحة كبيرة نسبيا في الرأي العام، التي يرى جزء من مركباته في الأهداف المعلنة للمنظمة بأنها تلائم قيمه. هذه الحركات البهلوانية الحذرة التي تقوم لها “لهافاه” – بين الأنشطة القانونية وبين مخالفة القانون، بين القيم المقبولة وبين العنف، وبين ديناميكة الفتية في الشارع وبين سياسة كهانا – فعالة ومخيفة، وبالتحديد بسبب اللعب على هذه الحدود.

بالمناسبة، تجدر الإشارة إلى أنه هناك نسبة تدوير مرتفعة في المنظمة: حيث يدخلها فتية، ويتركونها ويستمرون في حياتهم. ولكن التنظيم بحد ذاته متواصل، وطالما أن هناك فتيان في الشوارع وتوتر عربي-يهودي، فهناك قواعد تجنيد لا بأس بها.

ماذا مع الشرطة إذا؟ هناك الكثير من عناصر الشرطة في المدينة ليلا، عدد كبير للغاية من العناصر في الواقع. ولكن الشرطة تتدخل فقط عندما ترى عنفا جسديا أمام أعينها. فهي لا تتدخل كثيرا عندما تكون هناك تهديدات أو إستفزاز أو ما يبدو كمشادة يمكن أن تتطور إلى عنف. أحيانا يقوم شرطي معين بتحويل نظره إلى الجانب الآخر، وتوجهاتنا أيضا إلى المركز الهاتفي للشرطة لا تلاقي ردا دائما. طبيعة العنف أنه يتطور بسرعة ويختفي بسرعة، ولذلك على رجال الشرطة أن يكون حذرين أكثر، موجهين لمراقبة نشطاء “لهفاه” بإنتباه أكبر وبالأخص – معرفة الميدان والديناميكية الخاصة بهم. للأسف، لا يوجد وسط المدينة شرطة دورية بشكل منتظم على دراية بما يجري وبإمكان عناصرها العمل بصورة مدروسة.

إذا، ما الخطوات التي يمكن القيام بها؟ (أ) من ناحية مؤسسية: بحسب تقديرنا، إذا قررت البلدية أن ل”لهافاه” تواجد غير مرغوب به في الشارع المقدسي، ستكون للشرطة الأدوات لمنعهم عن العمل بصورة فعالة. مسألة إستقلالية الشرطة لتحدد من يقوم بأعمال تضر بالنظام العام هي معقدة، ولكن جميعنا رأيناهم وهم يقومون بتفريق مظاهرات عندما قررت السلطات أن الأمر مطلوب. في كل ما يتعلق ب”لهافاه” لا توجد هناك حاجة إلى الكثير من العنف. حقا، فهم مجموعة غير كبيرة من الفتية. نموذج آخر للشرطة قد يكون مفيدا أيضا: بدلا من مجموعة عشوائية من عناصر الشرطة من وحدات مختلفة ليسوا على معرفة بما يحدث، ولم يتلقوا التدريبات للتعامل مع هؤلاء الفتية وبذلك يختارون إما التجاهل أو إستخدام العنف، شرطي دورية أو إثنين على دراية في المنطقة والفتية وديناميكية المدينة بإمكانهما أن يكونا وسيلة مراقبة ممتازة، وأن يقومان بخدمة الجمهور في المدينة بصورة جيدة للغاية.

(ب) من الناحية التربوية: يجب أن نقر بأن الحديث يدور عن ظاهرة تعتمد على أبناء الشبيبة، جزء منهم يقضي وقتا طويلا في الشارع، وبالإضافة إلى الإحتياجات التي تحاول منظمات الرفاه المختلفة توفيرها لهم – فهؤلاء الفتية يريدون أن يكونوا منخرطين في نشاط ذات أهمية. فهم مراهقون يكتشفون السياسة والنشاط الإجتماعي، والمجموعة الوحيدة التي تتعامل بجدية مع هذا الجانب الطبيعي من تطورهم هي مجموعة متطرفين أصحاب عقيدة سطحية وعنيفة، يقومون باستغلال المراهقين لأنشطة غير قانونية. منظمات الرفاه تبتعد طبعا عن السياسة مثل الإبتعاد عن النار، وتفضل – مثل المدارس، والأطر “الرسمية” على أنواعها – التصرف وكأن السياسة العنيفة في القدس غير موجودة، ولا تلعب دورا في حياة الشبيبة. كنا نرغب برؤية منظمة مثل “أحاراي” (ورائي) على سبيل المثال تملأ هذا الفراغ وتوفر لهؤلاء الفتية وسائل أكثر إيجابية للمساهمة في المجتمع.

(ج) من الناحية المدنية: هناك حاجة إلى تنظيم مدني مسؤول يمنع “لهافاه” من إعطاء الصبغة للمدينة. هنا يدخل دول “مدابريم بكيكار” في الصورة. نحن مجوعة مقدسيين علمانيين ومتدينين، يمينيين ويساريين الذين يتواجدون في المدينة في ليالي الخميس ونهاية السبت منذ عام. نقف بالقرب من “لهافاه” ونراقبهم بعناد واستمرارية، ولا نهتم فقط باللكمات، عندما تقع، بل أيضا بكل ما يحيطها ويسبقها. عدا ذلك، نبادر إلى محادثات مع كل من يصل إلى الميدان. نتحدث بصورة محترمة وصريحة عن السياسة والإيمان والهوية، ويمتلئ الميدان بحلقات نقاش. إن هذه مواطنة مسؤولة ترفض أن تعطي نشطاء “لهافاه” فرصة السيطرة على المساحة لوحدهم، ونحن نشهد تغييرا في المناخ مع مرور الوقت. ليالي الخميس نقوم بتنظيم أمسيات “ديبيت” – “نقاشات في الميدان” – عن مواضيع الساعة، بمشاركة زوار الميدان. بمساعدة بضعة قواعد بسيطة وذكية، تجري هذه النقاشات بصورة رائعة، وتفتح بابا فريدا لمختلف القطاعات في المدينة للحديث مع بعضهم البعض في أجواء محترمة. يسعدنا انضمامكم إلينا.

* ناشطة اجتماعية, فعالة في "نتحدث في الميدان"

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]