أنا من دونكِ مجرد صدى يخرج من أفواه اليأس لا يسمعه أحد، جدران الفراق ما زالت تفصل ما بيني وبينكِ، أنا قَلق جدا عليكِ، رغم أنكِ لا تكرهينني، لكنّكِ صرتِ تضربينني بأشعة غضبك التي تَخرج من شمس عينيك، فاغضبي وقتما تشائين... كم أنت جميلة بهذه الحالة، أنت مزاجيّة، تتغيّر طباعكِ مثل فصول السنة.

تُنذرني خصلات شعرك الأسود الرائعة أنك غاضبة مني، لأنّه لا يجوز أن تَظهر على بشرتك الثلجية، بصمات غضبك مني! ثورة غضبك العارمة، قد تقتلع حتّى أزهار بستاني من جذورها المتشابكة والضاربة في جوف أحاسيسنا، لأنّها يا إلهة الغضب، ترتوي من نبع إخلاصي النقي، لذلك انتبهي لما أنتِ مُقدِمَة عليه! أحرِقي بحضوري جسد الكراهية ليصبح رمادًا، ولكن لا تُلقي ذكرياتنا في أتون كبريائكِ
يكفيني ما عانيتهُ من غضبك، لماذا أسلوب غضبك همجي؟! لا تدعيه يجعلك بدائية التصرف، ثمّ حرام أن تتجهّم هذه الملامح الرقيقة... حرام أن تكوني ثورية إلى هذا الحد، من أجل أن تطيحي بحبي، فلستُ لئيمًا كما تتصورين، كل هذا لأنّي تغاضيتُ عنكِ عندما لمحتكِ تمرّين في أحد الأزقّة، ربّما مروركِ المفاجئ وغير المتوقّع، شرّد تفكيري.

لقد أصبحنا راشدين ولم نعُد مُراهقَين، فمواسم الأيّام الجميلة، تتبدل حسب الظروف، يحرّكها دولاب الزمن، آمَل أن تصدقيني. جعلتُ القمر يتسحر ليلاّ بين الغيوم لئلاّ تحجبه عنك، هو يعلم أنكِ غاضبة مني، طلبت منه لأجل شاعريته الموصوفة، أن يهدّئك... أمرت الليل أن يصفّي ضجيج النهار في مصفاة نجومه، كي أستمع إلى أنغام سوناتا بتهوفن التاسعة، وهي تنبعث من نافذة غرفتك، التي تكثرين من سماعها هذه الفترة، وخصوصا عندما تكونين غاضبة بهذا الشّكل القياسي.

إذا لم أُعِركِ انتباهي في ذلك اليوم، فهذا لا يعني أن أرتعب من زلزال غضبك، الذي راح ضحيّته فهمكِ ورزانتك وكلّ هيبتكِ الاجتماعيّة، لدرجة أنّه ضرب أعماق تفاهماتنا وحطّمها، وانشقت أرضيّة الوفاق التي وقفنا عليها... قيامك بدور الغاضبة، هو دور تمثيلي مستهلَك، أدّيته أمامي بمنتهى البراعة، لأنّي أعلم أن غضبكِ، ليس إلاّ تعبيرًا حديثًا، عن عنفوان مشاعرك المكبوتة في جوفك، فاغضبي ما تشائين.
(شفاعمرو)

 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]