بدأت مع نهاية الأسبوع احتفالات التخريج في الجامعات والكليات الفلسطينية، في عشرات التخصصات المختلفة التي ربما نحن بحاجة إليها أو لسنا بحاجة إليها... ولكن هي قناعة الشعب الفلسطيني بأن التعليم هو المستقبل للفرد والمجتمع.
السؤال الذي يُطرح مع موسم كل تخريج ماذا ينتظر الخريجون بعد هذه الاحتفالات... وهل هي بمثابة غيبوبة جميلة... يصدم الخريج بعدها بواقع أكثر مرارةً مما يعتقد المسؤولون.
في معظم الكلمات بل جميعها التي ألقيت من قبل المسؤولين لم يتطرق أحدٌ إلى الطريق شبه المسدود لأكثر من 90% من الخريجين الذين ربما بدؤوا بالبحث عن فرصة عمل أولاً في مجال تخصصهم... ولكن أيضاً، الكثيرون لم يعد يهمهم التخصص بل فرصة العمل... والكثيرون الذين يئسوا بعد سنوات من تخرجهم من الحصول على وظيفة اضطروا للعمل في مجالات لا تحتاج إلى شهادة علمية مثل البناء والإنشاءات المختلفة أو المصانع والمشاغل، ولكن للأسف بأجور تكاد لا تلامس الحد الأدنى من العيش بكرامة.
خلال السنوات الماضية كان يتقدم لوزارة التربية وهي إحدى وزارتين يتم فيها التوظيف سنوياً عشرات آلاف الخريجين للعمل في وظيفة معلم، ولكن المثير للدهشة أنه من بين 50 ألف متقدم فإن 1000 تقريباً يفوزون بالفرصة و49 ألفاً آخرين يتم تدويرُهم للمستقبل.
المشكلة الحقيقية هي في نوعية التخصصات وحاجة السوق المحلية، ونضيف إليها العربية، حتى لا يتحجج البعض بأن جزءاً من التخطيط هو رفد السوق العربية بالكفاءات الفلسطينية، علماً بأن الدول العربية المستوردة للعمالة تعاني هي أيضاً، من بطالة الخريجين. وعلى سبيل المثال فإن السعودية عملت خلال السنوات الماضية على توطين وظائف التربية والتعليم، وبالتالي لم يعد هناك بالإمكان البحث عن فرصة عمل معلم.
السؤال، إذا كنا نحتاج ما معدلُه 1000 معلم في التخصصات المدرسية كل عام فلماذا نخرّج ما لا يقل عن 30 ألفاً؟ .. أين التخطيط الإستراتيجي.... وأين الدراسات الحقيقية لاحتياجات سوق العمل.. وما هي البدائل وكيف نحد من بطالة الخريجين المتعاظمة، والتي إذا ما استمرت على هذا المنوال فإننا سنجد أنفسنا قريباً أمام ثورة خريجين وثورة معطلين عن العمل.
المستغرَب أن مدارسنا لا تخرّج إلا في الإطار الأكاديمي، وكل التجارب في الانحراف إلى الإطار المهني ما زالت دون الحد الأدنى المقبول، بل إن التعليم المهني ما زال يُنظر إليه من باب أن الذي يذهب إليه هم الفاشلون أو ضعفاء التحصيل، علماً بأنه في ألمانيا، مثلاً، فإن 25% من خريجي الثانوية يذهبون إلى التعليم الأكاديمي، فيما تذهب نسبة 75% إلى التعليم المهني.. التي تخرج أيديَ ماهرة للصناعة بكافة أشكالها، وخاصة التقنيات والصناعات الثقيلة.
قد أستغرب عندما يصل عددُ خرّيجي علم النفس أو الاجتماع من كل الجامعات الفلسطينية هذا العام ما يزيد على 2000 خريج، فأين سيجد هؤلاء فرص عمل لهم؟ هي خسارةُ وقت وخسارة مال وخسارة شباب، فهلا أعدنا النظرَ في سياسة التعليم العالي؟
[email protected]
أضف تعليق