بالفن والابداع حملتها اجنة الطموح لتحلق بسماء الارادة عاليا، ولم تجد للحواجز والعوائق سببا لإيقافها عن متابعة مسيرة النجاح في تعليمها الفنون التشكيلية، انها الطالبة خاتمة رابوص ابنة الـ26 عاما من قلنسوة، وهي ام لطفلين وطالبة جامعية في كلية بيت بيرل في قسم" الفنون والرسم التشكيلي" سنة رابعة.

الفنانة الواعدة , خاتمة رابوص وفي لقاء خاص لمراسلنا معها , اسهبت بحديثها وتفصيل بداياتها ومشوارها في رحلة الفن وعالم الرسم وكيفية اختيارها لهذا الموضوع حيث قالت :" بداية ومثل اية بداية لأي طالب بمشوار جديد, قد تكون هناك صعوبات وعوائق التي تواجهه في اي موضوع يختاره لنفسه , وبشكل خاص اذا كان الموضوع لا يتماشى مع افكار ومعتقدات بعض الناس, وعلى سبيل المثال اتكلم وبصفتي طالبة في موضوع الفنون التشكيلية والمعاناة التي واجهتني في بداية مشواري التعليمي، واهم نقطة هي ردود فعل من حولي بما يخص اختياري للموضوع , حيث لم اجد من يساندني او يشجعني على اختياري ويحثني على اكمال طريقي الذي اخترته, باستثناء عائلتي التي اقدر وقوفها الى جانبي بجميع اختياراتي وتقديرها لي شخصيا وحثي على الاستمرارية ولولاها ذلك لا اعتقد انني كنت سأصل لما انا عليه اليوم.

أحببت الفن منذ طفولتي

وقالت رابوص :" أحببت الفن منذ طفولتي عندما كنت طالبة في المراحل الدراسية الأولى، وانا اقصد المرحلة الابتدائية حتى المرحلة الثانوية, ورغم اننا في تلك المراحل لم تكن الفرص متوفرة لممارسة هذا الحب للرسم والألوان لأننا كنا دائما محاطين بمواد التعليم ومناهج الدراسة المخصصة لكل مرحلة تعليمية , حيث كنا دائما مجبرين دائما على تنفيذ المهام والواجب الدراسي ولم تكن تتوفر لدينا الأوقات الكافية لتطوير هذا المجال وهذا العالم من الموهبة , الامر الذي كان يعود علينا بالكتمان والحرمان من تنفيس وتنفيذ هواياتنا.

نقص لازمني منذ الطفولة

وأضافت :" بالرغم من حبي الشديد للرسم وعدا عن اهتمامي به شخصيا , اخترت ان اتعلم هذا الموضوع نتيجة لنقص لازمني طيلة فترة المراحل التعليمية التي مررت بها، حيث لم اكن اجد دورات تنمي هذا الحب وهذه الهواية لدي , وباعتقادي الشخصي يجب على كل شخص ان يتعلم الموضوع الذي يحبه والموضوع الأقرب الى قدراته، لان الشخص اذا تعلم موضوعا قريب الى قلبه فإنه سوف يبدع فيه أيا كان , لذلك تحولت هوايتي للفن الى الموضوع الذي اريد ان اتعلمه وهذا ما فعلته في نهاية المطاف.

الفنون التشكيلية متعددة المجالات

وعن الصعوبات والحواجز قالت :" في السنة الاولى للتعليم كانت تلازمني هواجس ومخاوف كثيرة بسبب قلة الوعي بمجتمعنا العربي للفن نفسه وبانواعه , حيث ان الفنون التشكيلية متعددة المجالات , منها فن الرسم بجميع انواعه مثل الرسم بالزيت, الاكريليك, الرصاص, الفحم, وحتى بالحبر , وهناك فن الكراميكا حيث تعليم الكراميكا التشكيلية او ماكنة الكراميكا, وهنالك فن التصوير , فن النحت بجميع انواعه وخاصة الخشب, وفن مسرح, والى ما لا نهاية من الفنون ولكن هذه ابرزها.

وتابعت خاتمة :" وككل شخص في بداية المطاف تراوده التخبطات والصعوبات من حيث اختياره لموضوع تعليمه ومجالات العمل ما بعد نهاية الدراسة وتقبل المجتمع المحيط بك لهذا الاختيار وأيضا مجالات ابراز وإخراج هذه الطاقات الى العالم والخارجي والامكانيات التي ممكن ان تتوفر للنجاح في هذه المجالات و ورغم ادراكي التام اننا في مجتمع يعاني، في الغالب، من التضييق على الفنانين المحليين الا انني حبا لموضوع الرسم والفن اخترت هذا المجال تعاليا على كل هذه الحواجز والعوائق المختلفة.

الرسم علاج نفسي ايضاً

وعن مجالات الرسم قالت :" موضوع الفن والرسم ليس فقط موضوع لمهنة مستقبلية فهو أيضا معالج نفسي في بعض الأحيان وانا شخصيا اجد فيه صفاء الذهن ومتعة حقيقية وراحة نفسية حيث اخرج كل طاقاتي باللوحة التي ارسمها علما انني لا استطيع ان ارسم الا اذا كنت لوحدي الوضع الذي يمنحني تركيزا اكبر بالفكرة التي اريد ان اعبر عنها واخرجها الى النور.

