يبدو بأن عمل المرأة لم يحزم بعد، فما زال أمرا شائكا ويحوم حوله الكثير من التساؤلات حول ضرورته، وكأنه مجرد ترف وبطر، فلم يزل في بعض بقاع الأرض غير مشروع وممنوع.
اسئلة كثيرة طفت في خاطري وانا أقرأ قصة المرأة الصيعيدية «صيصة أبو دوح» التي عاشت 43 عاما بملابس الرجال حتى تستطيع أن تعمل وتنفق على ابنتها «هدى» بعد أن مات زوجها.
تجمع قصة صيصة العديد من السيدات، فبعد أن توفي زوجها وتركها حاملا، اضطرت للعمل حتى تجد قوت يومها، الا انها تغلبت على العادات والتقاليد التي تمنع عمل المرأة بأن ارتدت ملابس الرجال، وبدأت تخرج للعمل بعد أن أنجبت مولودتها الوحيدة «هدى»، وعملت في صناعة الطوب اللبن يدها بيد الرجال، وبعد سنوات من التعب، قررت أن تعمل بمهنة لا تكلفها سوى قليل من الجهد، لتكون مهنة مسح الأحذية لتعول هذه المرة ابنتها هدى واحفادها بعد أن أصبح زوج ابنتها عبد الحميد عيد غير قادر على العمل بسبب المرض.
ولم تجد «صيصة» أمامها إلا السير في طريق الكفاح والعمل، واستحقت بذلك لقب «الأم المثالية المعيلة» والتكريم من قبل رئيس دولتها مصر وهي ترتدي ملابس الرجال ايضا.
يبدو ان مجتمع «صيصة» اصر ان يبقي عمل المرأة محرما، وامام هذه المعضلة لم تنتظر صيصة تفعيل القوانين التي تكفل عمل المرأة ان تصبح في حيز التنفيذ، فالوقت ليس في صالحها، ولم تنتظر تذيل العقبات امامها لتخترق المجتمع الذكوري، فهنالك افواه سئمت الجوع، وايدي تعف عن طلب الصدقة فجاء قرارها المصيري بالعمل لتسد ضروريات الحياة من عملها بكرامة رافضة ان تكون عالة على احد.
تستحق « صيصه أبو دوح « كل التحية والتقدير، وهي التي استطاعت ان تثبت كم تستطيع أن تكون المرأة مراوغة وثائرة في الحق، دون ان تنتظر تقبل المجتمع وتشجيعه ومساندته لها في حقها في اعالة اسرتها. فتحية لهذه المرأة التي تمثل كفاح ونضال النساء الذي لا ولن ينتهي.
[email protected]
أضف تعليق