يصوم نحو 80 مليون مسلم من مرضى السكري حول العالم، شهر رمضان المبارك، الذي بات على الأبواب، وفق الدكتور زهدي فتحي اغبارية، اخصائي امراض السكري والغدد الصماء، الأمراض الباطنية والأمراض العائلية، مستندا على آخر الاحصاءات. من بين هؤلاء هناك نحو 80 ألف مريض سكري من سكان البلاد.
يوضح أغبارية ان هناك أربع مجموعات من مرضى السكري، مجموعتان منهما يمكنهما الصيام، فيما يحمل مخاطر كبيرة للمجموعتين الأخريين.
ويوضح أن "مجمع الفقه الاسلامي قام بهذا التقسيم في دورته بالشارقة عام 2009، وبحسبها فإن الفئة الأولى هي فئة ذوي الاحتمالات الكبيرة للمضاعفات الخطيرة، التي يمكن أن يشكل الصوم خطرا على حياة افرادها. من بين هؤلاء: المرضى الذين تعرضوا لانخفاض شديد في مستوى السكر في الثلاثة أشهر التي سبقت رمضان، الذين يتكرر عندهم هبوط السكر بالدم، الذين يهبط لديهم السكر دون أن يشعروا بذلك، المرضى الذين يصعب عليهم السيطرة على السكر لفترات طويلة، والذين ظهرت لديهم أعراض الغيبوبة السكرية، مرضى السكري الذين يعانون امراضا حادة، كالالتهابات في مجرى البول والأمعاء وغيرها والمعرضين للجفاف، من يمارسون أعمالا شاقة، والذين يخضعون لغسيل كلى (دياليزا) ، والنساء الحوامل اللائي لديهن سكري".
أما الفئة الثانية "فهي الفئة التي لديها الاحتمالات كبيرة للمضاعفات نتيجة للصيام، ومعظم الاطباء اجمعوا انه يمكن ان يتسبب بخطورة على حياتهم، ومنهم من لديهم السكر غير موازن ويتراوح بين 180- 300، وكل من لديهم الهيموغلوبين المتراكم فوق 10% والذين لديهم قصور كلوي واعتلال بالشرايين مثل امراض في القلب والمخ وغير موازنين ولديهم دائما اوجاع، خاصة اعتلال الشرايين الكبيرة. كل مرضى السكري الذين يعيشون لوحدهم ويأخذون حقن الانسولين، خاصة المتقدمين بالسن، وكل كبار السن الذين يأخذون أدوية يمكن أن تؤثر على العقل.
هاتين المجموعين لا يحق لهما الصيام أبدا، لأن الله تعالى اعطاهم رخصة أن لا يصوموا، وبما أن الاطباء موقنون أن الصيام سيشكّل خطرا على صحتهم، فعليهم إذا الافطار. وحسب الشرع من صام وتضرر فإنه يأثم لأنه يشكل خطورة على صحته".
الفئة الثالثة والرابعة يمكنها الصيام
وتابع الدكتور زهدي اغبارية، حديثه معرجا على الفئتين الثالثة والرابعة، موضحا أن "الفئة الثالثة تشمل كل مرضى السكري الذين احتمالات اصابتهم بهبوط بمستوى السكر ضئيل جدا، ولأن السكر لديهم مستقر وكانوا موازنين كل العام ولا مشاكل لديهم، وهؤلاء من يأخذون عقاقير تحفز افراز الانسولين من البنكرياس وحتى المرضى الذين يتعالجون بأنواع الانسولين الجديدة. والمجموعة الرابعة تشمل كل الذين يعتمدون على الحمية، وكل مرضى السكري الذين يتناولون حبوب من مجموعة الانكريتينات، او الانكريتينات التي تعطى عن طريق الحقن، أو الأدوية التي لا تعمل على تحفيز افراز الانسولين من البنكرياس وغيرهم ممن احتمالات تعرضهم لهبوط في السكر ضئيل جدا. في هاتين الحالتين لا يحق للمريض شرعا أن يفطر شهر رمضان، وعلى الطبيب سواء كان مسلم أو لا ان يعرف هذه الامور بالإضافة الى معرفته الطبية لكي يرشد المريض. ايضا رجال الدين والأئمة، اذا توجه لهم مريض، فالشيخ من الواجب ان يوجهه للطبيب الذي يمكنه أن يعطيه النصح الآمن".
