«ارادوها معركة فلتكن، لن اتراجع ولن استكين مهما حاولوا، فانا اخوض معركة المشاركة المسيحية الحقيقية، ولن اقبل أي تسويات على حساب حقوق المسيحيين».
هكذا يجيب بنبرة حازمة رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون كل من يلتقيه، ويقول: «لا مساومة ولا تفريط بحقنا الدستوري والميثاقي مهما علا الصراخ واشتدت الضغوط».
اذاً، فالاجواء المحيطة بالرابية تؤكد ان العماد ميشال عون قرر خوض المعركة لآخر «رصاصة» في وجه من يتهمه بالتعطيل بذرائع كثيرة، آخرها ملف التعيينات الامنية.
فمواقفه المتزايدة صعوداً تنبىء بأن الخطوات التصعيدية الميدانية ستبدأ قريباً، لان القرار قد اتخذ ولا عودة الى الوراء، مهما تعاظمت التهديدات والاتهامات.
الجنرال عون مصمم على المواجهة حتى النهاية، فحقوق المسيحيين بالنسبة اليه خط احمر وتجب استعادتها مهما كلّف الامر، ينقل عنه، «ألا يجب ان نتعظ مما جرى لمسيحيي العراق وسوريا ومصر؟ فالمسيحيون هم منارة الشرق وحضارته، فلماذا يريدوننا ان نتخلّى عن حقوق كانت ملكنا وأخذوها بالترغيب والترهيب؟».
وبالنسبة لعون«قضية حقوق المسيحيين واجب مقدس علينا، فبعدما داسوا عليها وشطبوها، واجبنا استعادتها لكي تستقيم الامور في البلاد ونشعر اننا شركاء متساوون، فلا احد يهوّل علينا، ونحن لم نخف ولن نخاف ونرضخ، فالقصة قصة حقوق المسيحيين ونقطة ع السطر».
الجنرال عون مصر على الدفاع عن حقوق المسيحيين ويسأل «الا يحق لنا ان ندافع عن انفسنا، فكفى تزويراً وغشاً وتباكياً، فكل الامور اصبحت واضحة امامنا، وسقطت الاقنعة عن وجوه كثيرة، كنا نعتقد انهم ربما راحوا يتلون فعل الندامة، الا انهم يريدوننا ان ندفع اثمان اخطائهم المميتة ضد المسيحيين، ولكن نطمئنهم ان المسيحيين باقون على عهد سيّدهم ومعلّمهم الذي علمهم كيف يستردون حقوقهم مهما تعاظم اضطهادهم، فتاريخهم حافل بالانتصارات على مضطهديهم وظالميهم».
وينقل عن الجنرال عون تأكيده «ان لا عودة الى الوراء ابداً، وهذا ما جعله يلوّح بالفيدرالية او تعديل الطائف قبل انتخاب الرئيس، وهما رسالتان الى الداخل والخارج، سلاح يواجه به من يعترض على حقوق المسيحيين ويحاول ابتلاعها، دون ان يدرك ان المعركة فتحت وجميع الاسلحة مشروعة لاستعادة الحقوق».
وبالامس، زارت دارة العماد عون في الرابية وفود من قضاء جزين وكلامه كان واضحاً وشفافاً امامهم: «لقد ذهبوا بعيدا في غطرستهم، وتصرفوا كما لو كانوا يملكون الوطن، وليس لهم فيه شريك. لقد تعاملوا مع المواطنين وكأنهم رعايا، فابتلعوا حقوقهم المعنوية والمادية، وكأنها أملاكهم الخاصة، وسرقوا أموالهم، وسطوا على حقوقهم الدستورية»، لافتا «نحن شركاء متساوون، نحن مواطنون، ولن نقبل أبدا أن نكون رعايا».
وأردف «نسمع كل يوم مسؤولين ومحللين يتبرعون بتصاريح ومقالات يوزعون فيها المسؤوليات عن توقف مجلس النواب عن العمل، وكذلك مجلس الوزراء ويرمونها علينا. فلهم نقول: احترموا المعايير والقوانين والعرف والميثاق بالإضافة الى وعودكم، فتستقيم الأوضاع في المؤسسات، وتجري الأمور بشكل طبيعي».
اهالي حضر يتحضرون لانتفاضة شعبية
أماّ في الموضوع الدرزي، فذكرت معلومات مؤكدة من منطقة الجولان السوري المحتل، ان الشيخ موفق طريف كبير مشايخ الدروز في فلسطين المحتلة الذي تربطه علاقات وثيقة بالمؤسسة السياسية والعسكرية الاسرائيلية، زار الجولان المحتل، وعقد اجتماعا موسعاً في منزل المعارض السوري طاهر أبو صالح في حضور قياديين عسكريين اسرائيليين وبعض الفاعليات وطلب من الجميع الإقرار بسقوط بلدة حضر وابلاغ الدروز في الجولان المحتل ألا يكابروا وما على الأهالي في حضر سوى الانتقال الى مجدل شمس (الأطفال والنساء) ومن يبقى في حضر عليه تحمّل العواقب ولا ضمانات للذين سيحملون السلاح في وجه «النصرة».
