تقتضي "الموضة" السائدة اليوم في العالم الغربي، ولدى من يتبعونهم من أبناء مجتمعاتنا العربية والاسلامية، بأن تصرح أنك مع الحق في الانحلال الأخلاقي، إذا كنت تريد أن يعترف بك "كمتنور" او "كمتحضر" او "كديموقراطي".

فمن اراد ان يقال عنه "متنور" لا بد وان يصرح انه مع حق الشواذّ جنسياً، في ممارسة ميولهم الجنسية والإعلان عنها علنا، بل والحق في زواج الرجال من الرجال والنساء من النساء، والا فسوف يعتبر رجعياً متخلفاً معادياً لحقوق الانسان.

وإذا سرنا على نفس المنطق المذكور فالموضة تقتضي أيضا أن تتبنى مبدأ ما يسمى حق كل راشد او راشدة في مصاحبة من يشاء أو من تشاء وأن يمارسا الجنس معاً، دون زواج، وأن تتبنى ما يسمى الحق في ممارسة الجنس دون زواج مع أكثر من شخص، والحق في تبديل أصحابهم وصاحباتهم يومياً، وحق كل واحد منهم أن يخون زوجته الشرعية أو حق كل واحدة أن تخون زوجها الشرعي، ما داموا يقومون بذلك بمحض إرادتهم دون ضغط خارجي.

وكل من يعبر بحسب ايمانه ومعتقده الديني أن هذا زنا، وأن هذا محرم حسب الأديان السماوية كلها، فهو ليس مع موضة التمدّن، وهو بالضرورة رجعي متخلف بل متطرف في تخلفه ورجعيته.

ولكي تكون "متنوراً" عليك أن تكون ضد حكم الإعدام من حيث المبدأ، ولذلك عليك الوقوف ضد أي حكم يصدر بإعدام أي قاتل، فالموضة والتمدن يقتضيان اليوم معارضة مبدئية لحكم الإعدام؟

وأغرب ما في أمر دعاة حقوق الإنسان وفق الموضة الغربية، أن حقوق الانسان هذه، وخاصة حرية الرأي، عادة ما تكون باتجاه واحد. فلا مجال لرأي من يقول: "إنني من حقي كإنسان أن أدين بدين الله، وأن أدعو لتطبيق شرع الله، وأن أؤمن بحكم الله في الزناة والقتلة والشواذ والمثليين والسارقين وشاربي الخمر وغيرهم".

أليس من حرية الرأي، أن أعبر عن قناعتي بعدالة الأحكام السماوية، وبأنها جاءت لتحفظ البشرية من الضياع؟!

أليس من حرية الكلمة أن أدعو الناس للإيمان بصحة عدل حكم الله؟!

وإذا سألني أحدهم: كيف ينسجم كونك في مؤسسة تعمل وتدافع عن حقوق إنسان، وايمانك بحكم الشرع، مع المواثيق الدولية لهيئات حقوق الانسان المختلفة، التي تخالف ذلك وتدعو علناً للحرية في ممارسة الجنس مع من تشاء وقتما تشاء ما دمت تفعل ذلك راغباً ولست مرغماً؟!

أقول، إن من حرية الاعتقاد أيضا، أن أعتقد بصحة وعدل دين الله وشريعته، وبصحة وعدل الأحكام الشرعية، وإن من حرية الرأي أن أعبر عن رأيي بأنني أعتقد بهذه العدالة السماوية، بل إن من حرية الكلمة، أن أدعو الناس إلى الايمان والاعتقاد بذلك، ومن حرية الرأي والكلمة والاعتقاد، ان أعتقد وأقول أن المواثيق الدولية إنما هي مواثيق وضعها بشر لهم أهواء وشهوات ونزوات، وهم معرضون للخطأ، وجلّ جلال الله وحده سبحانه أن يسهو أو يخطئ.

ولعل أكثر شاهد وأكبر دليل على قصور الشرائع التي يضعها الإنسان، وجود أكثر من ولاية في الولايات المتحدة تعمل بحكم الإعدام وأخرى لا تعمل به، بل إن بعض الولايات تعمل به على مدار عشرات السنين ثم تلغيه ثم تعود إليه، أليس ذلك دليلاً على اضطراب وضعف وقصور الشرائع الأرضية.

بل إن موضوع "موضة" مناصرة المثليين والمثليات جنسياً ليس محط إجماع لدى مركبات المجتمعات التي نلهث لتقول عنا "متنورون"، ففي الوقت الذي تعترف فيه بعض الدول بحق هؤلاء في الزواج الرسمي والميراث وما الى ذلك، تعارض برلمانات دول أخرى مثل روسيا إعطاء هذه الحقوق والاعتراف بها.

أليس ذلك دليلاً آخر على عجز المشرع الإنساني واختلافه وارتباكه؟!

كما أن المعاهدات والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، جاءت خلال فترة ما بعد الحرب العالمية، وتم سنّها من قبل دول اوروبية مستعمرة، وهي بالتالي مشروع سياسي – اجتماعي – تربوي – ثقافي - غربي مبني على حقوق أفراد وقيم غربية، وتعاملنا معها هو من منظور نقدي.

إننا كجمعية حقوق إنسان نعتقد جازمين أن من حقوق الإنسان الحق في الاعتقاد بدين الله وشريعته والحق في الدعوة الى تطبيق شرع الله.

إننا كجمعية حقوق إنسان نعتقد جازمين، أن حقنا بالتمسك بعاداتنا وتقاليدنا وقيمنا المجتمعية ونبذ كل ما يخالفها، هو أيضا حق من حقوق الإنسان.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]