أكد إمام وخطيب المسجد الحرام، الشيخ صالح بن محمد آل طالب، أن "أياماً عاصفة مرت وقرارات حازمة سرت أعقبتها بحمد الله عيون بالنصر قرت وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم، فالحمد لله على ما أولى، والشكر له على ما وفق وأسدى، أظهر الله قوة السنة والإيمان وضعف الشر والظلم والعدوان".
وبين في خطبة الجمعة التي ألقاها في المسجد الحرام بمكة المكرمة أن المملكة لم تكن يوما داعية حرب وليس في تاريخها تجاوز أو عدوان، ولكن إذا لم يكن إلا الأسنة مركبا فما حيلة المضطر إلا ركوبها. قادت المملكة التحالف المبارك لإحقاق الحق ودحر الباطل حراسة للمقدسات وحماية لبيضة المسلمين وانتصاراً لأهل اليمن المضامين، فحقق الله المراد وبارك في الرجال والعتاد والحمد لله رب العالمين، أعلنت المملكة بدء العاصفة وأعلنت وقوفها، وملكت بتدبير الله زمام الأمر، ورفعت راية التوحيد والنصر قوة في الموقف وعزة في القرار (ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء).
وقال "أيها المسلمون ومن بركات هذه العاصفة أن تسقي ماء الأمل قلوبا طال صداها، وأوشك ظلام اليأس أن يطويها، فقد رأوا كيف في ليلة بدأت كواحدة من ليال القهر واليأس لكنها لم تنتصف حتى دخلت تلك الليلة التاريخ بما حملت من بشرى وأزالت من ذل وما قلبته من موازين وغيرت من سياسات".
وأضاف "ومع النصر المبين والعلو المكين فإن موقف المؤمن لا يتجاوز نهج سيد المرسلين والذي شرفنا الله باتباع سنته وتحكيم شرعته، كيف وقد قال الله في كتابه محذرا "ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطرا ورئاء الناس"، كما قال سبحانه "إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده"، وقال إن اللافت في آيات غزوة بدر وبعد انتصار النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام لم تأت الآيات بالثناء على البطولات والمهارات بل قال الله في أعقاب ذلك "وما النصر إلا من عند الله"، وقال سبحانه "وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى" وقال "وقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة". وعندما دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة فاتحا منتصرا يحوطه أصحابه في جلال وتسير من بيديه كتائب الفرسان وكرام الرجال، وقد دانت له مكة وأشرافها دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة على ناقته وهو يقرأ الفتح. وقال محمد بن إسحاق حدثني عبدالله بن أبي بكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليضع رأسه تواضعا لله حين رأى ما أكرمه الله به من الفتح حتى إن عثنونه ليكاد يمس واسطة الرحل. وأخرج الحافظ البيهقي عن أنس قال دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح وذقنه على راحلته متخشعاً".
وأشار إلى "إن المؤمن لا يكتفي بالانتصار في معركة واحدة، بل يجب أن تكون حياته كلها نصرا وعزا وغاية النصر الثبات على المبادئ والدوام على مراد الله، وإلا فإن سنة المدافعة قائمة إلى يوم الدين، وصراع الحق والباطل دائم مادامت الدنيا، "وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين" إلا أن وعد الله الذي لا يخلف ونصره الذي لا يتخلف أن العاقبة للمتقين "إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد"، ومهما كانت الأمور فإن الختام المحتوم "ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين أنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون)".
وأضاف إمام الحرم "إنه إيمانا من هذه البلاد وحلفائها بمقصدهم الشريف في تحقيق الأمن لبلاد اليمن العزيز ودحر عدوان المعتدين وإزالة الخطر المحدق بالأمة المسلمة ومقدساتها فحسمت الخير لليمن وحيث تحقيق المراد فلا طمع في مزيد حرب أو قتال، وقد بدأت إعادة الأمل للشعب اليمني الكريم بارك الله الجهود وحقق الأماني والحمد لله رب العالمين، وفي هذا يظهر شرف مبادئ المملكة في إنهاء عاصفة حققت مرادها في أقل من شهر، وأوقفت العصف عند تحقق المراد، لقد كشفت الأحداث زيف المبطلين وأظهرت عوار المفسدين والحمد لله رب العالمين، يا أيها الملك الذي لنداء صنعاء انتهض من بعد ما طال البلاء وهد جنبيها المرض وشكت عروبة أهلها عجما أرادوها غرض لم يدركوا أن الشريف هناك يرفض من رفض فوثبت تنقض غزلهم حتى تهلهل وانتقض وأنخت كل مطية لعداته حتى ربض".
[email protected]
أضف تعليق