ولفتت المصادر الى ان رسائل وصلت الى الدروز في قرى جبل الشيخ من الشيخ موفق طريف تتقاطع مع اخبار يجري تداولها عن اتفاق عقده زعيم درزي مع الاتراك والاردنيين، يقضي بتسليم الدروز اسلحتهم وفتح ابواب قراهم لـ«النصرة» والانسحاب من التلال الاستراتيجية وعدم القتال الى جانب الجيش السوري، والاتراك والاردنيون يضمنون عدم المساس بالأهالي من قبل «النصرة». وتفيد المعلومات أن أهالي الجولان المحتل رفضوا اطروحات الشيخ موفق طريف ويتحضرون لانتفاضة شعبية درزية ضد طريف والمتعاونين معه خارج فلسطين المحتلة وسيقفون في وجهه كما وقفوا في وجه اسرائيل التي حاولت فرض الهوية الاسرائيلية على الجولانيين المتمسكين بهويتهم والرافضين لهذا المخطط الشيطاني لإقامة كيان درزي على دم دروز حضر وجبل الشيخ والسويداء وإدلب...
تجمعات النازحين قنابل موقوتة
شمالاً، اشارت المعلومات الى ان مداهمات الجيش اللبناني المتواصلة لمخيمات وتجمعات النازحين السوريين في الشمال، وخاصة في عكار والمنيه وطرابلس هي ضربات وقائية ومثمرة جدا بتوقيف مشبوهين ومصادرة اسلحة وذخائر مما احبط الكثير من المخططات الامنية - الارهابية.
ولفتت المعلومات الى ان تجمعات النازحين السوريين هي عبارة عن قنابل موقوتة لانها تضم اعداداً لا يستهان بها من الشباب الذي ادى الخدمة العسكرية في الجيش السوري، ومنهم من لديه خبرات في فنون القتال والتفخيخ والتفجير، وان بعض هذه المخيمات في عكار والمنيه التحق فيها فارون من جرود القلمون وعرسال ومن القصير وتلكلخ.
واشارت المعلومات الى ان بعض نواب سياسيي 14 آذار يتواصلون مع ناشطين سوريين في هذه المخيمات والتجمعات ومع رجال دين سوريين متشددين وجرت حمايتهم وتأمين الغطاء لهم منعا لملاحقتهم بحجة انهم رجال دين، ويتم التنسيق معهم لتجنيد الشباب السوري بتأمين رواتب شهرية لا تتعدى المئة دولار للشاب الواحد. وتسأل مصادر سياسية : من سلّح هؤلاء النازحين وكيف تم تسريب الاسلحة والذخائر الى التجمعات السورية؟ وتشير المصادر باصابع الاتهام الى بعض النواب والى تيار سياسي، ويخشى من تكرار مشهد المحاولة العسكرية التي جرت اثر اندحار المجموعات الارهابية في القصير حين حاول احد القياديين السلفيين بالتعاون والتضافر والتنسيق مع مسؤول امني في تيار سياسي اقتحام الحدود من أحد المعابر غير الشرعية يقع بين جبل اكروم ووادي خالد لاستعادة القصير فكان نصيبهما الفشل والاندحار.
وتقول هذه المصادر ان كلاما كثيرا يدور همسا عن احتمال تنفيذ عمليات عبر الحدود تستهدف المواقع العسكرية السورية من الاراضي اللبنانية العكارية لارباك الجيش السوري وتخفيف الضغط عن حصار المجموعات الارهابية في جرود القلمون وان المنفذين الاساسيين هم من النازحين السوريين الذين يقيمون في مخيمات عكار والمنيه.
