احراق الكنيسة في الطابغة بشكل وحشي لا يمكن لشخص مؤمن ان يقوم بتنفيذه، واليوم حيث طالعتنا الاخبار برش كتابات "الموت للعرب" على جدران في مدينة طبريا (يبدو انها لنفس اليد) بالإضافة الى عشرات حالات تدنيس المساجد والكنائس التي حدثت خلال العامين الماضيين، و"عدم تمكن" الشرطة من القاء القبض على منفذ ولو لعملية من هذا النوع (تخيلوا لو قام عربي بتدنيس كنيس يهودي او احراقه، لقامت الدنيا ولم تقعد حتى العثور على منفذ العملية) ان دل على شيء فإنه يدل على تقاعس سلطات الامن والشرطة في العثور على منفذي العمليات الاجرامية، ليس من منطلق عدم وجود ادلة تؤدي الى المجرمين وانما من منطلق تقاعس رجال الامن والشرطة في تأدية واجبهم والعثور على مجرمين، عندما يدور الامر عن يهود نفذوا اعمال إجرامية وعدائية ضد مقدسات إسلامية او مسيحية، ربما لأن الامر لا يخص شعب الله المختار، اليهود، او لان الحكومة عن طريق سلطاتها ليست معنية بفتح جبهة ضد هؤلاء المتطرفين، وبالتالي مما قد يؤدي الى انسحاب الأحزاب التي تؤيد هؤلاء المجرمين من الائتلاف الحكومي المائل الى السقوط، والذي يمكن لنسمة هواء خفيفة ان تسقطه وتؤدي الى انتخابات جديدة.
هذه الظاهرة يجب ان تشغل الضوء الأحمر لدى عدة جهات واهمها:
إخواننا المسيحيون، الذين حاولت السلطات ايهامهم انهم مميزون وانهم ليسوا عربا (وصدق قسم قليل منهم هذه الادعاءات) وحاولت السلطات تجنيد قسم منهم ونجحت بذلك، عن طريق بعض رجال الدين الذين باعوا انفسهم وضمائرهم من اجل ان يحصلوا على حفنة من المساعدات او يتم اعتبارهم "مخلصين للدولة" لكن معظم إخواننا المسيحيون الشرفاء فطنوا الى هذه الحيلة وانتبهوا اليها ووقفوا الى جانب إخوانهم من المسلمين وبعض الدروز الشرفاء، الذين رفضوا التجند ورفضوا أن يتم شراؤهم عن طريق التجند، لأن الواقع في البلدات العربية، حتى تلك ذات اغلبية او عدد كبير من المسيحيين ما زالوا يعانون مع إخوانهم المسلمين من سياسة التهميش والاقصاء والنبذ واعتبارهم أعداء للدولة.
سلطات القانون في الدولة التي ما انكفت عن ممارسة سياسة التمييز ضد العرب، مسلمين ومسيحيين على حد سواء، والتي تتعامل مع السكان العرب على انهم مواطنين من الدرجة الثانية، ولن انسى اليوم الذي كنت اسير فيه في شوارع حيفا وقمت بقطع الخط الأبيض في الوقت الذي كانت فيه الإشارة الضوئية حمراء، في شارع جانبي، لاني كنت مسرعا، (هذا لا يبرر المخالفة) وبالصدفة وجدت شرطيا يأتي من الجهة المقابلة، الذي قام بتوجيه اللوم لي وبعدها قال لي سوف اسامحك هذه المرة لكن في البداية اريد ان اشاهد هويتك وعندما رآى هويتي وعرف اني عربي قام بتحرير مخالفة لي. على سلطات القانون ان تصل الى نتيجة ان ممارسة الضغط على مجموعة كبيرة من السكان قد تؤدي الى الانفجار في النهاية (انظر احتجاج أبناء الطائفة الاثيوبية واحتجاجاتهم في الشهر الماضي) وعندها لن ينفع الندم.
