مضت سبعة اعوام على رحيل سيد الكلمة. لم يغادرنا، ظل محمود درويش سيد المشهد، ناثرا أشعاره ونثره وطلته البهية في منتدياتنا وجامعاتنا وامسياتنا الفنية والثقافية، وحيث تقرع اجراس الكلمة. لم ينم .. ولم يهدأ .. ولم نقبل وداعه.. نحب حضوره ..وطريقة إلقائه لقصائده.. نحب اناقته ودقة ملامحه.. ونحب مزاجيته وعنفوانه وكبريائه .. رغم اننا على يقين، ان محمود قد مات، وقرأنا الفاتحة على روحه الطاهرة.. وأقمنا له حديقة ومتحفا ومزارا ..
درويش الشاعر التلميذ النجيب لاباء الشعر الفلسطينيين والعرب والعالميين، تفوق على ذاته واقرانه، وتجاوز اساتذته وبني جيله، ليس لانه أُّعطي مساحة أكبر من غيره، ولا لان الاخرون إنحازوا له، وفضلوه عمن زاملوه او سبقوه. بل لانه أكد حضوره، وإختطف المنبر والكلمة على بساطتها وسلاستها من افواه اقرانه، وكونه تماهي مع اقانيم وفضاءات اللغة الواسعة، وبسط نفوذه سيدا غير منازع على عرشها.
كما ان تميز درويش الشاعر الفلسطيني والعربي والعالمي، لم يلغِ الاخر الفلسطيني او العربي. ولم يسقط دورهم ومكانتهم وأثرهم الابداعي في بحور الشعر وعلم الكلام. لان محمود لم يقبل، ولن يرضى إختزال الثقافة والشعر خصوصا في شخصه. وهو يعلم ان الثقافة والمعرفة، التي نهل منها، كانت نتاج وحصاد حقب تاريخية طويلة، صاغها رواد سابقون. أفنوا حياتهم على طريق بناء صرح الثقافة الوطنية والقومية والانسانية. ولم ينس دور معلموه، الذين غذوه بابجدية اللغة وبحور شعرها. ولم يتجاهل اقرانه من الشعراء والمبدعين، الذين لازموه في حياته، وجاورهم في حله وترحاله، حتى عندما إفترق لاسباب موضوعية عنهم، ظل على تواصل معهم. لم ينس توفيق زياد ولا سالم جبران ولا حنا ابو حنا ولا راشد حسين ولا ابو سلمى وسميح القاسم ومعين بسيسو ويوسف الخطيب وخالد ابو خالد وحسن البحيري وهارون هاشم رشيد ومريد البرغوثي وعز الدين المناصرة واحمد دحبور وعلي الخليلي وكمال ناصر وجبرا ... إلخ القائمة
غير ان محمود درويش، كان عبقريا، إستطاع النفاذ إلى المتلقي والمشهد الثقافي في آن بطريقة ساحرة، سيدته بفضل لغته الرشيقة وحضوره الطاغي، وإستلهامه من إبداعات الشعراء العالميين وحضاراتهم على الساحة دون منازع.
في ذكرى رحيله السابعة، مازال محمود درويش يلقي في امسياتنا ومنابرنا قصائده، يعيدها على اسماعنا، نسمو بها في فضاءات ملكوته، كأننا نسمعها لاول مرة. ننشد معه الوطن والارض وفلسطين، التي عليها ما يستحق الحياة.. ترنو عيوننا إلى حلم الدولة والى الام والحبيبة والسلام والانتصار على العابرين، الغارقون في وحول حروبهم .. الماضون إلى مصيرهم المجهول ..
في ذكرى رحيلك السابعة .. ننحني إجلالا وإكراما لروحك الطاهرة .. ولقصائد شعرك النابضة بالحب والامل والحياة .. عشت سيدا للكلمة.. ومازلت بلا منافس سيدا للكلمة ..
[email protected]
أضف تعليق
التعليقات
لا يمكن ان نعطيك مهما ارتقينا ...ان نعطيك حقك ...يا كنزا لا يفنى