عين الحلوة... واستفسارات سفارات خليجية
وجنوباً السؤال المطروح، ماذا جرى في مخيم عين الحلوة يوم الخميس الماضي؟ هل هو توتير محدود سبّبه «اشكال فردي» تطور لتنضم اليه مجموعات اسلامية موالية لـ«داعش» و«جبهة النصرة» تعمل تحت اسم «جند الشام» و«شباب بيت المقدس»؟ ام انه «بروفة» للتفجير الذي تتحضر له جهات تعمل وفق اجندة خارجية، باتت تُمسك بالكثير من الاوراق، ومنها داخل المخيمات الفلسطينية في لبنان وفي تجمعات النازحين السوريين؟
وهل يعود مسلسل الاغتيالات داخل المخيم، وهو مسلسل توقف بعض حلقاته، مع انتشار القوة الامنية الفلسطينية التي شكلت، ولمصلحة من الابقاء على حرية التحرك للقوى والمجموعات الاسلامية التكفيرية التي اعلنت ولاءها لتنظيم «داعش» و«جبهة النصرة»، فيما رايات هذين التنظيمين ما تزال واضحة في عدد من شوارع المخيم، لكن الاجابة الاكثر سطوعا، وفق ما تراه اوساط قيادية فلسطينية، هي الصراع الخفي الدائر بين مجموع الفصائل الفلسطينية وفي مقدمها حركة «فتح» من جهة، والمجموعات الاسلامية التكفيرية التي تسعى لتوسيع امتدادها الجغرافي في المخيم، والتـمدد الى احياء اضافية، تلبي وظيفتها الامنية. لكن علامة الاستفهام الكبرى التي رسمتها الاشتباكات، تمثلت بتورط عناصر من حركة «حماس» باطلاق النار على عناصر من حركة «فتح»، وان كان تحت لافتة «الاشكال الفردي».
كل المعطيات والوقائع تؤكد ان «الاشكال الفردي» في مخيم عين الحلوة، لم يكن فرديا، وهو ما اكدته الوقائع الميدانية التي سجلت في شوارع المخيم واحيائه، وانخــراط عشرات المقاتلين في معاركه، سيما المجموعات المسلحة التابعة للقوى الموالية لتنظيمات ارهابية. وتكشـف اوساط قيادية فلسطينية، انه مع الرشقات الاولى التي اطلقت من بنادق المتورطين في «الاشكال الفردي» انهالت الاتصالات على قياديين فلسطينيين داخل المخيم، تستفسر عن حجم التفجير وهوية المشاركين فيه، والتوقعات التي يمكن ان تجري، والمسار الذي ستسلكه هذه الاشتباكات. واشارت الاوساط الى ان عددا من السفارات الخليجية اجرى اتصالات واسعة بقياديين فلسطينيين ولبنانيين، للوقوف على التطورات الامنية اللافتة التي سيطرت على المخيم، على مدى خمس ساعات من المعارك المسلحة.
وتوقفت الاوساط الفلسطينية عند الاستفسارات التي جاءت من هيئات دبلوماسية خليجية، تستفسر عن وضع المطلوب للقضاء اللبناني فضل شمندور، الملقب بـ «فضل شاكر» الذي لجأ الى المخيم، بعد تورطه في معركة عبرا التي جرت بين مجموعات الفار احمد الاسير، ضد الجيش اللبناني في حزيران العام 2013، في حين تحدثت معلومات عن ظهور شاكر خلال الاشتباكات الاخيرة، وهو يحمل السلاح مع مجموعة من مناصريه، الى جانب مسلحي التنظيمات الاسلامية. وشاكر الذي «كسر» صومه بتهنئة قدمها لـ «المسلمين» بمناسبة حلول شهر الصوم «رمضان»، عمّد افطاره الاول برشقات من بندقيته الرشاشة، والاتصالات التي جرت لوقف التدهور الامني، انتجت وقفا لاطلاق النار، قبيل اطلاق القذيفة الخلبية التي يطلقها عادة الجيش اللبناني ايذانا بموعد الافطار والموائد العامرة، فيما قتلى الاشتباكات ممددون في القاعة المثلجة في احد المستشفيات، والجرحى يئنون وجعا من الالام التي خلفها «الاشكال الفردي» في المخيم.
واللافت ان «الاشكال الفردي» كشف حجم المشاركة العسكرية للمجموعات المسلحة الموالية للقوى الارهابية، التي تتحصن في عدد من الاحياء، والحجم التسليحي وقدرتها على الاستنفار والحركة والتحكم ببعض مفاصل المخيم، والقوى البشرية التي باتت تمتلكها القوى الارهابية، كل ذلك يدل على ان اي تفجير جديد، وان تحت عنوان «أشكال فردي»، من شأنه ان يُدخل المخيم في دائرة النار، وبالتالي، فان كل الخطوات السياسية والامنية التي قامت وتقوم بها الفصائل الفلسطينية، بالتعاون مع الجهات الرسمية اللبنانية، ستذهب هباء، امام عاصفة التفجير المرتقبة.
مصادر امنية قالت انه يُرصد في كل فترة دخول اشخاص من جنسيات مختلفة بهدف تخريب الاستقرار في الجنوب عبر عمليات مشبوهة تتضمن عمليات اغتيال متواصلة لمسؤولي امن المخيّم، مما ينذر بتطورات امنية ستهدد الاستقرار في البلد.
[email protected]
أضف تعليق