على سلطات الحكومة ان تتعامل مع الأقليات كلها على أساس المساواة في الحقوق والواجبات وان لا تعامل الشخص على أساس هويته القومية، وانا كنت معلما لمدة 32 عاما وكنت وما زلت اشاهد حتى اليوم الميزانيات التي تخصص للطالب العربي في كل البلدات العربية والتي لا تصل أحيانا لربع الميزانيات التي تخصص للطالب اليهودي، والميزانيات التي تخصص للقرى والمدن العربية والتي تصل الى ربع او نصف الميزانيات التي تخصص للمدن اليهودية لأن تخصيص الميزانيات يكون على أساس العدد وبمبلغ اقل للمواطن العربي من المواطن اليهودي، حتى اليوم وبدون أي خجل.
تعامل الحكومة بشكل عنصري فاضح مع الأقليات كلها، حتى الأقلية الدرزية التي تخدم في الجيش ويقتل أبناؤها في الحروب دفاعا عن دولة إسرائيل، لا تحصل على المساواة التي من المفروض ان تحصل عليها، واذا تجولت اليوم في قرية درزية لا تجدها تختلف بكثير عن قرية عربية، من ناحية الخدمات والميزانيات التي تحصل عليها من الحكومة (ولا ننسى اضراب رؤساء المجالس المحلية الدرزية (الأخير وليس النهاية) قبل أسبوع ونيف والذي انتهى بوعد الحكومة بدفع ميزانيات (مستحقة وليس منة) وانا مستعد للمراهنة من اليوم ان الحكومة تماطل ولن تقوم بدفع مستحقاتها للسلطات المحلية الدرزية لأن هذا الامر حدث عدة مرات ولم تقم الحكومة بدفع مستحقاتها.
الانتخابات الأخيرة للكنيست غطت على اقتراح القانون الذي كان من المفروض ان تتم المصادقة عليه قبل الانتخابات وهو قانون المواطنة، الذي يعتبر اكثر قانون عنصري ستقوم الكنيست بسنه قريبا، وهو يقضي بإعتبار أبناء الشعب اليهودي ذوي مواطنة كاملة وحقوق كاملة وهم المواطنين الوحيدين الأصليين في الدولة ويتم منحهم كل الحقوق، بينما الأقليات الباقية لا تتمتع بنفس الحقوق مثل اليهود والذي اثار بشكل خاص حفيظة أبناء الطائفة الدرزية الذين احتجوا على عدم منحهم مركزا مثل اليهود رقم خدمتهم في كل المجالات واهمها التجنيد للجيش. لكن الانتخابات انقذت دولة إسرائيل وحكومة إسرائيل اذ تم تاجيل التصويت على القانون الى اجل غير مسمى ولكن ربما يكون هذا الاجل قريبا جدا.
الشعب اليهودي هو اكثر شعوب العالم التي تضررت بسبب العنصرية والنازية وكونه اقلية في كل دول العالم، لكن يبدو ان معظم أبناء هذا الشعب (عدا قسم واع ) لم تتعلم الدرس التاريخي من الكارثة وما زالت تتعامل مع كل الشعوب وخاصة الشعب الفلسطيني والعربي على انهم هم شعب الله المختار وكل الشعوب الباقية هم "غرباء" (جوييم).
كما ذكرت في العنوان، على الحكومة ان ترتب اوراقها من جديد، وان تعامل أبناء الشعب الفلسطيني، من مواطني الدولة، على انهم مواطنين متساويين، في كل المجالات والحقوق وان تبتعد عن سن القوانين العنصرية التي تفضل شريحة اليهود على باقي الشرائح السكانية، (حتى تلك التي تخدم في الجيش) ولن انسى مرة كنت أيضا في حيفا ورأيت شخصا يضرب شخص آخر وعندما قال له الشخص الآخر :"انا درزي واخدم في الجيش مثلك" اجابه اليهودي "انت في النهاية درزي قذر" مما يدل على نظرة الاستعلاء من قبل اليهود لنا ولإخواننا الدروز ولكل الأقليات وعدم احترامهم لنا الا عندما يأتون للاستضافة لدينا ولتناول الطعام عندنا، ويمتدحون الحمص والمشاوي والطعام العربي، ليس لانهم يحبوننا بال لانهم يريدون استغلالنا والسيطرة على مواردنا ومستحقاتنا، والضحك على عقولنا واستهبالنا.
[email protected]
أضف تعليق
التعليقات
حديثك مئة بالمئة