من عُمق التاريخ والذاكرة من أرض الخيمة و النجمة .من نبض المساجد والكنائس..موطن الأنبياء ومملكة العذراء ,هبت نسمات الياسمين لتعيد للروح بعضاً من إكسير الحياة ,ذكريات يطويها الحنين الى أيام يعيث بها الحنين وجعاً ..الحنين لدفء الأرض السمراء, لحضن البيادر لحيطان البيوت الطينية .. لصوت نشيد يعلو من الجليل إلى القدس.
رحلوا وكان للطريق عبق العائدين , ما بين #خطواتنا ونسيح الأمل,بحر يبكى على الراحلين ولا يرد السلام على العابرين , رحلو عن البلاد ولم ترحل البلاد عنهم , يعودن بها إلى الزمن البعيد، زمن الألم و الفرح معاً, زمن الجلوس على أرصفة الطُرق الباردة الموجعة يعودون بها إلى أيام الشقاء حيث كانو يقتسمون رغيف الخبز الأسود الحافي ذاته و الشاي ذاته و الغطاء ذاته.
كيف يبدو الوطن جميلاً و كل ما فيه وجوه ارهقها الغياب, على اسوار عكا تغنى الراحل بالباقي " اعتنِ بـ بالقدس ..لا تنسى أن تجدل حيفا شعر يافا, و ترتب صفد هِندام عكا و اصنع لبيسان شالاً من ورد النرجس كما تهوى كُل ربيع و أجدل لـلناصرة طوق الياسمين فــ اعتني بهم لا تنسى أن تقبّل القدس و الجليل كل يوم , و قُل لـ فلسطين اُحبك أكثر " .
على أعتاب الموت وقف رجال الأرض ينظرون لسيدة الأرض , مبدئ العودة عندهم دستور مُقدس وقفوا ووقفت الأشجار معهم , تراب بلادي يعرفهم و الأرض والجدران,كما وتعرفهم عصافير بلادي و الأشعار والأغنيات .لا شيء يبدو أمامهم سوى "وطن" لا يُنسى كيوم البعث و الميلاد .. يشرب من دموع الآهات .. يأكل من أحزان الأموات ..يلملم صراح الثكالى ..ينام على أوجاع النايات, يصحو على أصوات الجراح والكفاح , يبكي على ما ينتظرنا من بيارات اللوز والحناء على من تعلمنا منهم معاني الكلمات وثمن تراب على من هي في الكلمات "عرق الطوية و الفأس والمنجل" "دماء الفداء و الثائر" .
رغم الغصة والشتات والمهجر, أجسادُنا ليست جماجماً و عظاماً متنثارة,أجسادنا هي عكا , وحيفا ,يافا, عكا ,صفد و الرملة القدس , رام الله ,جنين ,طولكرم, نابلس, الخليل, الجليل, الناصرة, بيت لحم. وكل بقعة في وطن السلام. طوبى لمن يتناثرو مُدناً,.و من يضمون لحمهم من الريح وسطوح منازل الجيران ,و غرف التوقيف و الإسطبل . من الملاجئ و المخيمات.
لنقرأ فلسطين مرة اخرى , لينبت برعم دالية أم سعد من جديد فـتشق وحل الهزائم ويلتحق ثلاثي الخيبة و الحزن ابو القيس و أسعد و مروان الى المقاومة فيعودوا الى حيفا منتصرين ..و لـ يعدن الجميلات لبيادر القمح ليصنعن ذلك الخبز الأسود الحافي, و يجدلن صوانِ القش الفلسطينية , ويعود الغائبين الحاضرين ليزرعو أحلاماهم بين الزيتونة و البندقية .
ستبقى فلسطين الاُم التي تلمع في خُضر عينيها , التي أنجبت هذا الشعب وهي تحيك تلك الكوفية بأغصان التين والزيتون مُعلنة" سأعلمكم رواية القضية على عزف الكمنجاة و نبيذ البندقية" ,وهواكِ يحمل السنابل ليطعم الجائعين قمحاً, و دماء شُهداءكِ أملاً لمن في عنقه المفاتيح و في ذاكرته عنواين الوطن .. و سيبقى الحنين إلكِ يموج في صدرنا كموج بحيرة طبريا الذي يحمل في أعماقه الكثير من الحكايا .
ستبقى يا وطني كالجبال شامخاً.. وشمة الفخر على وجنة التاريخ, وسيرحلون, ستبقى سنابل القمح واشجار البرتقال و الزعتر و الزيتون ,مهما عصفت بك الرياح,ستبقى ,سيبقى نهر الأُردن يشق طريقه بين أحضانك الدافئة ليروى فلسطين بريقها العذب,ستبقى دماء الشهداء شاهدة على بقائك,ستبقى أشلاؤهم تزين حنايا شوارعك و الأزقة ..
ستبقى أنت وسيرحلون ونعود .
[email protected]
أضف تعليق