ويوضح اغبارية أن "من ينتمون إلى المجموعتين الأولى والثانية يشكلون نحو 20% فقط من مرضى السكري، أما 80 % منهم فيتواجدون في الفئتين الثالثة والرابعة، وقسم من المتواجدين حتى في المجموعة الثانية الصعبة، يمكنهم صيام رمضان إذا زاروا الطبيب قبل رمضان (يفضل قبل ثلاثة اشهر)، بحيث نغيّر لهم لأدوية أو نوجههم لتوزيع الأدوية بشكل مختلف عن المعتاد، وبالتالي يمكنهم صيام رمضان بشكل آمن. من يتواجدون في الفئة الرابعة لا حاجة اصلا للتوجه لاستشارة الطبيب، ومن يتواجدون في المجموعة الثالثة ممن يأخذون الانسولين طويل الأمد او السريع، يجب ان يستشيروا الطبيب، لكي يقلل لهم من الكمية وموازنتها بما يتلاءم مع الصيام".
نصائح مهمة
وشدد الدكتور زهدي اغبارية على مجموعة من النقاط المتعلقة بصيام مريض السكري، منها أن "مريض السكري ملزم بفحص السكر خلال شهر رمضان على مدار يوم الصيام، ففحص السكر وفحص الدم لا يفطّران، وعلى من يشعر بأعراض نقص السكر، وليس لديه جهاز، مثل: الدوار، اضطراب، فقدان الوعي، عدم وضوح الرؤية، فقدان التركيز، الافطار.
يجب ان يتنبه كل مرضى السكري المواظبين على الرياضة، أن يكون نشاطهم بعد الافطار وليس قبله، لأنه سيكون مضرا خاصة أن الطقس حار في مثل هذه الفترة من العام. أما فيما يتعلق بالتغذية، فيجب الحفاظ على توازن، وتناول وجبة السحور، لا الاكتفاء بوجبة الإفطار فقط. ولا بد من شرب الكثير من السوائل، والمقصد الماء وليس مشروبات غازية. ايضا في شهر رمضان، يجب الحفاظ على الصحة، فهناك مرضى سكري يخرجون الجسم عن موازنته، وهذا خطأ فادح، فقبل اختراع الأدوية كان علاج السكري يتم بالصيام، لذلك مهم تناول طعام صحي وشرب سوائل وتناول الادوية بشكل صحيح، لا الارتفاع بالوزن. ايضا هو فرصة لترك التدخين لما له من تأثيرات سلبية".
وذكر الدكتور زهدي اغبارية، أن مؤتمرا للفكر الاسلامي، عقد في مكة المكرمة، خلال شهر ايار/ مايو الماضي من هذا العام، في دورته الـ 22، أكد أنه في حال اعتياد الانسان على أدوية معينة، في حين أن هناك بدائل يمكن أن تكون أفضل في رمضان وتحول دون تعريض صحته للخطر، فمن الأفضل أن يجتهد لتحصيل الأدوية البديلة.
وذكر أن شركة "سانوفي"، "طورت أدوية مثل الانسولين طويل الامد "لانتوس"، جيدة لشهر رمضان وتحول دون انخفاض مستوى السكر. سواء كان المريض من النوع الأول او الثاني يجب أن يكون لديه مستوى معين من الانسولين الاساسي في الدم سواء كان صائما او لا، وهذا يساعده على ذلك. وهناك الانسولين قصير الأمد، مفعوليته محدودة، لكن لا يتسبب بهبوط السكري في منتصف النهار. وهناك دواء منذ ثلاثة اشهر من مجموعة الانكريتينات، يمنع انتقال الطعام من المعدة الى الامعاء ويقلل من امتصاص السكر ويمنع اندفاع السكر بعد الاكل. للأسف الشديد وقت الإفطار، يقدم الكثيرون على تناول كميات كبيرة من الطعام، يساهم في رفع السكر مرة واحدة بحيث يصبح عاليا جدا. هذا الدواء يحافظ على موازنة السكر بالدم. ولكن بطبيعة الحال الطبيب فقط من يقرر نوع الدواء وكميته، فالأمر يختلف من مريض إلى آخر".
[email protected]
أضف تعليق