مرة ثانية وثالثة ..وعاشرة لن يقنعني احد
ها هي البراهين تنهال وتتدافع والأحداث تتزاحم، لتثبت ما أنا مقتنع به، وإن كان لا يُقْنِع أحدا...
أنا مقتنع حتى نخاع الاقتناع، أن حكومة نتنياهو حمامة سلام، ووزراءها، ونوابهم معهم، سِرْب من الحمام ، كلٌّ يحمل بمنقاره غصنَ زيتون، حتى وإن غاب عن الِّسرْب ليبرمان، حمامة سلام من نوع آخر.
هذه الحكومة مكشوفة، لو غطّوها بكل ورق التين، كالمكتوب المقروء من عنوانه، طالما عنوانها نتنياهو "رجل السلام" في الشرق والغرب وكل العالم.
لقد خنق قائد السرب هذا المولود الجديد بعد ولادته بساعات، لأن المولود الذي تبنّاه يعلون مزعج منذ الدقيقة الأولى لولادته، ويبدو أنه مولود فاجر لأن صراخه البشع أسمع العالم، وهو ينادي لا أريد رؤية العرب في أرضهم، أو على الطرقات، أو في أماكن العمل، ليتهم يتبخرون، وأن المستوطنين لا يتحمّلون رؤيتهم حتى على مصاطب بيوتهم، وتحمّس للقانون أعضاء الائتلاف فقال عضو الكنيست يوغاب من البيت اليهودي
" مَنْ معارض هذا القرار منافق وذو وجهين".
هل فاجأ يعلون نتنياهو بالقرار، ولم يعلم به نتنياهو إلاّ بعد أن قام العالم وقعد، فأسرع إلى خنقه وهو في أوّل طريقه نحو العزّ والازدهار في المهد وبعده؟؟
هل تنبّه عندما قال جدعون ساعر وهو ليكودي يحلّق حول سرب حمائم السلام: "إن هذا القرار قرارٌ خطأ، ويسبب ضررا خطيرا للاستيطان في يهودا والسامرة، ولصورة إسرائيل في العالم" وأن معناه أننا لا نريد رؤية الفلسطينيين ولا نعترف بوجودهم.
صحيح أن مثل هذا القرار العنصري مورس في الماضي، لكن العالم أكل عليه مع الدهر وشرب، ولم يعد قائما إلاّ في أذهان اليمين العنصري في هذه البلاد، وفي عقول المستوطنين الوقحين الذين لا يقيمون وزنا للإنسان ولحقوق الإنسان وللقانون الدولي ولكل المنظمات التي تنادي باحترام الإنسان كإنسان.
والكلّ يعلم أن التجميد، لو تمَّ فعلا، لن يكون احتراما لحقوق الإنسان، أو حقوق الشعب الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال، أو حفظا على ماء الوجه الذي فقد الماء والحياء، القرار يُمارس يوميا، قبل الإعلان الرسمي عنه، وسيظل يُمارس على الحواجز، وعلى الشوارع، وعلى عتبات البيوت في الضفة الغربية المُحْتَلّة، وفي السجون وعند اعتقال الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني، نساء ورجالا، أطفالا وشيوخا، وزراء أو أعضاء برلمان، بحصانات وبدون حصانات، اعتقالا إداريا بتُهَمٍ وبدون تُهَمٍ..
الكل يُدْرِك ويعلم، أن هذا القرار، بالإعلان عنه، سيزيد من بشاعة الاحتلال، وسيُسْقِط ورق التين الذي يغطي عورات اليمين العنصري، والمستوطنين، وسيفتح كتاب حكومة اليمين، ليقرأه الأعمى والأميّ والمنحرف سياسيا وأخلاقيا، وسيثبت للجميع أن الاحتلال والأخلاق لا يتفقان، والديمقراطية والمساواة لا حياة لها في ظل أيِّ احتلال، وأن المستوطنين يعربدون كما يشاءون، لا تعنيهم ديمقراطية ولا إنسانية ولا قيم دينية.
والعاقل يُدْرِك أن هذا القرار كان سيخلق أزمة عالمية، واصطداما مع الإدارة الأمريكية، والكونغرس الأمريكي الذي ناصر نتنياهو على أوباما، ومع الاتحاد الأوروبي، ومجلس الأمن، والجمعية العمومية، والمحكمة الدوليّة، وربما - وأقولها ثانية ربما - مع جامعة الدول العربية والتحالف العربي المشغول في اليمين وليبيا والعراق وسوريا بعد تغييبه ونسيانه لقضية فلسطين من أجندته .
[email protected]
أضف تعليق