في مقالاتي السابقة، كتبت عن أهمية ربط الصهيونية وبالأخص أفعال المستوطنين والمتشددين اليهود بما يحدث على صعيد داعش، أو ربطها بأحداث تاريخية من حيث الفعل كأفعال النازية، إن الفعل المُمَنْهج للمستوطنين ضد شعبنا على مختلف الأصعدة يجب أن يواجه بطرق ممنهجة أيضاً، بعيدة عن سياسة رد الفعل فقط لأفعالهم، وخصوصاً أن أفعالهم في تزايد مستمر لكن بأدوات قتل متنوعة، وعلينا الانتباه بأن فعل العربدة هو قبل استشهاد الطفل محمد أبو خضير وسيستمر بعد الرضيع علي دوابشة.
ودائماً نقع في متاهة رد الفعل من حيث ضياع وتشتت الرواية، بالتالي تقتل الضحية مرتين: الأولى على يد القاتل المحتل والثانية بيدنا نحن بعدم إظهار «الحقيقة» كما هي حتى يتم زراعتها في ذهن العالم.
زراعة «الحقيقة» في ذهن العالم لا يأتي بطرق عشوائية، وإنما يأتي بخطوات ومراحل ضمن عدد من الأنشطة المتمثلة بحملات ضغط وتعبئة عالمية من أجل تحقيق الهدف المراد تحقيقه.
علينا كفلسطينيين أولاً وأخيراً وضع إستراتيجيتنا الإعلامية التي تصب في مصلحة التحرر، حتى لو اختلفنا على أي شكل تحرر نريد؛ لأن ما يجمعنا هو وجود ذئب/محتل يسطو على أرضنا، لهذا علينا جميعاً أن نتحد في عمل وتنفيذ هذه الإستراتيجية؛ يتطلب ذلك التفكير خارج الصندوق والتمرد على المحرمات التي وضعناها على أنفسنا وكأن العالم ثابت ولم يتغير منذ عام 1948.
الأدوات والفكر في مواجهة العربدة التي يقوم بها الاحتلال بشكل عام والمستوطنون بشكل خاص يجب أن يتم تحضيرها وتنفيذها بطرق غير اعتيادية وتقليدية، ويجب على مؤسسات النظام السياسي الفلسطيني حتى لو كانت مهترئة الدخول في عملية التنفيذ على مختلف الأصعدة.
وهذا يتطلب منّا التفكير أيضاً في الأداء وطبيعة المهام التي تقوم بها تلك المؤسسات وهل حان الوقت لتجديد وظائفها وأهدافها وأدواتها وحتى القائمين عليها.
هذه الأدوات كما تحدثت يجب أن لا تكون تقليدية، وإنما تتلاءم مع المتغيرات العالمية في عالم الاتصال والتواصل، وأيضاً من حيث كيفية طرح وتعرية لا إنسانية المستوطن بنازيته وذلك من خلال الأفعال التي يقوم بها.
إن أخطر ما يقوم به المستوطن ليس فقط الفعل الإجرامي بل وأيضاً تحويل ذاته من ذئب إلى حمل وديع ويجعل الضحية الفلسطينية هي ضحية إسرائيلية قام العرب «الفلسطينيون» بذبحها، وهذا ما حدث مع العديد من الشهداء الأطفال، لهذا وحتى هذه اللحظة نحن ما زلنا نثبت للعالم بأننا الضحية التي تذبح كل يوم، ولكن العالم لا يريد أن يسمع ولا يريد أنا يرانا.
لنتخيل لو العكس صحيح لما تأخر العالم المتحضر بأن يقيم الدنيا ويقعدها ومعاقبتنا، لنتخيل بأن الشهيد الرضيع كان إسرائيلياً، ماذا ستكون ردود الأفعال على الصعيد الدولي؟!
إن الخطط والإستراتيجيات الإعلامية يجب أن توجه إلى العالم دون استثناء، ولنبدأ بمن هو ليس معنا، والتركيز على اليهود في كل أنحاء العالم بمخاطبتهم بمختلف الطرق، لأن هؤلاء اليهود يجب أن يكونوا أداة ضغط على الاحتلال، وعدم السماح له بتحويلهم إلى مناصرين لهذه الدولة العنصرية ثم استقدامهم لها، وهذا ما حدث قبل أيام بإحضار 200 مواطن فرنسي من أصل يهودي، وهذا يتطلب جهداً كبيراً من الجاليات الفلسطينية في مختلف دول العالم، وأيضاً على سفرائنا بذل جهد أكبر في الاشتباك بممارسة حملات الضغط والمناصرة بما يخدم تعرية الذئاب وعربداتهم وذلك من خلال التفكير خارج الصندوق بعدم الاكتفاء بالعمل الدبلوماسي.
إن تسليح أكثر من نصف مليون مستوطن هو نوع من تجهيز الجيوش التي ستهاجمنا_وهي بالأساس تهاجم بشكل يومي_ كمدنيين بأي لحظة وفي أي مكان غير متوقعين، وخصوصاً بأننا كمدنيين تحت الاحتلال لا نملك أية أدوات للدفاع عن الذات، بالتالي ملف المستوطنات يجب التعامل به بجزئيات مختلفة ليس فقط بسرقة الأرض وإقامة المستوطنات الكولونيالية والاستيلاء على المصادر الطبيعية، بل أكثر من ذلك بكثير، حيث إنهم خطر على حياة المواطنين الفلسطينيين ومن جانب آخر فإن المستوطنات أنهت مفهوم الدولة الفلسطينية، فكلما ازداد بناء المستوطنات تقل فرص إنشاء دولة فلسطينية، فالمستوطنون هم الوحيدون الذين يكشفون اللثام عن الوجه الحقيقي للصهيونية من خلال عربدتهم وتسلحهم الدائم وزيادة المستوطنات، ما سيصب في نهاية الأمر بقتل مشروع الدولتين.
[email protected]
أضف تعليق