واضاقت رابوص :" انا شخصيا لا ارسم لكي اعرض رسومات او اخطط لرسم مواضيع معينة , انما ارسم الواقع الذي اعيشه شخصيا , لذلك وخلال مسيرة دامت اربع سنوات تعليمية في هذا المجال, كان علينا وضمن خطة التعليم في الكلية ان نعرض ما لا يقل عن ثلاثة معارض , علماً انني لم اشارك الا مرة واحدة في معرض شخصي الذي اتى بعد عدة مواقف اليمة حصلت معي وخصوصا في فترة تعليمي , فقد فقدت اربعة اشخاص مقربين جدا من عائلتي على التوالي نتيجة اسباب مختلفة و مرت علي فترة لم استطع ان افكر بالرسم ولكن سرعان ما تغير مجرى تفكيري وبدأت اترجم هذه الاحداث في رسوماتي ناقلةً ما اشعر به الى لوحات معبرة.

وأنهت قائلةً:" سأشارك في المعرض المخصص للتخرج الذي سيقام يوم الخميس القادم وسأعرض لوحات متعددة بألوان زيتية , لوحات للشخصيات ولوحات احداث التي كانت هي الأهم والابرز لدي.

طموحي ان تكون للوحاتي بصمة خاصة

وقالت :" طموحي دائما الوصول الى ابعد مدى في مجال الفن والرسم , واطمح ايضا ان اكمل مسيرتي التعليمية المتعلقة بالفن بجميع نواحيه , بما في ذلك ايضا المعالجة بالفن واكمال مسيرتي الفنية كأي فنان عالمي وله عالمه وطابعه وبصمته الخاصة في هذا المجال.

تعليم الفن في المدارس الثانوية ايضاً

وأضافت :" نحن في البلاد وكأقليه نعاني كثيرا من ضيق التوسع في مجالات الفن بشتى الطرق الشيئ الذي يعود علينا بالضرر والنقص , وكوني خريجة كلية الفنون التشكيلية اجد انه ومن الضروري ادخال المجالات في جميع مراحل التعليم المدرسية كأحد المواضيع التعليمية الأساسية لدينا في المدارس العربية فوق الابتدائية تحديدا وليس فقط في المدارس الابتدائية.

مفتش فنون في مدارسنا العربية!

وتابعت :" اعتقد ان مدارسنا فوق الابتدائية تفتقر او تتميز بشح هذه المجالات التعليمية وهناك نقص كبير في ساعت عمل للمعلمين بهذه المواضيع علما اننا بحاجة كبيرة لمثل هذه المواضيع في مدارسنا العربية التي من شأنها تطوير قدرات الطالب الإبداعية وأيضا تساهم بشكل او بآخر في صقل شخصيته حيث تمكنه من رؤية العالم بصورة أوضح وفهمها بطريقة اسرع . لذلك يجب علينا ان نبدأ حملة توعية خصوصا في هذا المجال حيث انني وبعد دخولي لعدة مدارس وتطبيقي فيها وجدت ان الطلاب متشوقون ومتعطشون لمثل هذه المواضيع ويعانون قلتها , وكذلك الامر بالنسبة للمعلمين الذين يشتكون ويطالبون بادخال هذه المواضيع ضمن البرامج الدراسية في المدارس , ولكن لا يوجد من يطبق هذه المتطلبات على ارض الواقع , ولكي ادعم قولي وبعد بحث مطول وجدت ان لكل موضوع يوجد مفتش ومركز مسؤول عن موضوع معين لكن للفنون لا يوجد مفتش ولا اهمية ولا تقدير .

واسهبت خاتمة رابوص تقول:" اشعر بألم داخلي حين أرى العديد من المعلمين والخريجين في هذا المجال لا يجدون فرص عمل متاحة امامهم ولا مدارس تستوعبهم وتضمهم , والبعض منهم قد يسافر الى بلدات بعيدة عن مكان سكنه لكي يجد فرصة عمل على الأقل ملائمة لمعاناة سنوات تعليمه , علما اننا نجد عددا لا بأس به من المبدعين العرب في هذا المجال يعلمون تلك المواضيع في المدارس اليهودية التي تتمتع بالوعي الكافي لضم هذه المواضيع في مدارسها وتحترمها كأي موضوع تعليمي اخر, ولا اريد الخوض بالأسباب ولكن يجب علينا كمجتمع ان نبحث بالأمر ونتابع هذه القضايا التي قد تشكل تغييرا جذريا في مجتمعنا ".

سأسعى جاهدة لتغيير المعادلة وقلب الموازين وتغيير نظرة المجتمع

واختتمت الفنانة خاتمة قائلة :" بالنهاية كل ما نتمناه هو كل التقدم والنجاح لطلابنا واطفالنا , وتطور مجتمعنا الى افضل ما يكون , وانا شخصيا سأسعى جاهدة لتغيير المعادلة وقلب الموازين وتغيير نظرة المجتمع باستخفافهم بمثل هذه المواضيع وسأعمل بكل جهد من اجل وضع هذه المواضيع على خارطة المنهاج التعليمي , وكما قال رسولنا الكريم محمد عليه الصلاة والسلام " خيركم لأهله , واهلنا أولى بالمعروف" .

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]