كان على وشك قتل الإرهابى السادس لولا نفاد خزنة الطلقات فى خمسة إرهابيين قتلهم جميعًا، وبعدها نال الشهادة.. هو الجندى البطل «أبانوب صابر»، عمره 23 عامًا، وابن مدينة القنطرة غرب بمحافظة الإسماعيلية، وأحد أبطال معركة الأربعاء الماضى التى خاضها جنودنا الأبطال ضد الإرهابيين الذين هاجموا بخسة كمائن الجيش فى الشيخ زويد ورفح بسيناء..
لم يحصل على إجازته تلبية لطلب قائده بالاستمرار فى الخدمة حتى عودة زملائه، وكأن الأقدار بذلك كانت تدخره للحظة التى سيكون فيها ضمن كتيبة الأبطال الذين خاضوا معركة الشرف والبطولة ضد الإرهابيين الذين ظنوا أنهم يستطيعون تنفيذ مخططهم الأسود. «أبانوب» هو عنوان دال على عظمة الجيش المصرى الذى ينصهر تحت رايته كل المصريين، فلا طائفة تحكمه، ولا ملة تسيطر عليه، إنما هو جيش وطنى، عقيدته الدفاع عن أرض مصر حتى الشهادة، ورد كيد المعتدى مهما كانت قوته وجبروته، وعنوان دال على فشل جماعة الإخوان فى حلم تحويل عقيدة العسكرية المصرية إلى مسار غير مسارها الوطنى الأصيل. تقول والدة «أبانوب» وهى تحمل صورة ابنها على صدرها: «قبل يوم من استشهاده قلت له خليك فى ضهر زمايلك»، هكذا أوصته أمه الطيبة المصرية الأصيلة..
عبرت «أم أبانوب» بكلماتها التلقائية عن حقيقة المصريين، ومعدنهم فى تكاتفهم وقت الشدائد والمحن، فلا دين يفرق، ولا طائفة تتحكم، إنما الوطنية المصرية بكل ما تعنيه هى التى تعلو ولا يعلو شىء آخر عليها. كل حروب مصر شاهدة على ذلك، ففيها يمتزج دم المسلم بدم المسيحى، وفيها يحمل كل جنود الجيش المصرى السلاح فى مواجهة عدو واحد، ولا يستطيع عدو أو متربص النيل من هذه الحالة، وهناك آلاف الحكايات فى تاريخنا التى تؤكد ذلك، فالاحتلال الإنجليزى لمصر منذ عام 1882 حتى عام 1954 لم ينجح فى تمزيق الصف الوطنى باستخدام ورقة المسلمين والمسيحيين، وفى حروب 1956 و1967 و1973 كان الكل على قلب رجل واحد فى مواجهة العدو الصهيونى.
فى سرادق عزاء «أبانوب صابر» تسابق الجميع فى زحام لافت لتقديم واجب العزاء، ورفع أهله فى السرادق الآية القرآنية «من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه»، صدق الله العظيم، ليأكدوا أن الشهيد العظيم هو ابن وأخ كل المصريين، فديانته شأن خاص بينه وبين ربه، أما وطنيته فهى الأصل الذى يظلل كل المصريين.
[email protected]
أضف تعليق