مشروع التجمع هو مشروع تحديات، وكان للتجمع دورًا حيويًا ضمن الوعي الجمعي في التكاتف والالتحام مع أبناء شعبنا في انتفاضة القدس والأقصى وبالتالي حثّ الشباب على أخذ دورهم النضالي فيها من خلال خطابات تعبوية ومهرجانات داعية وقوافل دعم ومساندة، ركّزت من خلالها على أهمية المرحلة السياسية وبالتالي أهمية دور الشباب.
الخروج الجماعي الذي جرى بشكل عفوي شكّل علامة فارقة حتى مختلفة عن يوم الأرض، الحضور الشبابي الذي عبّر عن غضبه تجاه الاعتداء على المقدسات ورمزيتها الوطنية السياسية هو غضب حقيقي ناتج عن أوضاع وعن احتجاج نمط حياة كامل وبهذا معنى آخر.
الانتفاضة والخطاب الفلسطيني الذي ساد طوّر وعيًا وطنيًا قوميًا صلبًا هي محطة تاريخية مفصلية، حيث عزز هذا الخطاب انتماء الشباب مع القضية وبالتالي ممارسة فلسطينيتهم حيث عبر ذلك عن ازدياد الوعي الجماعي لمعاني الدولة اليهودية وخطورة ذلك علينا كشعب وعلى الشباب خصوصًا.
يمكن القول إنه كان هناك درس سياسي من التجمع للشباب حول تأطير ثقافة المقاومة والتي دفعت بها نحو تأطير شكل الثقافة في قالب صلب، يقوم على الوحدة، والتفكير المشترك في فرض تحديات جديدة صدامية مع هذا الواقع المركب.
الحالة السياسية التي دفع بها التجمع بما تمثل من دور قيادي وشبابي في الانتفاضة كانت تبرهن أنها تمثل حالة رفع، وداعم أساسي شعبي يشكل حصانة لمستقبل الشباب، وبالتالي تزيد من ترابطهم بالقضية وتولّد لديهم طاقة إيجابية في التعامل والتعايش، لأنها فعل إيجابي ضد كيان سلبي وهو ما يتمثل في ثقافة المقاومة.
تجربة الإنتفاضة أعطت دفعة إلى الأمام وميّزها خطاب مختلف، خطاب يعزز الهوية القومية ويطالب بمواطنة كاملة، أدرك الشباب أن في طرح التجمع تحدٍّ لهذا الواقع وأرادوا التمسك به. الانتفاضة أفرزت جيلا جديدًا من الشباب مرتبط بالقضية وبالمقابل أدركت المؤسسة الإسرائيلية أن هذا الجيل مستعد بأن يدفع الثمن دفاعًا عن القضية، وكان ردها بتكثيف مشاريع الأسرلة التي تهدف إلى تقويض هوية هذا الجيل وأبرزها التجنيد والخدمة المدنية الأمنية. أدرك الشباب أهمية التمسك بخطاب التجمع وأهمية الانحياز إلى النضال الشعبي.
للتجمع دور هام في الحفاظ على خطاب وطني في أوساط الشباب منذ تأسيسه، ولكن خلال انتفاضة القدس والأقصى عمل بجهد كبير على توعية الشباب وناضل لتحصين الشباب من كل مشاريع الاختراق وسعى التجمع إلى خلق جيل يعتز بانتمائه وقضيته. التجمع أول من حذر من مؤامرة التجنيد والخدمة المدنية ونشر مواد توعوية حول الموضوع بالإضافة إلى عقد مؤتمر خاص ضد كافة أشكال التجنيد، لهذا مقولة سياسية واضحة أن النضال الوطني يحصّن بالدرجة الأولى الشريحة المستهدفة وهي الشباب. كما ساهم التجمع في ترسيخ جذور القضية لدى الشباب والحفاظ على ذاكرته الجمعية، كما أسس التجمع إلى حصانة شبابنا من مشاريع أسرلة التي استهدفت بالدرجة الأولى النيل من هوية وثقافة شبابنا.
برز التجمع مؤخراً في العام المنصرم في التصدي إلى كافة اشكال التجنيد والخدمة المدنية من خلال "لن أخدم جيشكم"، حيث نجح في ابتكار سبل نضالية جديدة استطاعت اختراق مجموعات مستهدفة من المؤسسة الإسرائيلية. وعليه كان العمل متنوعًا إعلاميًا ميدانيًا ومشتركًا مع حراكات شبابية أخرى مناهضة للتجنيد. حاول التجمع من خلال حراك "لن أخدم جيشكم" كسر دوائر لم نعتد عليها، والتي بقيت لفترة خارج دائرة التأثير الوطني كالمدارس، شريحة المعلمين، كشافات، مجالس طلاب، مجموعات كنسية، مراكز جماهيرية.
التجمع يدرك أن معركتنا على الوعي والهوية وعلى الشباب أن يدركوا أهمية تدعيم دورهم القيادي في هذه المرحلة السياسية المختلفة والخاصة، وأن يترجموا دورهم في مقاومة كل محاولات المؤسسة في إبعاد الشباب عن العمل السياسي والوطني وأن يكون الرد أقوى في الحفاظ على التجمع ومشروعه وعلى فرض نضال شبابي واسع يتناول قضايا شعبنا .
*عضو المكتب السياسي للتجمع الوطني الديموقراطي
[email protected]
أضف تعليق