قبل "أيام عديدة"،وخلال اللقاء بين افيغدور ليبرمان ورئيس الدولة للتوصية على نتنياهو كرئيس للحكومة،"انتقلت" من لسان ليبرمان عبارة الانتقاد التالية :"أن القضية التي تشغلني وتقلقني أكثر حتى من تشكيل الحكومة،هي قضية الكراهية العبثية المتصاعدة داخل الشعب اليهودي"!
وبمحكمة،وبأكثر من مجرد تلميح إلى سلوك ليبرمان قبل ذلك ببضعة أيام-أضاف رئيس الدولة: "أضم صوتي إلى ما ذكر،وأقول نفس الكلام عن الكراهية العبثية ليس فقط بين اليهود،بل بين كافة مواطني إسرائيل".وقال الرئيس هذا الكلام ملمحاً إلى البعض اللاهب الذي أظهره ليبرمان تجاه أيمن عودة،رئيس القائمة العربية المشتركة.

الكراهية العبثية،أهي كراهية بلا سبب؟ حقاً،لم يتورط ليبرمان بالكراهية العبثية بتعامله المهين والسافر بحق أيمن عودة-بل هو أظهر كراهية لأغراض الربح.ليبرمان قصد أن يربح سياساً،وسررت عندما تبين لي انه لم يحقق غرضه.وأصعب من هذا،كانت الكراهية المنفلتة من نتنياهو تجاه العرب،إذ قال "إنهم يتهافتون على صناديق الاقتراع"،قاصداً جني ربح سياسي،ونجح في ذلك،مسببا العار لكل مواطن متنور في إسرائيل.ولا يقل خساسةً عن ذلك،بنظري،"درعي" الذي سعى إلى جمع الأصوات من الكراهية العبثية الصادرة عن "ذلك الذي يعمل في تساهلا "بحق" ذلك الذي يسكن في تساهلا لكنه وجد نفسه يخسر أصواتاً لا يلي يشاي بسبب الكراهية العبثية بينهما.

لكن لا أحد يحكم على رجال السياسة بناء على معايير أخلاقية وإنسانية .ومن أجل التواصل والتوافق يجب علينا أن نتخلص من استكبار الطبقة الراقية،ومن حسد وغيرة الطبقة المظلومة.حكماؤنا انتقدوا بنفس القدر الكراهية الاستعلائية الصادرة عن تلاميذ الحكماء،وكذلك الكراهية الحاسدة الصادرة عن شعوب الأرض.
طاب لي كلام رئيس الدولة،فهو راق ومرموق،وليس مستكبراً أو متعالياً،ولا باغضاً كارهاً-تماماً مثلما استمتعت بأقوال الشاعر ايرز بيطون،عندما تحدث باسم الفائزين بجائزة اسرائيل،إذ قال : "منذ صباي،اخترت أن أكون في الطرف المعطاء للحياة،وتعلمت أن الحياة تجلب إمكانيات تحويل الحرمان والضعف إلى مصدر للقوة،وإلى تحويل الغضب إلى تسامح".

لا افهم كل قصائد "بيطون" ولا أتماثل مع كل تجاربه في الحياة،إذ يقول في إحدى قصائده: "في صباحات الشتاء،كانت أمي تعد شوربة "حريرّه"،وكانت تصب فيها شيئا من دفئها في يوم بارد،وكانت تبللها بطيبة من قلبها ".

لا يوجد على لساني طعم ومذاق "حريّره"،فأنا لم أتذوقها في حياتي بتاتاً،كما أنني لم امضي أياماً باردة أمام نافذة مكسورة،لكن طيبة قلب أم يدفئ قلبي أنا أيضاً،ويروق لي ويطيب.

لقد قرأت تقرير الصحفية "طالي حروتي-سوفر" في صحيفة "ذا ماركر" عن رجل الأعمال باهر زعبي،وعن المعضلات التي يطرحها ويعرضها بصفته مثيراً للإعجاب لجيل من المواطنين العرب في إسرائيل،لا يختلف عن الجيل الجديد والنشط للشباب اليهود.

إن الحلم الذي يعرضه "باهر" أمامنا بشيء من التردد،يبدو في نظري الحلم الحقيقي للدمج الكامل بين المواطنين العرب واليهود في إسرائيل،أنه حلم الشراكة الكاملة التي تتناسب مع كون العرب يشكلون 20% من سكان إسرائيل،شراكة كاملة في السلطة والحكم،في الأكاديميا والمصالح والأعمال والتكنلوجيا والتعليم والثقافة.ومن أجل ذلك،يتوجب على الطرف العربي،وهذا الحوار ليس ممكنناً إلا بانهاء الاحتلال والمصالحة مع أشقاء المواطنين العرب (الفلسطينيين).وبدون مصالحة كهذه،سيواصل سياسيو اليمين التعامل مع المواطنين العرب في إسرائيل كطابور خامس.وبدون مصالحة كهذه،ستواصل الحكومة الطلب من الأجهزة الأمنية التعامل مع المواطنين العرب كخطر أمني،الأمر الذي يؤدي إلى إذلالهم على الحدود وبين ظهرانينا.وبدون مصالحة كهذه سيضطر أصحاب الكرامة والشموخ والعزيمة من المواطنين العرب الي التعبير عن مواقف كيدية مناهضة،تفسر على انها تعبير عن عدم الرغبة في العيش المشترك،بينما هي مجرد مواقف تعبر عن عدم الرغبة في الاستمرار بالعيش دون مساواة وحرية.لكن على الغالب،أن مصالحة كهذه ستتيح للعرب ان يبدأوا بطرح مواقف متصالحة متسامحة من طرفهم،وقبولهم لنا كمواطنين أخوة،لا يقل أهمية عن قبولنا لهم كمواطنين أخوة!

يليق بكل أقلية أن تكون ضيفاً عزيزاً عند الأكثرية في دولة ديمقراطية-ان كان ذلك الأقلية اليهودية الشديدة التدين (الحريديم)-أو الأثيوبية،أو الروسية.أن الضيف هو ذلك الذي يدعى إلى المائدة،وليس ذلك الذي يجبر على الدخول إلى المنزل.

أن أفضل وسيلة للوزير نفتالي بينيت لمنع العروض المسرحية عن حياة معتقل سياسي-تتمثل في إزالة الخلافات التي تؤدي إلى وجود معتقلين سياسيين.والطريقة المثلى للوزيرة ميري ريغف للتعاطي مع رفض ممثل عربي للظهور في مناطق احتلت من أشقائه-تتمثل في اعادة هذه المناطق للفلسطينيين.وأنا واثق من أن نورمان عيسى سيوافق عندئذ على التمثيل في غور الأردن.

آن الأوان لنتذوق الحمص والطحينة معاً،رغم النفور من "الريّره" والكيغل والكبة والغفلتفيش الخاصة بالآخرين!

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]