العاطفة والمساندة والتضامن كلها قيم إنسانية مشروعة إذا كان الحق هو الميزان، ويكون التضامن مع المظلومين أصحاب الحق ضد الظالم المعتدي.
طيلة أيام ونحن نسمع النداءات المجلجلة ومن مكبرات الصوت ترافقها أناشيد روحانية تدعو الأهالي للتبرع لدروز سوريا. يقوم بها عدد من الإخوان خاصة من رجال الدين الشباب الذين شهدنا لهم المواقف المشرفة ضد هدم البيوت وضد مصادرة الأرض.
أما في هذا الموضوع فهناك بعض الملاحظات الجدية والتي يجب التفكير بها.
• إسرائيل لا تعارض هذه الحملة، بل ترضى عنها وذلك لامتصاص النقمة والتي تحاول هي ان تتجنبها، فهي التي تساعد التنظيمات الإرهابية الدموية مثل داعش والنصرة ليس فقط بعلاج جرحاهم في المشافي الإسرائيلية، بل ان المخفي أعظم.
كل ما يُجمع من أموال لا تكفي ثمن صاروخ تعطيه إسرائيل للإرهابيين، امنعوها بالضغط أو "الواسطة". فها هي الصحف تكشف عن أمر مكشوف لنا عن تعاون إسرائيل مع نظم رجعية عربية، عربية جدًا ورجعية جدًا، وعميلة جدًا خاصة السعودية وهذا التعاون ضد الشعب السوري بكل طوائفه ومنهم الدروز، وتقف من وراء ذلك أمريكا وتركيا والأردن التي استضافت هذا اللقاء.
والهدف من هذا العدوان على سوريا، شعبها وأرضها ووحدتها واستقلالها ونظامها هو تركيعها لمصلحة المخطط الاستعماري الصهيوني الرجعي العربي والموجه ضد كل من يقاوم هذا المخطط الإجرامي، والعدوان على سوريا تمامًا مثل احتلال العراق، ومحاولة كسر شوكة المقاومة اللبنانية والعدوان على اليمن وليبيا واستهداف إيران والالتفاف على القضية الفلسطينية، والأخطر هي هذه الأقاويل التي ينشرها البعض وكأن إسرائيل "مستعدة لحماية الدروز" أينما كانوا!
وقد شاهدنا كيف "حمت" اسرائيل الدروز في لبنان بقصف خلوات البياضة هي وأمريكا سيدتها، ورأينا كيف تحمي دروز الجولان بالاحتلال والسجن ومحاولة تغيير هويتهم العربية السورية وكل الموبقات التي تقوم بها.
ورأينا حمايتها للدروز هنا بمصادرة معظم أراضيهم في كل قرية وبلا استثناء وكذلك الألوف المؤلفة من مخالفات البناء بحجة البناء غير المرخّص وهي التي تمنع الترخيص، والقائمة طويلة وخطيرة وإجرامية جدًا.
• لماذا لا تكون المطالبة والحملة بالتوجه إلى حكومة إسرائيل – والمعظم منكم من مصوّتي أحزابها – بالتوقف عن دعم الإرهابيين وفي مختلف المجالات؟ وهذا الأمر ليس سرًا!
• ألا تسبب هذه الإشاعات وهذه الحملات إحراجًا وضررًا لدروز سوريا؟! وهل تصل هذه التبرعات إلى العنوان الصحيح؟!
الشرفاء والوطنيون الدروز في سوريا وهم الأكثرية الساحقة جدًا جدًا يرفضونها، وقد قالوا أكثر من مرة وهذه المرة: لا تتدخلوا في شؤوننا، نحن مواطنون وطنيون عرب سوريون عدوّنا هو إسرائيل والاستعمار والرجعية العربية وننادي كدولتنا وأهلنا في الجولان السوري المحتل بتحرير الجولان من دنس ورجس الاحتلال.
إسرائيل راضية عن هذه الحملة، وكل ما ترضى عنه إسرائيل مرفوض ومشبوه.
• ثم لماذا هذا الانتقاء الضيّق؟! فالإرهابيون من داعش والنصرة وبقية الشلة لا تفرق بين درزي ومسلم ومسيحي وشيعي وسني وكردي، هي تجرم بحق كل الوطنيين.
أليس يُشتم من هذه الحملات انتقائية لها أبعاد رفضها ويرفضها الشعب السوري البطل بكل طوائفه؟!
لا اشك في نخوة الناس وشهامتهم، ومع ذلك أقول متسائلا: لماذا خَنع البعض لرفض السلطات الإسرائيلية بكل مخالبها مجرد إطلاق اسم سلطان الأطرش القائد العربي السوري الدرزي على أي مؤسسة ثقافية في القرية!! مثل مدرسة أو حتى شارع!! أين تتبخّر هذه "النخوة المعروفية" في بعض الأحيان؟!
• هذه الحملة يتاجر بها بعض زلم السلطة من العرب الدروز هنا، وبدون تعميم طبعًا، هم يتلقون الأوامر من فوق وينشرونها بين الناس، هؤلاء يجب نبذهم، ويجب النظر إلى كل شخص والى كل هيئة من موقفها من قضايانا الجوهرية، من نصاعة انتمائنا إلى شعبنا وأمتنا، من موقف هؤلاء البعض من مصادرة أرضنا، وانعدام الخرائط الهيكلية وتوسيع مسطحات البناء على أرضنا، ارض أجدادنا وآبائنا وأحفادنا.
الموقف من تزييف انتمائنا وتراثنا ومحاولة تشويه العقيدة ومصادرة أعياد وخلق أعياد بديلة، هذا هو التحدي الهام لتعرية سياسة الاضطهاد والتمييز هي وزلمها الخانعين لها لمآرب شخصية ضيقة ورخيصة ومؤقتة.
وأرجو من رجال الدين الذين احترمهم ان يعدّوا على الأقل إلى "164" قبل أية خطوة وأية حملة مشبوهة ترضى عنها إسرائيل، هذا هو موقف سلطان الأطرش وكمال جنبلاط ومجيد ارسلان وكل الشرفاء.
اقتدوا بهؤلاء وليس بأقزام عملاء.
[email protected]
أضف تعليق