إذا قمنا بقراءة واقعنا منذ بداية العام الحالي_ فقط_ من زاوية تحليل المضمون للأخبار التي تنشر عبر الوسائل الإعلامية الفلسطينية _فقط_ بأنواعها المختلفة؛ سنخرج بانطباع أولي سريع واضح المعالم دون أي ملابسات، بأن قياداتنا الفلسطينية تقاتل ذاتها بذاتها، ولست هنا في مكان إعطاء الأمثلة وهي كثر في مختلف المجالات المكونة للحياة الفلسطينية. لهذا ما سأكتبه هنا ليس بالضرورة المقصود به شخص "قائد" بذاته، وإنما مشاهدات واقعية لما أراه أنا الكاتب، وإذا اعتبرتم هذا المقال موجه لحضرتكم، لمعاليكم، لسيادتكم، لعطوفتكم، لسيادتكم، لا أقصد "قائد" بذاته وإنما حالة الجمع ككل.
لم تعد الأيديولوجية التنظيمية للحزب الواحد هي التي تسود فوق أي خلافات، بل على العكس أصبحت المصلحة الفردية_فقط_ هي التي تسود فوق أي أيدلوجية، بالتالي_ وهو الأخطر_ ولدت منظومة مصالح خاصة بين "قيادات" مختلفة لا تجمعهم الأيديولوجية الواحدة والهدف الواحد بقدر ما يجمعهم المصلحة الذاتية الفردية في الحفاظ على ممالكهم التي تم إنشاؤها باسم الوطن ومؤسساته لتصبح حكراً لهم ضمن حالة من الوهم والنرجسية الزائفة.
والأخطر من هذا كله؛ يحظر ويمنع دخول أي شخص لمساحات يعتبرها بعض القيادات ممتلكات_ بشكل مملكة_ خاصة له، مع الأخذ بعين الاعتبار بأن هذه المساحة هي للشعب الفلسطيني وحق لكل مواطن أن يبدع ويفكر وينتج، بالتالي يتم محاربته بأدوات مختلفة، إذن وضع "القائد" ذاته في معسكر ومساحة خاصة يمنع التجادل معه، أو كمواطن إبداء رأيك في موضوع ما، لأن هذا سيتم اعتباره تدخلا في ملكوت هذا "القائد" وبالتالي تصبح أنت مندس، عميل، صهيوني، أميركاني، أو يتم وصفك بأسماء قيادات أخرى لأنك تابع لهم مثل: "عرفاتي" "عباسي" "فياضي" "دحلاني" "برغوثي" "جماعة هنية" "جماعة الرنتيسي" "جماعة خالدة".
وما أجده في وسائل الإعلام الاجتماعية والإلكترونية من حروب متقنة ضد بعضنا البعض، وذبح ذاتنا من خلال قطع رؤوسنا بأيدينا يجعلنا نقوم بمهام العدو أو نسلم أنفسنا لمرحلة جديدة بدأت ملامحها تظهر بوضوح في العالم العربي، لهذا تضيع الجهود المبذولة لبناء الذات، التحرر، حملات إعلامية تعري المحتل وتساند قضايانا المختلفة على الصعيد العالمي، محاربة الفساد وتعزيز الحلول الاجتماعية والاقتصادية والثقافية؛ إلى جهود معدومة وتصبح أولوياتنا قضايا ثانوية.
بالمحصلة النهائية تشتعل الحرب بيننا ونبدأ إطلاق النيران على بعضنا البعض بطريقة مريضة تعبر عن جهل وظلامية الفكر الذي يحمله البعض بعقله، لتبدأ حرب الإشاعات والذبح المجاني لذاتنا الفلسطينية وتجريدها من القيم في بناء المواطنة من خلال المساءلة وحرية الرأي والتعبير، لنصبح غابة تمجد وتهلل "للقائد" فنتحول أدوات لهم فقط لا غير؛ وفي وقت من الأوقات سيصطلحون ونكون نحن الضحية، وربما سيتم تحميل السلحفاة أو الأرنب مسؤولية إثارة الفتن والمشاغبات لندفع ثمن ذلك.
بالتالي أصبح المفهوم النقدي بأكمله بحاجة ماسة إلى إعادة نقد من أجل الحفاظ على ديمومة الحياة الفلسطينية بمختلف جوانبها، وخصوصاً في ظل غياب أي برنامج عملي مخطط له من أجل التحرر.
إن موجات النبذ والاستصغار التي تضعها القيادات كأدوات حامية لهم، وتصغير قضيتنا الأساس على مختلفة الأصعدة لهو حالة من المرض يجب استئصاله بأسرع وقت_ وهذا ما لا أعتقد حدوثه_ وما نحتاجه الآن هو كتابات وأصوات عقلانية تتمتع بمقدار من الصحو والاستنهاض، لأن التاريخ لا ينتهي ولا يكتمل؛ لكن التاريخ يحاسب وحاسب.
[email protected]
أضف تعليق