مع بدء ارتفاع درجة الحرارة التدريجي نلاحظ ظهور وازدياد لظاهرة حرق النفايات التجارية والصناعية والمنزلية داخل بلداتنا العربية. فليس سرا لمن يتجول داخل البلدات العربية أن يلاحظ حرق النفايات-على انواعها- داخل البلدات وخارجها ؛ وذلك بهدف التخلص منها ، فالمواطنون والمزارعون وأصحاب المحلات التجارية يفضلون حرق النفايات عن معالجتها او نقلها الى الأماكن المعدة لذلك وهذا بالطبع يفسر نتائج البحث الاجتماعي-الاقتصادي الثالث الذي أجرته جمعية الجليل، والذي يشير إلى أن 69.5% من المواطنين العرب في البلاد يتعرضون للدخان الناجم من حرق النفايات المختلفة.

بشكل عام، تؤدي ظاهرة حرق النفايات لأضرار عدة: أضرار صحية، أضرار بيئية وأضرار اقتصادية. تلقى هذه الأضرار بُعدًا خاصًا آخر في البلدات العربية بسبب الخصائص المميزة لتلك البلدات خاصة فيما يتعلق بعدم الوعي الكافي للمخاطر وكذلك وجود بنى تحتية في معظم البلدات لمعالجة كافة أنواع النفايات. بما يخص الأضرار الصحية، تشير الأبحاث إلى وجود علاقة بين السكن قرب منطقة حرق النفايات وبين التأثير الصحي لذلك. من بين تلك التأثيرات يمكن الاشارة الى التسبب بأمراض السرطان (الأطفال والكبار على حد سواء)، أمراض في جهاز التنفس، أمراض القلب، والتأثير السلبي على جهاز المناعة، وكذلك ازدياد حالات الحساسية وعاهات الولادة. كل ذلك بسبب تناثر المواد الخطرة عند الحرق مثل الرماد المتطاير، الرماد المنخفض والديوكسين. تلك التأثيرات تزداد سوءًا كلما تم الاقتراب أكثر من موقع حرق النفايات.

أما بخصوص الأضرار البيئية، فحرق النفايات يؤدي إلى تلوث الهواء، تلوث الأرض وتلوث المياه ويضر بالحيوان والنبات، وبما يخص البلدات العربية، فالحرق يضر أيضا بكروم الزيتون وبالمنظر الطبيعي العام، ويعيق إمكانية التطور الاقتصادي للمناطق القريبة من مواقع النفايات، كما أن حرق النفايات يحدث دخانا، رائحة كريهة وتكاثرا للبعوض، إضافة للمس بصحة وجودة حياة السكان القاطنين بالقرب من تلك المواقع. أما على المدى البعيد، فالحرائق تساهم بارتفاع ظاهرة الاحتباس الحراري.

أما بما يتعلق بالأضرار الاقتصادية، فحرق النفايات يضر بالمحاصيل الزراعية مثل: بساتين الزيتون القريبة من مناطق الحرق، فهو يضر بكمية وجودة الزيت والزيتون. إضافة لذلك، مواقع حرق النفايات تؤدي إلى هبوط في قيمة الأراضي الموجودة بالقرب منها بالإضافة الى تكلفة إطفاء الحرائق وغيرها. إلى جانب كل هذا، ظاهرة حرق النفايات ينطوي عليها تهديد على السلامة والأمان، فالحريق المنتشر والممتد قد يمس بالممتلكات والأرواح.

يجب التشديد على ان ظاهرة حرق النفايات ليست بظاهرة عابرة أو هامشية في بلداتنا العربية، لذلك هناك حاجة لأدراك مدى خطورتها من أجل الحد منها. فبادئ ذي بدء، هناك حاجة لدحض الآراء والأفكار المسبقة والخاطئة حول عدم خطورة حرق النفايات، مثل الاعتقاد الخاطئ بأن الحرق يحلل النفايات ويدمر الملوّثات الموجودة في المواد المحروقة او الموجودة في الهواء. الى جانب ذلك يجب تعزيز الوعي للأضرار الناجمة عن حرق النفايات بواسطة أجراء حملات توعية ؛ محاضرات ؛ ورشات عمل وغيره. إضافة لذلك يجب إقامة وتوفير بنى تحتية ؛ معدات واجهزة مناسبة لإخلاء النفايات على أنواعها.

ختاما ؛ينصح مركز العدل البيئي في جمعية الجليل جميع المواطنين: أصحاب المحلات التجارية، المزارعون وربات البيوت وغيرهم ؛الامتناع عن حرق النفايات وتجنب الأضرار التي ذكرت وبدلا من ذلك التوجه للسلطة المحلية وطلب المساعدة في إخلاء النفايات، او توفير الحلول المناسبة من اجل ذلك. 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]